د. مهيوب الحسام / لا ميديا -
أعلنت أمريكا الحرب على الشعب اليمني العظيم وثورته المباركة في 26 آذار/ مارس 2015 بقرار من واشنطن، ومعها تحالف عالمي كوني استقر على 17 دولة، وحينها كانت لا تزال إمبراطورية وقطب أوحد يحكم العالم، فدفعت كعادتها بأدواتها التنفيذية الأعرابية (السعودية والإمارات) لتكون جدارها ورأس حربتها في عدوانها الذي قتلت فيه مئات الآلاف من أبناء الشعب اليمني بالقصف المباشر والحصار والتجويع طيلة 9 سنوات دمرت فيه كل مقدرات الشعب وبنيته، ولم تجنِ وأدواتها من عدوانها سوى الفشل والعجز وهزيمة مشهودة ألجأته وأدواته لطلب الهدنة.
ولأنها لم تتحمل شيئا من أعباء حربها العدوانية بل جنت مكاسب مادية من أدواتها النفطية فوق تحملها تكاليف وأعباء حربها، ولدرء خوائها وضعفها وسقوط هيبتها، قامت بتجيير هزيمتها لأدواتها، ومنعتها من إجراء أي اتفاق لإنهاء العدوان لضمان بقائها في قبضتها وديمومة شعورها بالحاجة لها وإدرار مزيد من الحليب وإبقائها تحت وطأة الإحساس الدائم بأخطار متوهمة من هذا الشعب الذي خرج من حرب عدوانهم أقوى، وفاتها أن تدرك شيئا واحدا وهو أنها لم تعد في حالة تعافٍ وقوة، وأنها تعيش حالة تراجع كقوة وهيبة.
وبعدها دخلت في حرب أوكرانيا ضد روسيا ودفعت، بمستعمراتها الأوروبية مرغمة لتحمل كلفة حربها، بل والتخلي عن مصالحها وتحمل كافة الأضرار الناجمة عن حرب ليست حربها، وفشلت أمريكا وانهزمت مع مستعمراتها، وقبل أن تصحو من هزيمتها وقعت في ما لم يكن بحسبانها أو يخطر على بالها، وهو معركة «طوفان الأقصى» في الـ7 من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، والذي شكل زلزالا عنيفا وتهديدا وجوديا لكيانها وصدمة شديدة غير متوقعة لها أفقدها توازنها وما بقي من وعي بحساب العواقب، لتدخل ومعها مستعمراتها شركاء لكيانها في عدوانه وجرائم الإبادة الجماعية الأفظع بحق أبناء الشعب الفلسطيني في غزة لتجني فشلا آخر أقسى.
قسوة هذا الفشل في غزة أدى إلى كشفها وتعريتها كدولة وقوة إرهابية مجرمة، وبسرعة قياسية أدخلها بحالة تخبط قادها ومعها مستعمرتها البريطانية لإعلان حرب مباشرة على الشعب اليمني العظيم المساند لإخوته في غزة، والرافض لجرائم الإبادة بحقهم، فوقعت في شر أعمالها، حيث فقدت هيبتها وقوتها وقيمتها، وأغرقها الشعب اليمني في البحر الأحمر والعربي، فالتفتت يمينا ويسارا ولم تجد البحرين في البحر ولا سيشيل في البر، فوجدت مستعمرتها البريطانية لتجير لها الهزيمة وتوكل لها استيفاء المهمة، وأقنعتها على اعتبار أن هزيمة المهزوم لا تحدث فرقا، ولطمة الملطوم أثرها محدود، لأنها «متعودة».
يبدو من سكوت بريطانيا وعدم رفضها أنها قبلت أن تجدد هزيمتها بعد أكثر من 57 عاما على هزيمتها الأولى المذلة التي أرغمتها على الرحيل في الـ30 من تشرين الثاني/ نوفمبر 1967، ويبدو أن خرف أمريكا وموجبات سقوطها جعلهتا تتناسى أنها هي التي أعلنت الحرب، وأن الهزيمة هزيمتها وعليها مواجهة حقيقة السقوط، وما أذاقه الشعب اليمني لإمبراطوريات سبقت سيذيقها إياه لتكون عبرة أخرى، «واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد».