كانت النجمة السداسية المرصعة بدماء الأبرياء الرضع والأطفال والنساء الحوامل، وما تزال ترفرف فوق بعض الأراضي العربية، فوق رؤوس الزعماء والملوك والأمراء «العرب»، فوق تلك الأنظمة الخاضعة والمطبعة مع العدو والمليئة حتى النخاع بالمؤامرات والذل والخيانة.
ما تزال تلك الراية حتى اليوم، رغم الإبادة الجماعية، ترفرف على أكثر من سارية في تلك الأنظمة الكرتونية. وما يزال الصمت البائس والقاتل متجمداً بأفواه تلك الأنظمة، بينما هناك شجاعة وجرأة وإنسانية ميزتها مواقف دول حرة صرخت بكل قوتها واحتجت وقطعت علاقاتها بالكيان المتوحش الهمجي من دون أن تطلب إذناً من أحد، دول حرة ترفض الظلم والإبادة الجماعية، دول قطعت علاقاتها مع الكيان الصهيوني وسحبت سفراءها...
دول أعلنت دعمها لغزة واتهمت الكيان الصهيوني بانتهاك كل حقوق الإنسان والقانون الدولي وارتكاب جرائم إنسانية في قطاع غزة، دول مثل: بوليفيا وتشيلي وكولومبيا وهندوراس، أعلنت أنها في خندق واحد مع الشعب الفلسطيني، وأنها ضد الإبادة الجماعية وقتل الرضع والأطفال، وأنها ضد الكيان الذي بتر بساطوره الغربي الشريان الرابط بين الأمة العربية، بينما هذه الأنظمة الكرتونية لا تستطيع أن تقف الموقف الوطني القومي حتى يؤذن لها بالكلام والفعل والتصرف بالقرار الذي يأتي منسجماً مع الأمريكي.
أنظمة ترفض الانضمام إلى عروبتها وتذهب للانضمام إلى أعدائها، دول نمطية تتسكع على الجانب المهترئ من التاريخ وتتحرك ملتوية مثل الأسماك الدودية، دول مصفدة بالرعب والخوف وبالتواطؤ والتخاذل.
لا بد من ولادة مشروع قطيعة مصحوباً بنظام التغيير وإنتاج المعنى للوجود الإنساني، وتلك الأنظمة لا تستطيع أن تقف الموقف المشرف، ولم تعد عيوبها خافية على أحد، أنظمة تساق كالأغنام، وتتبادلها الأيدي القوية التي تسوقها إلى المذابح كالأغنام، أنظمة لا تصنع تاريخها، مع العلم بأنها تدفع هي بالذات الثمن.
فلسطين حاضرة دائماً رغم المواقف المهترئة لتلك الأنظمة، ومعها المقاومة الشعبية في فلسطين وفي كل مكان من الوطن العربي وفي قلب كل عربي وإسلامي حر وشريف وفي أرقى صورها ومتطلباتها وبين الحرية والاحتلال. ليس ثمة قواسم مشتركة أو تسويات أو حلول وسط أو تطبيع، فإما أن تحضر الحرية ويغيب الاحتلال وإما العكس.
لا تواطؤ ولا تطبيع مع وجود يحارب لاقتلاع وجود أمة. والتطبيع مشروع ليبقى مقراً به من كل العبيد الذين عليهم الإقرار بأنهم سيظلون كذلك إلى الأبد. تحرير فلسطين هو تحرير الوطن العربي والقومية العربية من التجزئة والاحتلال وضياع الذات والهوية في «شرق أوسطية»، التي تحولنا إلى مجرد غزاة للأرض العربية، وتحول الغزاة إلى مالكين شرعيين للتاريخ والأرض والمقدرات.
«طوفان الأقصى» ثورة كبرى ضد «حضارة» الذئاب. وهي ثورة تستحق الوفاء والتحية، وذلك الشعب المقاوم يستحق أن تدافع عنه كل شعوب العالم وهو يقاوم الإبادة والتهجير.
* نقلا عن : لا ميديا