يوم جاء سلمان لحكم السعودية استمر كسابقيه في استشارة مشعوذي البلاط الملكي، وهي عادة متأصلة في جميع طائفة اليهود، لذا حاول بقدر المستطاع أن يحافظ على كرسيه الذي قيل له إنه لن يستقر! جاء بابنه «مبس» الذي تفرس فيه أنه سيكون مناسبا أكثر منه، فالعاهل الضعيف كان يعرف بكثرة لهوه وعدم اكتراثه بشيء، ولكن حظه العاثر جعله ينشغل بأمور لم يكن يحبذ أن يتقلدها، وقد كان أن استحدث لابنه منصب ولي ولي العهد، ليقربه من منصب الملك أكثر، وليحظى بالراحة ويتفرغ لنفسه وملذاته، ولكن ما لبثت شهية ابنه أن انفتحت بعدما أقنع الأمريكيين بأنه الأنسب لتولي هذا المنصب، فأزاح محمد بن نايف الذي انخرط في سباق محموم معه على كسب رضا الأمريكان، وأخيرا انفرد «مبس» بالأمر.
للأمور هذه أصولها، ولكن محمد بن سلمان كان طفلا مدللا طوال سني حياته. وفي ظل تلك التربية التي حظي بها -كما أخبر هو- على يدي خادمة إثيوبية من أصول يهودية، فكان من الطبيعي أن يجهل الكثير من الأمثال والحكم العربية، كما أن بعده عن الدين جعله فريسة لشهواته ورغباته التي كبرت حتى أعمت بصيرته، وها هو يتغول على أبناء عمومته الذين كانوا أكثر الناس قدرة على الحفاظ عليه، خصوصا والسعودية انتهجت سياسة تنفيذ ما يطلبه الأمريكان على طول الخط، وهذا ما جعلهم يخسرون خط الدفاع الأول، وهو شعوب المنطقة، ومؤخرا فقدوا أيضا دعم الجماعات التكفيرية التي طالما ساندت بني سعود، وتحولت أسرة «آل الشيخ» إلى متعهدة حفلات وترفيه!
بمعنى أن «مبس» -زاده الله ضياعاً- قد خسر كل عناصر الأمن لبقاء حكمه، فلا جوار ولا تيار ولا أسرة بقيت له مقابل محاولاته البائسة لكسب الأمريكان إلى صفه، مع العلم أن من سبقوه كانوا يحظون بدعم الأمريكان دون أن ينكشفوا بهذه الصورة التي جعلته عرضة للابتزاز في أي وقت! لو كان للحمق حدود فإن «مبس» قد كسر كل الأرقام القياسية في هذا الجانب، وأصبح بقاؤه مرهوناً بمزاج ومصالح الأمريكان، الذين يمكن أن يتخلوا عنه في أي لحظة، وربما حتى الأمريكان لن يستطيعوا أن ينقذوه في حال نجحت إحدى محاولات الانقلاب عليه من الداخل، وهي برأيي محاولات لا تحتاج الكثير من الدعم والحظ لنجاحها، كونه قد أصبح مكشوفا كما سبق وأشرنا.
اعتقاله لأعضاء من الأسرة لن يكون آخر هذه الخطوات الحمقاء، وقد خسر عمقه الاستراتيجي والشعبي وأخيرا العائلي، ومشاكله الاقتصادية لن تحل أبداً طالما وشهية الأمريكان مفتوحة، ومشاكله مع الجوار لن تحل طالما وهو يعتمد على «الإسرائيليين» في تنفيذ سياساته، ومشاكله مع شعبه لن تحل بإباحة الخمور وفتح المراقص والمزيد من التطبيع، ولو كان يقرأ التاريخ لوجد أن شاه إيران، قد فعل أكثر من هذا سابقا، لذا فمصيره لن يكون أفضل من مصير شاه إيران، الذي لم يجد مهربا من ثورة شعبية أطاحت به، وفي الأخير لم يقبل حلفاؤه الأمريكان حتى أن يحط بطائرته على أراضيهم!
ونحن نشاهد هذا الموت البطيء لهذا الكيان الدخيل على المنطقة والذي اسمه «قرن الشيطان»، وانكساره بداية النهاية لقريبه الشيطاني الذي يقبع في فلسطين. لن يطول الأمر، صدقوني، مهما حاولوا، فبالعودة للإحصائيات والتقارير خلال السنوات الماضية يتأكد لنا أن ما نشاهده هو عملية سقوط نظام بني سعود. وأما لماذا تأخر هذا السقوط فهو لكي يصل المستضعفون إلى مستوى معين، وبوصولهم إليه سنشاهد العجب، صدقوني، يومها سنتذكر كل ما حصل ونعرف لماذا وكيف حصل. والعاقبة للمتقين.
* نقلا عن : لا ميديا