مثّلَ اغتيالُ الإعلامية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة رواية إضافية للرأي العام العالمي تلخص حقيقة الكيان الصهيوني الغاصب، وَتظهره بأوضح صورة كعدو وحشي وهمجي للإنسانية بجميع تفاصيلها وَبمختلف أشكالها، وَمجرم فشلت في تحسين صورته كُـلّ أساليب الدجل الإعلامي والنفاق السياسي الدولي، لا يفرّق بين الألوان والطوائف والجنسيات والمعتقدات، كما لا يتورع في إطلاق النار على جسد الأعزل، بل وإعدامه عن سابق ترصد وبدم بارد.
لم تكن شيرين أبو عاقلة إلَّا ضحية جديدة أدرجت إلى قائمة مطولة من شهداء الكلمة الذين سقطوا برصاص العدوّ الصهيوني منذ نشأته على الأرض العربية، وسجله الأسود يعج بأسماء ودماء مئات المثقفين والإعلاميين الملتزمين بقضايا الأُمَّــة في كُـلّ مكان، سواء داخل الأرض الفلسطينية المحتلّة أَو خارجها، وَما حدث لغسان كنفاني في بيروت، أَو ناجي العلي في لندن، وحنا مقبل في قبرص إلَّا نماذج لهذه المنهجية التي يتفرد بها هذا الكيان المجرم.
اغتيلت شيرين والهدف طمس الحقيقة والقضاء على الفكر الفلسطيني الحر، حدث ذلك أمام العالم ومنظوماته وَهيئاته، لم يهب القتلة قوانين الصحافة والإعلام ولا تشريعات حقوق الإنسان وَأخلاقيات الحروب، جريمة بينت مدى استهتار الكيان الصهيوني بالرأي العام العالمي وبالقيم والأعراف الدولية.
وَلحق اغتيالها حملة صهيونية شرسة على مخيم جنين في ظل غياب للمراسلين والعدسات، من هنا يمكن تفسير دوافع الجريمة، وما أشبه ما يحدث للحقيقة في فلسطين بما حدث وَيحدث لها في اليمن، ذات السلوك الإجرامي الذي يرى في الصورة والكلمة شاهداً على مجازره وجرائمه، ويسعى بكل السبل إلى قمعها وَإسكاتها، ولا غرابة إذَا ما دققنا كَثيراً في الصورة فسنجد المشروع الصهيوأمريكي القاسم المشترك في تفاصيلها مع اختلاف الأدوات.
تناغم يذكرنا بواحدية العدوّ الذي نواجهه، وَيحتم علينا النظر إلى أنفسنا ككل متماسك في مواجهته وعملائه، وأبعد من مساندتنا للمقاومة إعلامياً يجب أن نعمل على كشف المتآمرين عليها وتعريتهم أمام الشارع، وكذلك العمل على تكامل الجهود الإسلامية والعربية والدولية لتحقيق العدالة ومحاسبة قادة الكيان المحتلّ على هذه الجريمة وكل الجرائم التي ترتكب يوميًّا على امتداد الأرض العربية.