كعادة الكثيرين منا انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي الانتقادات والتصريحات التي شجبت زيارة الوفد العماني لصنعاء، ووصل الأمر بالبعض إلى الدعوة إلى أن نطرد الوفد العُماني، متهماً إياه بأنه يقف مع العدوان! وهذا الرأي المتشنج لا يعتمد على تحليل منطقي، وقائله يظهر أنه لا يتمتع ببصيرة تمكنه من الحكم على الأمور بشكل صحيح، وليعين الله قيادتنا ويمدهم بالصبر على هذا العجين.
يجب أن ندرك أولا أن الأشقاء في عُمان ليسوا مضطرين لهذه الوساطة، وكان بإمكانهم أن يتفرجوا على ما يحدث في بلدنا كما يفعل الآخرون، والدور الذي حملوه على عاتقهم من المفترض أن يكون محل شكر وامتنان من شعبنا، سواء أثمر أم لم يثمر؛ فهم في الأساس يقومون بوساطة بين الأطراف، ولا يتحملون نتائج قرارات هذه الأطراف.
الأشقاء في السلطنة بنوا أنفسهم في صمت، ومنذ عقود لم يسمع أحد أنهم تدخلوا في شؤون غيرهم، على العكس، لطالما وجدناهم يتعالون على الرد عندما يتدخل الآخرون في شؤونهم الداخلية. الاستثناء الوحيد في توجههم هذا كان في قضية العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي على بلدنا، فقد وجدناهم يخالفون قناعاتهم ورؤيتهم الثابتة فقط في قضايا الشعب اليمني، وهذا الأمر لا بد أن يكون محل إعجاب وتقدير كل يمني.
قد يرى البعض أن لسلطنة عُمان مصلحة في أمن واستقرار اليمن، وهذا كلام منطقي؛ ولكن لأي درجة يمكن أن يكون هذا هو الأمر الوحيد الذي قد يدفعهم لبذل هذا الجهد؟! فعلى الأقل هم لا يرون أن في استقرار اليمن ضررا عليهم كما يرى ذلك النظامان السعودي والإماراتي. وهم بهذا الموقف الأخوي يتخذون موقفا إنسانيا وشريفا عندما يعتبرون استقرار اليمن في مصلحة الجميع.
النقطة التي يجب أن نركز عليها هي أن موقف السلطنة يجب أن يكون محل ترحيب وتقدير، وألا ننسى ما بذلوه من جهود عظيمة ونحن في خضم معركة شرسة لنيل حريتنا واستقلالنا، وألا نسمح للغضب أن يتحول إلى ردود أفعال رسمية غير محسوبة. الإخوة في عُمان بذلوا ويبذلون جهودا لا يمكن أن نكافئهم عليها، ووجودهم بيننا لا بد أن يكون محل ترحيب وحفاوة من الجميع. ولو كنا نشعر بالغضب من النتائج فلنوجه هذا الغضب نحو تلك الأنظمة العميلة التي ترفض الحلول، وتسعى لتدميرنا واستعبادنا ونهب ثرواتنا، أو تلك التي تتفرج على معاناتنا دون أن تتخذ موقفا مشرفا ولو لمرة واحدة!
* نقلا عن : لا ميديا