«طوفان الأقصى» أمل انبعث فجاء من قلب المعاناة، من قلب المقاومة الموحدة، ليعيد الاعتبار والكرامة للأمة العربية والإسلامية، طوفان يتسع ويكبر ليغطي تاريخياً كاملاً من التردد والخوف اللذين أصابنا بهما الاحتلال، ومن تشاؤم يجثم فوق عقولنا وقلوبنا، ومن احتلال غاصب يستقطع جسد فلسطين قطعة قطعة ويصيب عظمها طلقة طلقة ويتربص بخيال الإنسان، يمتص رحيقه وينقض على أحلامه فيحولها إلى رماد، يمارس جوعاً عجائبياً يأكل ثروات الشعب الفلسطيني، يشرب مياهه، يمضغ أطفاله، يهدم منازله، ثم يدعي أنه «دولة سلام»، ومع ذلك استنبتت طوفاناً، استنبت الغضب والثورة الكبرى لتزرع في العيون رؤية فلسطينية شجاعة وجبارة، تثأر لكرامة جرحت وحق اغتصب.
«طوفان الأقصى» تهز الأرض، ولكنها لا تكف عن استنبات الزهور والأبطال وتلك الأيدي الممتدة إلى فضاء الحرية وإلى قلب الصراع ضد العنصرية الصهيونية وإخراج الأرض والإنسان من عالم الاغتصاب، وثورة كبرى شعلتها البركانية تعيد الأرض لأصحابها وتعيد الأمل للشعب الفلسطيني ولكل الشعوب العربية والإسلامية ولكل أحرار العالم. طوفان يحررنا من الكيان الموبوء وسله الذى ينخر جسد هذه الأمة، رغم حجمها العملاق. طوفان يحررنا من شهية الابتلاع والنهب والاغتصاب.
«طوفان الأقصى» يحمل الكثير والكثير من المعاني والدلالات ومن الصلابة والقوة، حيث غلبت كل تقنيات العدو، وواجهت منطق الأمر الواقع السقيم والمتردد، ودمرت الحصار والسجون، فإذا بالتحرير يخرج من بين مسام جدران الطوفان كما الروح والضوء الذي ينساب في دروب ولا تحده حدود ولا يقف بوجهه جدار، فتغلب زحف الاحتلال وتقف معترضة بكل قوة وبسالة وشجاعة لقوته ووجوده وثقله العسكري والتقني.
ومنذ بدء المرحلة الأولى لعملية «طوفان الأقصى» والمجتمع الصهيوني برمته يواجه ولأول مرة في تاريخ مشروعه الاستيطاني خطر الانهيار والتداعي، فبعد أن ركن إلى قواته العسكرية الهائلة والضخمة، وبعد أن زودها بالسلاح المحرم دولياً وحاول إغلاق كل الأبواب أمام أبطال الطوفان، مع كل ذلك وجد الاحتلال نفسه في مواجهة شديدة الخطورة مع أبطال الطوفان، الذين جعلوه يتوه في شتات ولم تستطع صواريخه ومدافعه وقنابله المحرمة إخماد أصوات أبطال الطوفان وهجماتهم، ولم يثمر الحصار وكذلك محاولات التهجير، الاختراقات سقطت ودفعت بمصير الصهاينة نحو نهاياتها التاريخية وجعلها كساعة الرمل، حيث الحبات تتناقص تدريجياً، كيان يدعى «الدمقراطية» و»الحرية»، نعم، ديمقراطية القتل والإبادة، وحرية الاغتصاب والموت الجماعي! كيان لا تشبعه ضحايا ولا تروي ظمأه دماء، ولذلك فهو محروم من الأمن والاستقرار والاطمئنان.
«طوفان الأقصى» وقف ضد قانون البحار: الكبير يأكل الصغير.
* نقلا عن : لا ميديا