مفهومُ السيادة واستقلال القرار بحد ذاته مفهومٌ عظيمُ التأثير على حياة الناس والأوطان، تنعكسُ آثارُه على الوضع الإداري والأمني والعسكري والاقتصادي والثقافي والاجتماعي… إلخ، والبحث عن معالجات أَو حلول دون تشخيص المشكلة والتحَرُّك لاجتثاثها مُجَـرّد مهدئات مرحلية.
وحين نفتِّشُ عن الفشل في أي موطن فَـإنَّ أولَ وَأبرزَ أسبابه التحكُّمُ وَالإملاءات الخارجية.. ولن تجدَ دولةً تنعمُ بالسيادة غارقةً في الفوضى أَو مأزومة بالاضطرابات، وإن حدثت بشكل مرحلي فبفعل المحاولات الهادفة لتقويض سيادتها واستقلالها، غير أن هناك فرقاً واضحاً بين الأجندة التي تستهدف أي بلد من خارج حدودها، وبين الاستهداف من الداخل سواء بشكل مباشر أَو عبر الأدوات المجندة محلياً.
لذا تشتعل المحافظات الجنوبية على كافة الأوضاع؛ نتيجة التفريط بهذا المفهوم عمليًّا، ونتيجةَ فتح الباب على مصراعيه أمام الخارج بمشاريعه ومصالحه المختلفة والمتضاربة.
وفي جنوب اليمن يتحَرَّكُ الخارجُ بكل وضوح، سواء بشكل مباشر أَو بمعية الأدوات المختلفة، ويقفُ الشعبُ هناك رهيناً لهذه التوليفة من المحتلّين والمرتزِقة الرخاص.
شكراً لله على نعمةِ المنهج الذي وعى بهذه المخاطر واستشعر كوارثَها وَاستحث في الناس التحَرُّكَ للمواجهة قبل أن توغلَ اليدُ الخارجيةُ في تحكُّمِها وسيطرتها.. وعظيمةٌ هي مخرجاتُ الشهادة وتضحياتُ الشهداء على واقع الحال، ومؤسفةٌ هي تداعياتُ التفريط بدواعي السلامة أَو المصالح.
صحيحٌ أن المعاناةَ الاقتصاديةَ والتعثراتِ لا تزالُ شاملةً وعامةً على كُـلّ البلاد، لكنها تختلفُ في آثارها وأسبابها بين المناطق الحرة والمناطق المحتلّة، وهناك فرقٌ بين من يملك القرار والقدرة على معالجة واحتواء أخطائه أَو التحديات التي تواجهه، وبين من لا يملك القدرة على تقرير ما يجب أن يكون عليه حاضره أَو مستقبله.
في المناطق الحرة هناك دولةٌ بمفهوم الكينونة، قد تصيبُ أَو تخطئ، لكنها قابلةٌ لتقييم ومراجعة أخطائها، تسعى بخُطًى مدروسةٍ لتنهضَ ولا توفِّرُ جُهداً في هذا السبيل رغم كم التحديات التي فرضها العدوانُ والحصار، وَبقاء جزء هام وحيوي من الأرض اليمنية مرتعاً للأجندة والمؤامرات التي تمتد آثارُها إلى كُـلّ الجسد الوطني، وهو ما يؤكّـدُ على أن التحريرَ ضرورةٌ وشرطٌ ليتعافى كُـلُّ الوطن وينعمَ كُـلُّ أبنائه ومكوناته بفضائلِ السيادة وَثمارها.