كان مهرجان “العودة إلى المدرسة” أحد العناوين التي تمثل صمود الشعب في وجه العدوان، خاصة بعد أن عمد العدوان لسنوات إلى قصف المدارس والمؤسسات التعليمية، وحتى أدواته من “قاعدة” و”داعش” -كعادتهم- تتبعوا الأطفال إلى المدارس بحثا عن “غلمان”، وعندما لم يجدوا فيها أحدا اتخذوها مقرات ومخازن للسلاح ومبولات لأوباشهم! فأين مهرجان العودة إلى المدرسة اليوم؟!
لقد مثل التعليم والمعرفة هاجسا للسعودية منذ زمن بعيد، فعمدت إلى إفساده من خلال المنح التي كانت توزع على تنظيم الإخوان في الماضي بهدف السيطرة على عقول أطفال اليمن لضمان تبعيتهم لأهداف اللوبي الوهابي. كما تدخلت الحكومة السعودية لدعم طباعة الكتب المدرسية لضمان ألا يرتبط الطالب اليمني بتاريخه وهويته، وألا يتسلح بالعلم الذي كان يمكن أن يمثل سببا في نهضة اليمن واستقلاله، وفي ظل وجود حكومة فاسدة لا تهتم سوى باستجداء المساعدات. لذا كان من الطبيعي أن تمثل المدارس هدفا رئيسيا للعدوان وأدواته.
بالرجوع لكشوفات وزارة التربية والتعليم القديمة يمكن أن نلحظ أن التوظيف فيها كان يخضع للمحاصصة بين الأحزاب، وكان من الطبيعي أن تجد شخصا جاهلا في منصب موجه؛ فالمهم انتماؤه للحزب الفلاني! وفي مرحلة سابقة استطاع “الإخوان” أن يأخذوا النصيب الأكبر من الوظائف في هذه الوزارة لكوادرهم. ولأنهم وجدوا من أجل التخريب فقد وصل التعليم في بلدنا إلى أسوأ حالاته، بينما تم نقل وظيفة التعليم لرؤوس الأموال، وبذلك تنافس قادتهم على فتح المدارس بهدف التكسب لا بهدف التعليم!
نحن اليوم في مرحلة ما بعد الثورة، ولا نعرف لماذا ما يزال الموضوع هامشيا، رغم أهميته البالغة! نحن كآباء وأمهات كنا نعول أن يشهد التعليم نقلة نوعية، خاصة ونحن خلال ثورتنا ضد الفساد عملنا على تسليط الضوء على هذا الأمر الجوهري الذي سيضمن لليمن مستقبلا أفضل. ومع معرفتنا بصعوبة الظروف الاقتصادية التي نمر بها، ولكننا على الأقل توقعنا أن يحافظ مسؤولونا على مستوى التعليم الموجود، مع محاولة التقدم ولو بخطى صغيرة شيئا فشيئا؛ ولكن هذا لم يحدث!
ما تزال مدارسنا تعمل على تخريج “التنابل”، وما يزال المدرسون يعانون، وما تزال المدارس الخاصة تعربد وتثقل كاهل الآباء والمدرسين على حد سواء! ما تزال المناهج تنتظر التغيير المنشود، وما يزال الطلاب يعانون من الإهمال. والتوعية بأهمية التربية تعاني من قلة التوعية! والموضوع ليس صعبا لو وجد الإصرار، فيمكننا أن ننشئ مهرجانات لحشد الطاقات، وإشراك المجتمع في عملية التعليم عبر سن قوانين لدعم عملية التطوير، وتقليل الحشو في المناهج، والتركيز على المواضيع الفاعلة التي تضمن وقف المعاناة وتأهيل طلاب العلم لضمان النتائج.
لو أردنا ضمان المستقبل فعلينا بالتعليم، ولو أردنا القضاء على الفساد والسلبيات فعلينا بالتعليم، ولو أردنا تصحيح أوضاع البلاد والعباد فعلينا بالتعليم... نحن رغم سلبيات الماضي نجونا، فكيف نرضى أن يعاني أطفالنا من الظلم ذاته؟!
أنا مع تأميم الدولة للتعليم وأدواته واحتكارها. لماذا عندما يصبح الحديث عن التعليم لا نشعر بواجبنا وأهميته؟! لماذا عادت فكرة “المهم أن ينجح” و”المهم الشهادة” إلى ثقافتنا مجددا؟! هم طلاب علم لا طلاب شهادات! أنقذوا التعليم، وأنقذوا أجيالنا من الجهل، فعلى الأقل نضمن ألا يكونوا مثلنا!
* نقلا عن : لا ميديا