وفّقنا اللهُ بقيادةٍ ثوريةٍ قرآنيةٍ حكيمةٍ وشجاعةٍ لا تحتاج منا الجهدَ لتوصيفها أَو الدفاع عنها في معركة التشويه والتحريض المجندة وَضبابية الأقوال والأفعال.
هذه القيادة تفرض نفسَها في معمعة الفتن التي قالوا عنها إنها ستأتي مثل سواد الليل الحالك، ولم نكن نعلم أن من فضائل هذه الفتن أنها محطةٌ لتمييز الحق من الباطل، وَأننا على موعد مع تعزيز اليقين بما نؤمنُ به ونتبنَّاه.
لقد لمسنا وعايشنا مرارًا وعبر السنوات الصعبة التي مرت معانيَ المقولة المنسوبة إلى النبي محمد -صلوات الله عليه وآله- وهو يخاطبُ أمته (شقُّوا أمواجَ الفتن بسُفُنِ النجاة)، ولطالما وجدنا أنفسنا أننا قد اخترنا المركِبَ الآمِنَ لمواجهة كُـلّ الأعاصير التي عصفت بالأمة، وكان الموقف الأخير تجاه مظلومية الشعب الفلسطيني الذي اتخذته القيادةُ بمثابة فصل الخطاب.
في زمنِ التطبيع والخنوع والخِذلان وارتهان الحكام العرب لأعداء الأُمَّــة، وفي مرحلة فارقة في تاريخها المعاصر: إما أن تكونَ تحت لواء أمريكا و”إسرائيل”، أَو لواء الحق ومحور المقاومة والدفاع عن قضية الأُمَّــة المركَزية، تبرز المواقفُ الصادقةُ لبلد المَدَدِ والنُّصرة يمن الإيمان والحكمة؛ ليتصدر اليمنيون المشهدَ تفويضًا شعبيًّا متكرّرًا ومتصاعدًا لقائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، ترجمها هذا القائدُ العظيمُ إلى مواقفَ عمليةٍ داعمة وشُجاعة للشعب الفلسطيني وحركات المقاومة في مواجهة العدوان والصَّلَف الصهيوني الأمريكي.
اليومَ نجدُ أنفسَنا أمام هذه المحطة التاريخية في موقف ديني وإنساني ونفسي مهيب، ونحن نقرأ عناوين هذا الموقف في وجوه شعوب العالم وأحراره، كيف لا وقد خرجنا من بين الرماد ومن جَور المعاناة التي لم تُثْنِنا أوجاعُها ولا أثقالُها عن الحضور الشعبي والرسمي في المعركة الكبرى، معركةٍ عَــزَّ فيها الحضور وتبدَّى لنا في أتونها الرجالُ وأشباه الرجال.
كم هو عظيمٌ وَجريء في ذاتِ الوقت أن تسبَحَ على خلاف التيار، والأعظمُ أن تتخذَ القرارَ غيرَ آبهٍ بالتحذيرِ والترهيب والترغيب، واقفًا مع من يعتقدون أنه الأضعفُ والأوهنُ في مواجهة الأشدِّ نفوذًا وبطشًا، واضعًا نصبَ عينك أبعادًا أسمى وأعظمَ لا يدركها إلَّا الرجالُ، وَأَيُّ بُعْدٍ أسمى من الانتصارِ لله وللقضية المركَزية فلسطين، وَمهما كانت التحدياتُ على الطريق، تبدو معالِمُ النهاياتِ عظيمةً بقدر البدايات.