ليس هناك من أحدٍ في الغرب له أيادٍ بيضاء في بلادنا حتى وإن أدعى ذلك.. من برلين إلى روما الى مدريد إلى أوتاوا الجميع أيديهم ملطخةٌ بدماء اليمنيين بصورةٍ أو بأخرى..
من لم يتدخل بشكل مباشرٍ في قتلنا كما يفعل الأمريكان والبريطانيون فإنه إما يقوم بتدريب السعوديين ودعمهم لوجستياً أو أنه يمدهم بأسلحة القتل والموت التي دمرت بلادنا وقتلت أطفالنا..
ناهيك عن الغطاء الدولي الذي يوفره الغربيون لقوى العدوان من الأمم المتحدة الى دهاليز مجلس الأمن وفي كل محفلٍ دوليٍ له علاقةٌ بما يجري في بلادنا..
أوتاوا عاصمة كندا التي ظننا في يومٍ من الأيام أنها قررت أن تغادر المربع الأسود للصمت على جرائم أحفاد الشيطان في بلادنا فإذا الحقيقة تكشف أن لا علاقة للموقف الكندي الذي ظنناه مشرفاً يومها بحقوق الانسان ولا بالضمير الحي وانما هي محاولةٌ للإغراق في المصالح مع السعوديين..
قبل سنواتٍ أعلنت حكومة جاستن ترودو رئيس الوزراء الكندي أنها ستوقف صادرات الأسلحة الى السعودية في أعقاب اغتيال الرياض للمواطن السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول..
حينها قالت الحكومة الكندية أن إيقاف صادرات الأسلحة الى السعودية يأتي أيضاً لأن الرياض مستمرة في استخدام واردات الأسلحة الكندية في قتل اليمنيين..
يومها ظننا أنه موقفٌ انسانيٌ من حكومةٍ غربيةٍ شذَّ عن مواقف الأمريكان والبريطانيين وبقية الغربيين..
لكن الحقائق اليوم على الأرض تؤكد أن الأمر لم يكن أكثر من دعاية انتخابية داخلية وأكثر من ذلك محاولةٌ لفرض قواعد جديدة للتعاون مع السعوديين بشروطٍ جديدة تضمن أكبر قدرٍ من المصلحة للحكومة الكندية ولو كان ذلك على حساب شعبٍ وأمةٍ وموقف زورٍ وقفوه باسم الإنسانية..
يقول موقع “نيوز24 الفرنسي” بأن تقارير جديدة لـ”مجموعة الأدلة الدامغة” يظهر حركة غير عادية لصادرات الأسلحة الكندية الى السعودية خلال العامين المنصرمين..
يؤكد التقرير بأن أوتاوا رفعت تجميداً محدوداً لصادرات الأسلحة الى الرياض كانت وقعت عليه نهاية العام 2018 وأنه بموجب رفع هذا الحظر وقعت كندا عقوداً لصفقات أسلحة للرياض بقيمة 15 مليار دولارٍ كندي..
الجريمة الأكبر من استئناف عملية تصدير الأسلحة الى مجرمي الحرب السعوديين والاماراتيين من قبل الحكومة الكندية هو تبرير هذه الجريمة والتعامي عن إمكانية استخدام هذه الأسلحة في قتل المدنيين..
على هذا الصعيد خلص استعراضٌّ حكوميُّ كندي للتصدير إلى انه “ليس هناك من خطرٍ كبيرٍ” من استخدام هذه الأصول العسكرية لارتكاب أو تسهيل انتهاكات للقانون الدولي لحقوق الانسان أو لحقوق الانسان أو العنف القائم على نوع الجنس”..
أليست الحكومة الكندية ذاتها والتي يرأسها ذات رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو هي من قالت في نهاية العام 2018 بأنها أوقفت صادرات الأسلحة الى السعودية بسبب جرائم الحرب التي ترتكبها قوى العدوان بحق اليمنيين..
هكذا يكيف الغربيّون القوانين المحلية والدولية ويفسرونها كيفما شاءوا ولو كان ذلك على حساب آلام أممٍ وحياة شعوب..
تقول الحكومة الكندية ان لديها أحد أقوى نظم مراقبة صادرات الأسلحة في العالم وأن احترام حقوق الانسان مكرسٌ في تشريعاتها وفق تصريحٍ حديثٍ لوزير الخارجية الكندي..
لكن المدير التنفيذي لمشروع “بلو جشاريس” الكندي يقول بأنه وخلافاً لما تقوله الحكومة الاتحادية الكندية فإن أوتاوا لا تزال تتجاهل التزاماتها الدولية تجاه معاهدة الاتجار بالأسلحة وتمد مجرمي الحرب السعوديين والإماراتيين بأسلحة دقيقةٍ تستخدم لا محالة في استهداف المدنيين في اليمن..
وفق لتقرير مجموعة الأدلة الدامغة فإن كندا حلّت العام الماضي في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة في حجم صادرات الأسلحة الى السعودية..
هكذا يكيف الأوربيون ضمائرهم وقوانين حقوق الانسان وفق مصالحهم ولا حقيقة على الإطلاق لما يدَّعونه من التزامٍ بحقوق الانسان أو مقاطعةٍ لمجرمي الحرب أو التزامٍ بالقوانين الدولية والانسانية.
* المصدر : السياسية