أهديتني و اجزلتني العطاء .... فتنعمت في هباتك .... و نهلت من خيراتك .... عرفتني منذ أتيتك طفلا ...... فشملتني بالرعاية و طاب عيشي من فيض جودك ..... أتنفس أريج عبيرك .... أرتوي من زلال معينك و آكل من خيرات أراضيك ..... فنما حبك و أزهر بين ضلوعي .... خالط أنفاسي ..... سرى في شراييني ..... خفق به فؤادي ....
يا عزفا سرمديا في حشايا مهجتي ..... و يا نغما شجيا في حنايا خافقي ....... تتلوك روحي في صحوي و في سهوي ..... في كلامي و في صمتي...... في فرحي و شجوني ..... في ديدني و سكوني ...... في أصائلي و إبكاري ..... في خيالاتي و جنوني ...
فهل تراني سأكون من الجحود لأسدل عنك ناظري و أدع أيادي العبث تسقيك آلاما و تطعمك كمدا و قهرا .... أم أكون من الأنانية بأن أدير ظهري عنك و أسبح في نعيم الأنا متغافلا و متناسيا ..... كيف لي أن أطيق سماع أناتك .... و زفرات أوجاعك .... كيف لي أن أرى الحزن يلف أرضك و يطوق سماءك ..... كيف لي أن أتحمل رؤيتهم يلطخون بهاءك و يميتون أحبابك ..... كيف لي أن أكون ممن أرادوا بيعك .... ممن صارحوا بجرم خيانتك
.... ها أنا أتيتك موطني .... حاملا روحي في يدي .... مخضبا جبيني بالولاء .... متعهدا بالفداء .... متوعدا بالويل ثبورا و و بالهلاك و البلاء لمن تجرأ و فكر في تدنيس بسيطتك و تلويث هوائك ..... هم هناك الأوفياء جميعهم حولك ضاغطين بأيديهم على زند بنادقهم ينكلون بأعدائك ..... هم قد خلفوا كل شيء ما عداك و أتوك ... كيف لا و هم يحيون يتمرغون في نعماء ثراك و كرم عطائك .... كيف لا و حبك من المولى قد زرع في جوانحهم و تشبعت به نفوسهم .... فهل ستقبل روحي إن هي سافرت في عليائك و تحررت من سجن الجسد ..... و طارت تلثم حجرك و شجرك و حبات رملك .... ثم تهدي عشقها لمن خلفتهم وراءها في ميادين الذود عنك فيزدادون فيك تلاحما و دونك سدا منيعا لا تسطيع قوى الكون هزه ..... أعرف انك بهم تفاخر ..... و بهم الأمم تباهي .... فهل لأحد غيرك أمثال النجباء من أبنائك .... فهم كالأسد ينهشون
من ساورته نفسه المساس بك .... نذروا أرواحهم لك ..... فأنا اليماني حامي حماك ..... سأبقيك دائما حرا أبيا ما دام في قلبي نبض و في عروقي دماء... و يبقى على عهدي رفاتي ....