عبدالحافظ معجب
طباعة الصفحة طباعة الصفحة
RSS Feed مقالات ضدّ العدوان
RSS Feed
عبدالحافظ معجب
قراءة في الحرب النفسية للعدو «الإسرائيلي»
الشعب وحكومة التغيير والبناء..ما بين التثبيط والتربص والنقد
تحديات وفرص أمام حكومة التغيير والبناء
الحرب مع كيان العدو لم تبدأ بعد
تعز.. وسقطت ورقة الحصار
من اليمن إلى لبنان فالعراق .. جبهات إسناد غزة تنهك العدو وتربك قواه
دولة الأنصار والتصرفات الفردية
اليمن بندقية فلسطينية
اليمن يدشن معركة عالمية لكسر الحصار على غزة
شيطنة إيران والمقاومة مستمرة

بحث

  
التغيير الذي نريد
بقلم/ عبدالحافظ معجب
نشر منذ: سنة و شهر و 18 يوماً
السبت 07 أكتوبر-تشرين الأول 2023 10:03 م


البلد الذي عانى من فساد أربعة عقود من الزمن لا أعتقد أنه سيتعافى بتغيير الحكومة، ولن تنتهي مشاكله بين ليلة وضحاها، غادر رؤساء وصعد آخرون وتغيرت حكومات متعاقبة، لكن حالة الفساد لم تتغير، والسبب بسيط جداً، حيث جاء في القرآن الكريم: «إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ»، من نفس كل واحد منا، من نفس الرئيس والوزير والوكيل والمدير والبرلماني والسياسي والقاضي والإداري والإمام والخطيب والأستاذ والطالب والعامل والتاجر والعاطل عن العمل.. من نفس كل فرد مكون لهذا المجتمع، وعندما تتقاطع الجدية الفردية مع القيادة الحكيمة والسلطة التغييرية، سيحدث ما نبحث عنه ونحلم به منذ زمن بعيد.
الفساد تسلسل هرمي، يتدرج من الأسفل إلى الأعلى والعكس، الكل يمارس الفساد على حسب مسؤولياته وواجباته والمحيط الذي يوجد فيه، وبدرجات متفاوتة، ولأن العصابة الحاكمة للبلاد على مدى عقود من الزمن عملت على إفساد المجتمع ولم تكن لديها أي رغبة حقيقة في محاربته، أوهمت الشعب أن مكافحة الفساد هي وظيفة اللجان والهيئات الشكلية، التي استنزفت المال العام، وكانت بمثابة «مهدئات» ولم تثمر نتائج ملموسة، لهذا اتسعت دائرته وتغلغل في كل مفاصل الدولة عبر المؤسسات والمعاملات، والذهنية المجتمعية، وتحولت فكرة القضاء على الفساد الى تحدي صعب وحلم شعبي بعيد المنال وأمر مستحيل، لكن الحقيقة التي يجهلها أو يتجاهلها كثير من الناس أن الفساد مؤامرة ممنهجة وخطة مدروسة، ونحن بشكل أو بآخر جزء لا يتجزأ منها، ومحاربته والقضاء عليه لا يحتاج لمعجزات بل يحتاج إلى تفعيل دور الفرد والمجتمع والالتزام بالدستور والقانون والاعتراف بوجود كيان الدولة ومؤسساتها.
تعودت المجتمعات العربية والغربية على مهاجمة فساد السلطة، دون الالتفات الى دورها الأساسي في صناعة التغيير الذي تحتاجه، ومهما حاولت الشعوب أن تتنصل من دورها في حالة الفساد الذي تعيشه السلطة، فالشعوب شريك فاعل في الفساد، لأن السلطة لم تأت من كوكب آخر، بل هي من أبناء الشعب والمجتمع الذي تعرض لموجة إفساد كبيرة شارك فيها النظام الحاكم والأيادي الخارجية الخفية، التي جعلت الفساد ثقافة مجتمعية يمارسها الكبار ويتربى عليها الصغار، تحت غطاء «الفهلوة والشطارة والحذاقة والحنكة».
التغيير الذي نريد يبدأ من عندنا نحن، فمن يريد أن يسهم في عملية النهوض الوطني عليه أن يبدأ بإصلاح نفسه والارتقاء بها، فتغيير العالم يبدأ بتغيير النفوس والعقول التي أصابها الإحباط بالكثير من التشوهات، مطلوب تزكية النفس وتحفيز الذات للسعي نحو الإحسان والإتقان في كل شيء من خلال إحياء الفهم الرسالي للحياة وللدين وجوهره المتمثل في المعاملة وخدمة الصالح العام، وترسيخ الحس الوطني، لذلك حينما تؤمن بالتغيير، ابدأ به على نطاقك الضيق، ابدأ به على نفسك، واغرس الفضيلة في كل شيء حولك، اجعل محيطك مثالياً قدر المستطاع، ابدأ بإقناع عائلتك، وأهلك، ومحيطك العملي، وأصدقائك، فالمجتمع بمؤسساته المختلفة هو مدرسة تكوينية لإنتاج الأفراد، وكلما كانت هذه المدرسة نزيهة وأخلاقية، تسودها الفضيلة، أنتجت أفراداً يتصفون بالأخلاق والمبادئ الرائجة داخلها، ودرجة التقبل للسلوك تتعلق أساساً بدرجة انتشار هذا السلوك داخل الجماعة، وهذا ما يتفق عليه أغلب المفكرين.
عملية التغيير تبدأ من السلوك اليومي عندما تفكر وتتصرف كمواطن حر كريم شريك في الوطن وليس كأجير أو مستأجر أو ضيف أو عابر سبيل، عندها ستحرص على وطنك كما تحرص على بيتك وأهلك، وتدافع عن حريتك وكرامتك كما تدافع عن نفسك وترفض الذل وتتصدى للظلم وتنصر المظلوم، مؤدياً لواجباتك ومسؤولياتك بالقدر الذي تحرص فيه على نيل حقوقك، لأن أغلب التجاوزات والمظالم والانتهاكات المخالفة للدستور والقانون، هي نتاج لقبول المجتمع بها، وفي المقابل لا يمكن نيل الحقوق إذا كان الكل مخلاً بواجباته وغير ملتزم بتأديتها.
وبما أن الفساد المالي والإداري ينخر في جسد الاقتصاد الوطني، فرغبتنا بالتغيير تقودنا الى الاضطلاع بدورنا في المساهمة بعملية النهوض بالاقتصاد عبر مجموعة من السلوكيات والممارسات التي يجب أن تكون جزءا من حياتنا اليومية نؤديها بحس وطني، من خلال الإخلاص في العمل وإتقانه لرفع مستوى وحجم الإنتاج أيا كان نوع العمل وقيمة الدخل والظروف الراهنة، وبعيداً عن تقلبات السياسة والأنظمة الحاكمة، فأنت تعمل لنفسك ولوطنك وليس للسلطة، والعمل ليس مجرد وسيلة للاسترزاق ولكن عبادة وقيمة ورسالة وإسهام في نهوض البلاد وازدهارها، بالاضافة الى أهمية توظيف القدرة الشرائية مهما كانت بسيطة لتشجيع الإنتاج المحلي الذي يوجد فرص عمل وينمي الاقتصاد ويخفف من حجم الاستيراد، ويحافظ على العملة الصعبة.
ولأن الفرد والأسرة كليهما نتاج للآخر، فنحن أمام خيارين، إما نهوض بلا سقف أو انحدار بلا قاع، وهنا يأتي دور الأسرة التي يجب أن تُفعّل دور المساءلة وتسود فيها ثقافة من أين لك هذا؟ للصغار والكبار، وتقوي الروح الدينية وتوضح حرمة التعدي على الأموال والممتلكات، وتبسط المفاهيم الكبيرة وتشرح الأضرار الناتجة عن الفساد، وتشجع الأبناء على الحفاظ على الممتلكات والأموال، وتربي النشء على قيم الصدق والأمانة والإخلاص، مع تقديم الأب والأم نموذج القدوة الحسنة، وتوجيه وعي الطفل نحو رفض السلوكيات الخاطئة والسيئة، وتعزيز المسرولية الاجتماعية ضد كل الظواهر السلبية المتفشية في المجتمع، كحماية مسبقة، وتعزيز ثقافة الحقوق والواجبات وقيم المواطنة الصالحة لدى أفراد الأسرة.
وحتى نحقق التغيير الذي نريد لا ننتظر التغييرات الحكومية والإجراءات الرسمية ونكتفي بكوننا شعبا ثرثارا، يتكلم أكثر بكثير مما ينجز من أعمال، علينا تدارك ما فات ونصحح أخطاء الماضي ونتعلم منها، ونتوقف عن السباحة ضد تيار العلم والمعرفة والتجارب المتقدمة، ولا ننسى أن لدينا من الطاقات الفكرية والعلمية والإبداعية والثقافية والرياضية والصحية ما يجعلنا نتجاوز كل الخراب الذي خلفته تركة الماضي ونتجه نحو البناء والتنمية، والشعب الذي انتصر على العدوان والحصار سينتصر على ثقافة الفساد ويحول التحديات الى فرص، لنكون عوناً لقائد الثورة في التغيير الجذري.

* نقلا عن : لا ميديا

تعليقات:
    قيامك بالتسجيل وحجز اسم مستعار لك سيمكنكم من التالي:
  • الاحتفاظ بشخصيتكم الاعتبارية أو الحقيقية.
  • منع الآخرين من انتحال شخصيتك في داخل الموقع
  • إمكانية إضافة تعليقات طويلة تصل إلى 1,600 حرف
  • إضافة صورتك الشخصية أو التعبيرية
  • إضافة توقيعك الخاص على جميع مشاركاتك
  • العديد من الخصائص والتفضيلات
للتسجيل وحجز الاسم
إضغط هنا
للدخول إلى حسابك
إضغط هنا
الإخوة / متصفحي موقع الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره نحيطكم علماُ ان
  • اي تعليق يحتوي تجريح او إساءة إلى شخص او يدعو إلى الطائفية لن يتم نشره
  • أي تعليق يتجاوز 800 حرف سوف لن يتم إعتماده
  • يجب أن تكتب تعليقك خلال أقل من 60 دقيقة من الآن، مالم فلن يتم إعتماده.
اضف تعليقك
اسمك (مطلوب)
عنوان التعليق
المدينة
بريدك الإلكتروني
اضف تعليقك (مطلوب) الأحرف المتاحة: 800
التعليقات المنشورة في الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر عن رأي الموقع   
عودة إلى مقالات ضدّ العدوان
مقالات ضدّ العدوان
عبدالفتاح علي البنوس
مليشيات الإمارات ومداهمة المنازل
عبدالفتاح علي البنوس
أبو حسين وجيه الدين
الجبهةُ الثقافيةُ أَسَاسُ نجاح كُلّ الجبهات
أبو حسين وجيه الدين
رفيق زرعان
“طوفانُ الأقصى” يمزِّقُ “بيتَ العنكبوت”
رفيق زرعان
خالد العراسي
يمن جديد
خالد العراسي
يحيى صلاح الدين
جوانب تفرد وتميز الشعب اليمني في إحياء ذكرى المولد النبوي والفائدة الدينية والسياسية والاقتصادية من ذلك
يحيى صلاح الدين
محمد صالح حاتم
ذكرى المولد النبوي مناسبة جامعة للمسلمين
محمد صالح حاتم
المزيد