عادل بشر / لا ميديا -
عمدت قوات الاحتلال الصهيوني، منذ عملية «طوفان الأقصى» في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، إلى التعتيم على الرأي العام «الإسرائيلي» حول خسائرها الفادحة في الساعات الأولى لطوفان المقاومة الفلسطينية، وما تلا ذلك من عمليات نوعية لمقاتلي المقاومة واشتباكهم مع مجندي الكيان في المعارك البرية شمال غزة من مسافة صفرية.
إلا أن ما تم كشفه مؤخراً يؤكد أن مقاومي القطاع من كافة الفصائل، ألحقوا بقوات الاحتلال هزائم وخيمة، وأن السيطرة والأرض والميدان لأبطال المقاومة.
وفي أحدث الاعترافات، كشفت قوات الاحتلال، اليوم الثلاثاء، أن ألف جندي وضابط أصيبوا منذ بداية العدوان على غزة.
ونقلت صحيفة «هآرتس» العبرية، في تقرير لها اليوم، عن قوات الكيان أن «202 جندياً من الجرحى حالاتهم خطيرة، و320 حالاتهم متوسطة، و470 حالاتهم طفيفة»، مبينة أن 29 من المصابين بجروح خطيرة مازالوا يخضعون للعلاج في المستشفيات، وكذلك 183 من الحالات المتوسطة، و74 من الحالات الطفيفة، مازالوا أيضاً يتلقون العلاج في المستشفيات.
وتناول تقرير الصحيفة ما تمّ نشره من معلومات، في وقت سابق، حول عدد الجرحى المستوطنين والجنود معاً، على صفحةٍ مخصصة لوزارة الصحة في كيان الاحتلال، حيث تم منذ بداية الحرب علاج 9038 جريحاً، كما يشمل عدد المعالَجين أيضاً «129 شخصاً توفوا في المستشفيات».
التقرير كشف أنه في يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي وحده، تم إدخال 1455 جريحاً إلى المستشفيات، مُشدّداً على أنه لا يمكن معرفة عدد الجنود من بينهم.
إلى ذلك زعمت قوات الاحتلال أن عدداً من جنودها قُتلوا وجرح آخرون بما سماه «نيران صديقة» خلال قتال مشترك بين القوات المدرعة والمشاة، أثناء المعارك مع مقاتلي الفصائل الفلسطينية في غزة، مشيراً في السياق ذاته إلى سقوط العديد من الجرحى في حوادث سقوط من العربات العسكرية، حدّ قوله.
فضائح متوالية
فضيحة الإصابات في صفوف قوات الاحتلال ليست أكبر الضربات التي تلقاها الكيان في أيام الهدنة. فصحيفة «يديعوت أحرنوت» العبرية كشفت، أمس ، عن حادثة انسحاب سرية عسكرية من معركة مع المقاومة في شمال قطاع غزة، ليعلن الاحتلال أنه عاقب قائد السرية ونائبه بسبب هذه الحادثة، في حين قال الجنود في التحقيقات معهم إنهم وجدوا أنفسهم في معركة صعبة وبدون الغطاء الجوي اللازم.
وفي 20 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، نقلت وسائل إعلام عبرية حديثاً لمدير المقبرة العسكرية الصهيونية، أكد فيه أن هناك جنازة كل ساعة أو ساعة ونصف، وأنهم في مقبرة «جبل هرتزل» وحدها دفنوا 50 جثة في 48 ساعة.
ورغم إعلان قوات الاحتلال مصرع نحو 400 من جنودها منذ بدء عملية «طوفان الأقصى»، إلا أن الكثير من المختصين يشككون في صحة الأرقام، ولاسيما مع مقاطع الفيديو التي تنشرها كتائب القسام وتظهر تدمير عشرات الآليات العسكرية وقتل عديد الجنود.
تحضير للهزيمة
ويرى خبراء في الشأن الصهيوني أن بدء قوات الاحتلال الاعتراف تدريجياً وبما يشبه «التقسيط» بخسائرها في العدوان على غزة، يأتي في محاولة منها لتحضير الجمهور الصهيوني لصعوبة الوضع في قطاع غزة، وأن يكون تمهيداً لكون استمرار العملية البرية سيؤدي لخسائر كبيرة، من أجل تخفيض سقف التوقعات من هذه العملية لدى الشارع الصهيوني.
وفيما حاول رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، استغلال فترة الهدنة المؤقتة من أجل الوصول إلى شمال قطاع غزة، نهار الأحد الماضي، والتقاط صور هناك، إلا أن الضربة القاصمة جاءته في اليوم ذاته، عندما قام مقاتلو القسام بتسليم الدفعة الثالثة من الأسرى، في شمال القطاع، وفيما يشبه الاستعراض العسكري للمقاتلين أثناء عملية التسليم، ما ينفي ادعاء الاحتلال فقدان سيطرة القسام على شمال غزة، بينما أكدت عملية تسليم الأسرى أن الأخيرين كانوا قريبين من قوات الكيان؛ لكنها لم تستطع الوصول إليهم.
إضافة إلى ذلك، بثت قناة «الجزيرة»، في تقرير لها، اليوم، صوراً من بيت حانون، شمال القطاع، أظهرت معداتٍ وأدواتٍ خاصة بجنود الاحتلال، خلفوها وراءهم، بينها قلادة خاصة بأحد الجنود وخوذات وملابس ممزقة وكمية من الذخيرة، إضافة إلى حطام آليات عسكرية صهيونية، مزقتها قذائف «الياسين» المضادة للدروع، بعضها من مسافة صفر، ما يؤكد أن القتلى في صفوف قوات الاحتلال بالعشرات، وليس كما يعلنه متحدثها، أو وزير الحرب.
سيطرة حمساوية
تمديد الهدنة الإنسانية المؤقتة في قطاع غزة، والتي انتهت رسمياً أمس ، يومين إضافيين، وما رافقها من شروط وطريقة تسليم حركة حماس للأسرى «الإسرائيليين»، والاحتفاء الكبير بالأسرى الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، من قبل الشعب الفلسطيني الذي هتف بصوت واحد مردداً الشعارات المؤيدة للمقاومة وفي مقدمتها كتائب القسام ورئيسها محمد ضيف، كل ذلك سيطر على وسائل الإعلام الصهيونية، حيث ركز المحللون والخبراء في الإعلام العبري، معتبرين ما يجري علامة على انتصار المقاومة ودليلا على أنها لا تزال قوية وتدير الأمور وفق خططها.
وقال محلل «القناة 13» تسيفي يحزقئيلي: «هكذا بعد 50 يوما من الحرب فإننا نتواصل ونتعامل مع حماس وننتظر ما سيقوله الناطق باسمها، وهذا ما تريده الحركة تحديدا»، مؤكداً أن حماس «لا تزال موجودة في الضفة الغربية، والناس هناك يحتفلون ويرفعون أعلامها، وفي غزة حصل السكان على تسهيلات فلم يتظاهروا ضدها، وبالتالي فهي صامدة».
أما الجنرال احتياط عاموس يدلين، الرئيس السابق لشعبة المخابرات في القوات الصهيونية، فقال إن «حماس» تسيطر على جنوب قطاع غزة سيطرة ميدانية منظمة، وأنها استطاعت إحضار الأسرى وفق اللوائح المتفق عليها في الوقت والمكان المحددين، وبالتالي فإن «إسرائيل» لم تصل حتى إلى نصف الطريق من أجل تحقيق الهدفين المعلنين للحرب، وهما القضاء على حماس واستعادة المحتجزين والأسرى.
بدوره، قال يائير شيركي، وهو محلل في «القناة 12»، إن «حماس لا تزال واقفة على قدميها ولديها اتصال بين عناصرها في شمال وجنوب قطاع غزة، وتنفذ بنود الهدنة بدقة، وهذا يعني أن السنوار يدير المعركة بنجاح».
الناشطون «الإسرائيليون» على مواقع التواصل الاجتماعي لم يكونوا بعيدين عن تطورات حرب حكومتهم على قطاع غزة، حيث سخروا من مزاعم نتنياهو ووزير حربه بأنهم تمكنوا من تدمير معظم قدرات حماس العسكرية.
وتداول الناشطون صوراً ومقاطع فيديو لتشييع الجنود والضباط الصهاينة القتلى، وأخرى لاحتفال الفلسطينيين في شوارع الضفة وغزة بأسراهم المفرج عنهم من السجون الصهيونية، وعلق الناشطون على ذلك بالقول: «نحن نبكي وحماس تضحك».