من يتتبع خطوات السيد القائد في إخراج اليمن إلى بر الأمان سواء في ما يخص التكالب العدواني الكوني الذي لم يسبق أن حدث في أي زمان ومكان أو في معالجة الإخفاقات والاختلالات الداخلية وتصويب المسار يتيقن أن هناك حكمة بالغة وكبيرة في هذا القائد العظيم.
وبفضل الله عز وجل ثم بفضل قائدنا الحكيم سينال اليمن استقلاله وسيصبح النموذج العربي الأول للتحرر والاستقلال، وكذلك في ما يخص الوضع الداخلي، فكل ما أفسده النظام السابق وتراكماته التدميرية المتجذرة وما تسبب به المنحرفون عن مسار المسيرة القرآنية والمندسون والمقصرون وعديمو الخبرة سيصلحه هذا القائد بعون الله عز وجل.
هناك مخاوف وتساؤلات بشأن المرحلة الأولى من التغييرات الجذرية، فمثلا لماذا لم يشمل التغيير رؤساء المؤسسات والهيئات والصناديق والشركات وكل الجهات الإيرادية والخدمية؟
هذه الجهات أساسا تابعة للوزارات وسيتوجب على الوزراء الجدد ترشيح أسماء جديدة لهذه المناصب بنفس الشروط التي تعينوا بها وهي «الكفاءة والنزاهة»، ولهذا السبب كنا ومازلنا نقول بأن تغيير الأشخاص هو الأساس لحل جميع إشكاليات كل الجهات الحكومية إن كانوا يتمتعون بالكفاءة والنزاهة كشرطين أساسيين لإصلاح الوضع المؤسسي الحكومي، لأن الشخص الذي لديه هذه المتطلبات سيسعى جاهدا لحل كل إشكاليات الوزارة التي يديرها وسيسعى لأن يدير مرافقها كفاءات نزيهة، فمثلما أن الشخص يختار فريق عمله، اللص سيختار لصوصا وفاسدين، والفاشل سيختار فاشلين وهكذا، والكفاءات أيضاً لا يكتفون بكفاءتهم ويعرفون معنى وجدوى الاستشارات وسيستعينون بمستشارين متخصصين في إشكاليات معينة إن لزم الأمر لضمان تكاملية الحلول وليس كما فعل شلة الوضع المزري بتعيين مستشارين دائمين لا يستشارون وإنما فقط ليستلموا مخصصات مالية، وسيسعون أيضاً لإعادة تأهيل الموظفين وسيكونون قدوة لقواعدهم من الموظفين في الأخلاقيات والسلوك والأداء الناجح وإذا صلح الرأس صلح الجسد.
لهذا إذا أحسنا اختيار البدلاء ومنحناهم الصلاحيات الكاملة نكون قد عملنا على تصحيح وضع جميع مؤسسات الدولة، فالأشخاص هم الأساس وهم الذين سيسعون للتصحيح القانوني والمالي والإداري، مع العلم أن الفاسدين وداعميهم هم الذين أعاقوا كل محاولات التصحيح، لأن التصحيح سيتسبب بإيقاف مصالحهم الشخصية ويفضحهم ويعريهم.
أما عن المخاوف بأن يكون القادمون كالسابقين فهذا مستبعد تماما والشروط قد تم وضعها مسبقا وهي الكفاءة والنزاهة، وأيضا سيستمر معيار التقييم الذي كان غائبا، وبناء عليه يتم تفعيل مبدأ الثواب والعقاب، وهذا قمة النجاح، وهي أحلامنا التي حرمنا منها منذ عقود «حكومة كفاءات وتقييم مستمر ووجود الرادع لكل من يسيء التصرف ويفسد والإقالة الفورية والمحاكمة واستعادة الأموال المنهوبة لكل من تسول له نفسه نهب ثروات الوطن وأموال الشعب، إلى جانب تحديد مواضع الفشل والتصرف إزاءها بأسرع وقت»، وليس كما حدث منذ بدأت مرحلة تصفير عداد ذوي التقييم الصفري واستخدام ما سمي «الأسلوب التربوي» مع هوامير الفساد ومنحهم الفرصة تلو الأخرى على حساب الشعب المنكوب.
وهناك من يقول ما الذي ستفعله حكومة الكفاءات بدون إمكانيات، ولهؤلاء أقول: «أن يتولى المسؤولية أشخاص ذوو كفاءة ونزاهة في ظل شحة الإمكانيات أفضل ألف مرة من أن يتولاها من لا ذمة ولا ضمير ولا وطنية فيهم، وإلى جانبهم ثلة من الفاشلين».
كما أن الإمكانيات موجودة بحدود معينة في حال تم الحد من الفساد وضبط وتنمية الإيرادات غير النفطية والغازية بما لا يؤثر على المواطن ولا يثقل كاهله وليس عبر زيادة الجبايات.
وإذا تم ضبط الإيرادات بشكل عام ومنها مثلا لا حصرا ضرائب القات فسيتم توفير مبالغ كبيرة يوميا، فكل نقاط تحصيل ضرائب القات تورد أقل مما يتم تحصيله، ولدي تفاصيل مهولة بهذا الشأن وهو مثال واحد لعشرات الأنواع من الإيرادات المنهوبة وعلى رأسها إيرادات السلطة المحلية، والموضوع ليس مستعصي الحلول والمعالجات لا تحتاج إلا لنوايا طيبة.
أيضاً، إذا تم تنمية الإيرادات ومنها مثلا تفعيل الاستثمارات المعدنية وتشغيل شركة التعدين بالشكل الأمثل لكان ذلك مصدرا لثروة لا بأس بها إلا أن ما يحدث منذ تم إنشاء شركة التعدين قبل أعوام هو أن لديهم مقرا في المركز الليبي وموظفين ونفقات تشغيلية، بينما لم نسمع بأي ناتج عملي، أضف إلى ذلك إزالة العوائق أمام تجارة العقارات، وكذا منح تسهيلات وامتيازات للمستثمرين، وتشجيع الجانب الصناعي لتوطين أغلب السلع المستوردة وبالذات الأساسية منها وفق إجراءات عملية بعيدا عن الإجراءات الشكلية التي لا تتجاوز الإعلام ولم نر مردودها على الواقع.
وهناك كثير من الأفكار والرؤى والمقترحات التي بالإمكان تنفيذها ولا يأس مع الحياة ولا حياة مع اليأس، ولنستفد من كل التجارب الناجحة لدول عانت من تسلط وحصار وحرب تحالف الشر والظلام العالمي ولا نقف مكتوفي الأيدي فما بالكم بمن كانوا عوامل مدمرة للوطن ومساعدة للعدوان بفسادهم أو بفشلهم!
وكما حقق أبطال الجيش واللجان الشعبية ووحدة التصنيع الحربي كل تلك المعجزات لا يجب أن نقف عاجزين أمام تحقيق انتصارات إدارية لتكتمل حلقة النصر المبين وسنستعيد ثرواتنا بإذن الله سلما أو حربا، لكننا لن ننتظر إلى أن نستعيدها ونستمر بنفس الوجوه الفاسدة والفاشلة؛ تارة بحجة عدم توفر الإمكانيات وتارة بحجة المعوقات القانونية والتنظيمية.
أيضاً، يتساءل البعض عن سبب إعلان مجلس الدفاع الوطني إقالة الحكومة ولم يأت الإعلان مباشرة عن طريق المجلس السياسي، أعتقد أن هذا معناه أنه تم تفعيل مجلس الدفاع الوطني تحسبا لأي متغيرات تطرأ (داخلية أو خارجية) ولا نستبعد وجود معارضة داخلية لعملية التغييرات الجذرية، ولهذا تمت إقالة الحكومة في حين كان يفترض أن يقدم رئيس الوزراء استقالته، ولا نعلم ما الذي حال دون تقديم الاستقالة فكانت الإقالة بدلا من الاستقالة.
السؤال الذي يفرض نفسه هو: ماذا عن النافذين أو بالأصح الحكام الفعليين للوزارات وهيئاتها ومؤسساتها؟
وباعتقادي الشخصي سيكون لرئيس الوزراء والوزراء القادمين الصلاحيات المطلقة الممنوحة لهم قانونا، ولن يستمر الوضع كما كان، وهناك عملية تقليص نفوذ وقصقصة أجنحة لكبار النافذين ممن أساؤوا التصرف وعملوا على تزكية الفاسدين لتعيينهم في مناصب حساسة ثم عملوا على حمايتهم، والتغيير سيشمل جميع من يجب تغييرهم، وللقائد حكمة كبيرة في تنفيذ التغيير الجذري على مراحل.
* نقلا عن : لا ميديا