نفذت كل من القوات البحرية الإيرانية والروسية والصينية مناورة عسكرية مشتركة في الجزء الإيراني من بحر عمان على الخليج الفارسي وشمال المحيط الهندي، تحمل شعار: “السلام؛ الصداقة، الأمن البحري المستدام”.
وهي المناورة الرابعة من نوعها بين هذه الدول في ذات المنطقة، إذ سبق للدول الثلاث أن نفذت في السنوات الماضية مناورات بحرية مشتركة في المحيط الهندي وبحر عُمان، كان آخرها مطلع العام الماضي 2022.
تهدف هذه المناورات إلى رسم معادلة جديدة في التعاون العسكري بمنطقة استراتيجية تواجه العديد من التهديدات الغربية على المستوى الأمني وسلامة الملاحة البحرية، وتعكس المناورة رؤية مشتركة للدول الثلاث حول التحديات العسكرية.
ورغم أن المناورة محدد توقيتها مسبقاً، إلا أنها أتت هذه المرة في ظل توترات بين الدول الثلاث والغرب بسبب تعقد الحرب الأوكرانية، وتتخوف الولايات المتحدة من التعاون العسكري بين الدول الثلاث في هذه الحرب، وبحسب الإعلام والتصريحات الغربية فمشاركة طهران إلى جانب موسكو عسكريا باتت مؤكدة، فيما مازالت بكين داعما غير مباشر لموسكو بتقدير الغرب. وفي الأسبوع الماضي، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على شركات صينية، على خلفية دعمها إيران في تصنيع الطائرات المسيّرة وبيعها لروسيا، التي تستخدمها في أوكرانيا.
تأتي المناورات الجديدة في شمال المحيط الهندي، بعد مناورات ثلاثية أخرى بين روسيا والصين وجنوب أفريقيا، واستمرت عشرة أيام. كما تأتي هذه المناورات المشتركة في ضوء تطورات دولية مهمة، منها احتدام التنافس الصيني الأمريكي وتشديد أمريكا الضغوط على طهران. هذه الضغوط الغربية على الدول الثلاث تدفعها نحو مزيد من التنسيق والعمل المشترك.
جغرافيا المناورة وطبيعتها
جرت المناورة الإيرانية الروسية الصينية في منطقة “تشابهار” جنوب شرق إيران، على مساحة تبلغ حوالي سبعة عشر ألف كيلومتر مربع في شمال المحيط الهندي، كانت قد انتشرت قطع بحرية للجيش الإيراني وقطع بحرية روسية وصينية في خليج عُمان، الذي يربط بحر العرب والمحيط الهندي بمضيق هرمز والخليج، ويتوسط باكستان وإيران والإمارات وعُمان.
وفي طبيعة الحال ومن منظور عسكري، فالمناورة العسكرية لا تنحصر فقط في الجغرافيا التي وقعت فيها، بل تتجاوزها، فالمهم في المناورات هو التنسيق بين القوات المشتركة لخوض معركة واحدة، والجغرافيا البحرية بخلاف الجغرافيا البرية تتماثل من حيث التضاريس “الطبوغرافيا” والتكتيكات العسكرية البحرية وأشكال التنسيق.
التصريحات
أطلقت تصريحات من قبل القيادات العسكرية للقوات الثلاث المشاركة، وإذا ما قُرئت وفق منهجية تحليل المضمون، نجد أنها اتسمت بالتناسق والتكامل في ما بينها إذ تطرق كل تصريح إلى جزئية من الواقع، بلغة تعكس جماعية النشاط، دون ادعاء دولة أنها القائدة وصاحبة الفضل على الأخرى، ويبدو أن التنسيق كان حتى على مستوى الخطاب العسكري الذي سيرافق المناورة.
- قائد القوى البحرية للجيش الإيراني: لكل الدول في المنطقة الحق في الدفاع عن أمنها والعالم خرج من الأحادية.
- قائد المجموعة البحرية الروسية: هذه المناورات التي تقام بين الدول الثلاث هي من أجل تأمين الأمن في المنطقة ودعم القوات المتواجدة فيها.
- قائد المجموعة البحرية الصينية: نحن مسرورون لمشاركتنا في هذه المناورات إلى جانب إيران وروسيا الصديقتين ونأمل استمرارها في الأعوام القادمة والمهم هو أن هذه القدرات البحرية الثلاث تجري المناورات هنا.
طبيعتها العسكرية
أخذت المناورات طبيعة عسكرية هجومية ودفاعية وإغاثية في آن، وهي نموذج مصغر لحرب بحرية مُفترضة، أو محتملة مع الحلف الأطلسي، في حال تعقدت الحرب الأوكرانية “حرب التعددية القطبية” وأصبحت عالمية إلى حد ما، فمن الواضح أن التحالفات والاصطفافات الحالية بين قوى عظمى أشبه بالتحالفات القديمة في الحروب العالمية السابقة.
- كانت عناصر من القوات البحرية الإيرانية والروسية والصينة في لحظة تنسيق عند قدومها إلى إيران، قبل وصول المياه الإيرانية، وقبل بدء المناورات البحرية المشتركة.
- التدريبات والأساليب التي تم تنفيذها أكدت أن جميع القوى تعمل بلغة مشتركة وهو هدف المناورات وقد تم نقل المفاهيم بين الوحدات القتالية بين الجيش والحرس الثوري الإيراني والقوات الصينية والروسية وكان التنسيق بينهم رائعا بحسب التقييم.
- جرت التدريبات على الإنقاذ والإغاثة وسط البحار، ومواجهة القرصنة البحرية وتحرير سفن مختطفة.
- تمّ استخدام جميع الوسائل العسكرية، من حيث المراكب المائية والطائرات، وتمّت ممارسة جميع التدريبات المخطَّطة بنجاح، بحسب التقييم، منها تدريبات على شنّ هجمات على طائرات متعددة.
* نقلا عن : لا ميديا