يقول مجندون سودانيون عادوا من اليمن بأنهم يرون ان ما يجري في بلادهم اليوم هو صورةٌ مما رأوه في اليمن وأن الأساليب التي تدار بها الحرب في السودان اليوم هي ذاتها التي شهدوها في اليمن.
لم يكن رئيس المجلس العسكري الحاكم في السودان اليوم سوى احد امراء الحرب على اليمن والذي اتى الى اليمن كقائدٍ للقوات السودانية التي تحارب مع السعوديين والاماراتيين في بلادنا.
لاحقاً وجدت الامارات امير حربٍ آخر اكثر طواعية بالنسبة لها ويناسب انحدارها الكلّي انسانياً وقيمياً واخلاقياً فكان ان تخلت عن اللواء عبدالفتاح البرهان تدريجياً ثم انقلبت عليه كليّاً بعد ان عاد الى السودان رئيساً للمجلس العسكري هناك.
وجد هذا العميل نفسه اليوم يحترق بنيران الشيطان الذي باع نفسه له.
الشعب السوداني هو المغلوب على امره في كل المراحل بدءاً بمرحلة التدخل العسكري في اليمن الذي يرفضه اغلب السودانيين مدنيين وعسكريين وصولاً الى الحرب الأهلية التي تطحن السودان اليوم والتي يمثل امراء الحرب على اليمن سابقاً طرفيها المتناحرين.
ظن عبدالفتاح البرهان انه بمجرد مغادرته لمربع الحرب في اليمن يصبح قد قفز من سفينة العدوان الغارقة وأن بإمكانه ان يبدأ مشواراً جديداً يصبح فيه القائد العسكري الأوحد في السودان.
أوهامٌ بعثرها نائبه الذي حلَّ مكانه في اليمن عبر قيادته لقوات الدعم السريع الذي تعاظم شأنها بعد ارسل جنجوديه الى محارق الموت في بلادنا دفاعاً عن السعوديين والاماراتيين.
ليس ذاك فحسب بل باع جنود الجيش السوداني للرياض وابوظبي بتذكرة ذهابٍ بلا عودة حتى ان الكثير من الأسر السودانية اشتكت من فقدان الاتصال بأبنائها المجندين في بلادنا والذي اتضح لاحقاً انهم قضوا في اليمن فتم دفنهم في مقابر جماعية في السعودية او ان جثامينهم لم تعد من ارض مقبرة الغزاة بالأساس.
قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو الذي حلّ محل البرهان كأداة بيد الإمارات في اليمن لم يقف طموحه عند هذا الحد بل أراد ان يقصي البرهان ايضاً من قيادة المجلس العسكري الحاكم في السودان ليحل محلّه في انقلابٍ عسكري غير مكتمل ثمرته من نراه اليوم من حربٍ استنزافية في شوارع الخرطوم وبعض المدن السودانية المهمة.
تؤكد “صحيفة نيويورك تايمز” الامريكية ان ابوظبي هي اللاعب الرئيسي في ما يجري اليوم في ارض السودان من حربٍ اهليةٍ استنزافية تبدو كصراع الافاعي التي تأكل بعضها.
الحرب الاهلية في السودان تختلف عن بقية الحروب لأنها حربٌ شوارع الهدف الرئيسي فيها ليس تحقيق السيطرة على الأرض بل القضاء على الخصم.
إذن هي حربٌ تهدف بحسب داعميها إما للتخلص من احد اطراف الصراع الذي كان يوماً اداةً بيد ابوظبي او ان الهدف القضاء على الطرفين معاً ولكن بعد انهاكهما اذ لم يعد لهما احتياجٌ وربما شكّلا عبئاً على الموقف الأخلاقي والإنساني في الملف الاماراتي المثخن بالجرائم عابرة الحدود.
يستخدم الاماراتيون في السودان اليوم ذات الأساليب التي استخدموها في بلادنا لإدخال الأسلحة وشراء الولاءات وإدارة المؤامرات والدسائس..
الغطاء الإنساني احد اذرع الامارات العسكرية الذي تتولاه مؤسساتهم العاملة في المجال الإنساني ففي الوقت الذي تدعي انها تقدم مساعدات إنسانية إلا ان عملها استخباريٌّ عسكريٌّ بحت.
تنقل نيويورك تايمز عن مسئولين سودانيين ان ابوظبي تدير اليوم عملية دعمٍ لأحد اطراف الصراع في إشارة الى قوات الدعم السريع تحت غطاء المساعدة الإنسانية في اجلاء جرحى الحرب.
ووفقاً للتحقيق الذي أجرته الصحيفة الامريكية فان ابوظبي تستخدم قاعدةً عسكرية لها على الحدود السودانية في دولة “تشاد” المجاورة لهذا الغرض.
وفي التفاصيل تقوم مروحيات عسكرية تتبع ابوظبي بنقل جرحى قوات الدعم السريع لتلقي العلاج اما في القاعدة العسكرية او تسفيرهم الى دولٍ أخرى وبالمقابل فإنها تنقل عبر تلك المروحيات أسلحة وذخائر وصواريخ محمولة على الكتف الى الداخل السوداني.
هكذا اذن تتكرر الصورة وتتشابه أساليب الغزاة من اليمن الى السودان الى ليبيا وهكذا يدفع السودانيون اليوم ثمن ذنب لم يقترفوه لكن قادتهم العسكريين يكررون ما فعلوه في اليمن.
* نقلا عن :السياسية