من جديد لم يتوان أبواق العدوان عن الهجوم على أي تحرك لإصلاح الأوضاع في مؤسسات الدولة، ولم يتوان أيضا الكثير منا عن ترديد ما يقال دون وعي أو تيقن مما سمعوه، رغم أن الأمر بغاية البساطة ولن يأخذ وقتا طويلا للتأكد من صحة ما يقال، بدل أن نجد البعض ينتقد الموضوع بحماس قل نظيره عن موضوع لم يقرأ عنه سطرا واحدا!
فوجئت بالهجوم الشرس من قبل بعض الزملاء ضد المدونة. وللأمانة أني توجست خيفة بعد أن رأيت البعض وهو ينتقدها بحدة حتى انتفخت أوداجه والشرر يتطاير من مقلتيه، واصفا المدونة بأنها صك عبودية وأداة شريرة لتدمير حياة الموظفين المساكين، حتى ظننت أنني أمام كتاب سيئ السمعة يضاهي كتاب «مطرقة الساحرات» في عصور الظلام!
مع ردة فعل كهذه لم أجد بدا من قراءة المدونة. ومنذ بدأت القراءة وحتى آخر صفحة فيها، وأنا أبحث عما قيل عنها من تعبيرات، وفوجئت أنني وصلت إلى نهايتها دون أن أصل إلى ما أبحث عنه! عندها أحسست أن هناك خطأ، واتصلت بصديق لي لأتيقن من المدونة، فأكد لي أنها بالفعل 35 صفحة لا غير!
قرأت المدونة مجددا لعلي أغفلت صفحات منها، وتذكرت النقد اللاذع المتشنج الذي سمعته، وأدركت أن مشكلة المدونة الوحيدة هي أن منتقديها لم يقرؤوا حرفا مما جاء فيها، بل قاموا بنقل ما وصلهم بطريقة النسخ واللصق المعتادة!
المدونة -برأيي- تتحدث عن حلم جميل يناقض تماما ما نراه في المؤسسات والوحدات الحكومية، وهي توضح ما يجب أن تكون عليه هذه المؤسسات في دول متقدمة وليس عندنا، وتتكلم عن علاقات بين الموظف والمواطن، وبين الموظف ورئيسه في العمل، وبين الموظف وزملائه، وكأنها تتحدث عن مجتمع راق ومتوائم، وهي بذلك أسست لتحقيق منجز ثقافي عظيم لم تستطع الكثير من العقول المتحجرة أن تستوعبه.
لن أطيل عليك عزيزي بسرد رأيي، ولكني أنصحك بأن تقرأ قبل أن تبدي رأيا، فلو كانت المدونة هذه تقر باطلا، أو سيئة كما قيل عنها لما وجدنا أدوات العدوان تصفق لهذا الجدل المحتدم. وربما أن ما ساء البعض فيها أنها جاءت لتفضح واقعهم الفاسد وغير السوي بما جاء فيها وأكدت عليه بالآيات والأحاديث النبوية التي تؤكد ما كان يجب أن نكون عليه، وهذا ما دفعهم للهجوم على كل من طلب من الناس أن يقرؤوها، فالجهل عدو غاشم.
ختاما: أرى أن موضوع التطبيق يحتاج دقة وتأنٍّ في طرق التطبيق والتقييم التي وردت في المدونة؛ فرغم وضوحها إلا أن الفاسدين لطالما أدهشونا بطرقهم الاحتيالية في تفسير وتحريف أي توجيه لخدمتهم. وهذه المدونة لو تم تطبيقها وفق الأهداف التي وضعت لأجلها لكانت برأيي من أعظم ما يمكن أن تنجزه حكومتنا الموقرة.
* نقلا عن : لا ميديا