الوضع الحالي وتفشي الفساد و«من شل له شل» في معظم الوزارات والمؤسسات يدفعنا دفعاً نحو السؤال: لماذا لا يتم تفعیل دور الرقابة والمحاسبة حسب توجيهات القيادة المتكررة بمحاربة الفساد أينما وجد، حتى في صفوف أنصار الله، وخاصة «المشرفين»؟! ولكن أذن من طين وأذن من عجين، ولا حياة لمن تنادي!
لقد بح صوت القيادة وأصواتنا أيضاً، إلى متى أولئك الجلادون مصاصو دماء الشعب الذين يلعبون بالرؤوس ويمعنون أمام الشاشات المرئية بتخريجاتهم المثيرة للغثيان؟! وباسم ماذا؟! باسم الجهاد وتحت عنوان الدفاع عن الثورة وعن المستضعفين في الأرض! الثورة هناك من يحميها ويدافع عنها وهم رجال الرجال الشرفاء الوطنيون والمخلصون للوطن والإنسان وبدون مكاسب تذكر أو مصالح شخصية أو غايات هدامة أو فساد. الفساد والقتل هما هنا وجهان من مرتبة واحدة، لماذا لا يتم محاربة الفساد، رغم توجيهات القيادة الصارمة؟!
أين موقع القرار؟! هل للقيادة الثورية أم لحكومة الإنقاذ؟! أم أن هناك جهات أخرى تتحكم بالقرار ومصالح البلد ومصيره وتسير الأمور حسب رغباتها ومصالحها، جهات متنفذة ولها حلفاء مشدودون في ما بينهم برباط التوافق على الفساد وجني المكاسب وقتل أمة بكاملها والإمعان السادي اللئيم في إفشال مشروع الثورة وبرامجها الإصلاحية في تحسين معيشة الناس واستبدالها بسلطة متنفذة وإحباط كل مساعيها والعمل على تنفير الجماهير الجائعة منها؟!
إن الفساد الذي يوهم بأن له دوراً في تجميع القوى، وأن له ما يؤديه في هذه المرحلة التوافقية والمحاصصة، هو الذى يجرفنا إلى العبثية وضياع المشروع الثوري النهضوي وإلى ممارسات مصحوبة بالعقد والمحسوبية والتعصب لجهات معينة في التعينات وإدارة البلد، ويأخذ بخناقنا بقوة إلى تفريغ الثورة من مضامينها الاجتماعية ورمي الناس في الإملاق والحاجات الماسة لضرورات الحياة المعيشية؛ حيث العدو بأمس الحاجة إلى وقوعها.
إن العدو يعمل بكل جهد للسيطرة والسطو على هذا البلد والزج به في منظومة عنف لا نهاية لتداعياتها القاتلة وإخماد جذوة الحياة في شعبه، ضمن سياق من السلوك الجرائمي، وتعزيز الإحساس بالانكسار كمصير محتوم، ونخر مؤسسات الدولة والمماطلة في الحلول «السلمية»، وإبقائنا في حالة اللاحرب واللاسلام، وإنما في حالة فساد دائم وتخلف، بحيث لا تبقى مفرزة أمنية ولا مدرسة ولا جامعة ولا جيش ولا مستشفى ولا سيادة، ولا يحظى بالأمان والسلام سوى جماعة الفساد والأفواه المستهلكة لثروات الوطن جنباً إلى جنب مع استهلاك المستقبل والمشروع الثوري.
دماؤنا وأموالنا وخياراتنا تمتصها فئران الفساد التي تعبث وتسرح وتمرح في الوزارات والمؤسسات، بينما نحن نتضور جوعاً ويومنا كئيب وليالينا موحشة.
* نقلا عن : لا ميديا