تردد صوت بكائه في الغرفة التي لم تمنع مقتنياتها البسيطة رجع صداه في أرجائها، بكاء حار ممزوج بالألم.
في إحدى زوايا الغرفة تقبع في السكون مروحة عتيقة موصولة ببطارية مهترئة. على قطعة قماش مربوط طرفاها أسفل سرير بال وضعت أم غياث وليدها و أخذت تهدهده علها تستجلب له السكوت الذي لم يزر طفلها منذ أصبح جسده الصغير ذو البشرة الرقيقة فريسة التسلخات من شدة لهيب الحر.
كسر صوت بكاء الطفل في الغرفة بضع طرقات على الباب فنهضت مسرعة تفتح لابنتها ليلي الباب فقد حان موعد عودتها إلى البيت.
ارتسمت على وجه أم غياث ابتسامة مرهقة و هي تستقبل ابنتها بينما تدافع أخوتها الثلاثة الصغار إليها يفتشون عن ما أحضرته لهم لوجبة الغداء.
ليلى الصغيرة في مقتبل العمر أصبحت العائل الوحيد لأسرتها بعد وفاة والدها إثر غارة استهدفت زوارق الصيادين في بحر الحديدة و الذي كان هو من ضمنهم.
بينما كانت تعد الطعام لأخوتها و أمها المريضة فتحت ليلى المذياع و انتبهت لكلام المذيع حين ذكر الحديدة فاستمعت إليه بإنصات و هو يقول: الحديدة المحافظة المنكوبة و التي كانت و لا تزال تعيش الوضع الاقتصادي الأردى على مستوى الجمهورية تعاني اليوم من موجة حر شديدة و خانقة تصل الحرارة فيها الى الخمسين درجة و في ظل انقطاع الكهرباء منذ عام و نيف على اليمن من قبل دول تحالف العدوان تعيش الحديدة هذه الأيام مأساة حقيقية بعد ما قام به تحالف العدوان من منع دخول مادة المازوت لتزويد محطات الكهرباء بها.....
سرحت للحظات و عادت تسترجع صور طلابها في الصف الثاني الإبتدائي اليوم و قد خلع الجميع قمصانهم علهم يلطفون الحرارة المتقدة التي كوت أجسادهم الصغيرة...
و في المساء و على ضوء القمر الخافت علا صوت بكاء غياث مجددا فنهضت ليلى تحاول تسكين آلامه و مداواة جراحه و هي تسأل نفسها في تحسر و أسى" هل ستنتهي معاناتكي يا مدينتي الحبيبة،،،، متى يا ترى؟؟!!"
31-5-2016