سلسلة روائع الأدب اليمني.. (30) الشاعر زيد علي النعمي .. إعداد حسن المرتضى
مجموعة من روائع الشاعر زيد علي النعمي
طوفان الأقصى
..
اللـه أكبـر إنــه الـــطوفانُ
لا يعصم الأعداء منه مكانُ
لا ماء فيه وإنما هو إذ أتى
طوفانُ حــربٍ كله نيــرانُ
اليوم قال الله للأرض اقذفي
حمـــماً بها يتفـجر الـبركانُ
يصلى اليهود بها جزآء فعالهم
إذ أكثروا فيك الفساد وخانوا
أما السماء فقال ربي أمطري
مطراً تسيل دماً به الـوديانُ
مطرَ العذاب به الصواريخ التي
مـا لــليهود بمـــــثلها حسبانُ
فتشكل الطوفانُ والأقصى له
إســمُ وليـس كمــثله طوفانُ
إن قيل كيف غدا يهودٌ بعدَه
إذ حل قل هُم في الفضاء دخْانُ
**
هذا زمانُ الوعد آخرة الفنا
ليهود حتماً نـعمَ ذاك زَمانُ
هذا هو الوعدُ الذي تمحى به
صهيون فهي الرجس والسرطانُ
قل لليهودِ لأن سرِرِتم قبلَه
زمــناً بــه ستسوءكُم أزمانُ
فلـقد أســـأتم للإله وخلقه
ولكم أساءتكم أو الإحسانُ
أكثرتمُ في الأرض إفسادا وذا
إجرامـــكم لفسادكِم تــبـيانُ
وعلى الورى استكبرتمُ حتى غدا
لعـلـوكم ولظلمكمُ طُــغـيانُ
إذ كان ذلك جاءَ وعدُ إلهنا
ولكم بوعدٍ أخلفَ الشيطانُ
سبحانَه صمدُ يفي بوعوده
سبـــحانَـه مـتُـفـضلٌ منَّــانُ
ما النصرُ إلا من لدُنه وإنما
هو مَن رمى فالحمدُ والشكرانُ
***
يا أهل غزة دونكم نفسي الفدى
وفـــــداكمُ الآبا والــولدانُ
ولو استطعنا أن نسيرَ إليكمُ
لأتـت مواكبـنا بها الفرسانُ
فلنحنُ صُبرُ في الحروب وفي اللقا
صدَقٌ ففــينا الـبأسُ والإيمانُ
يا أهلنا ما في الجهاد خسارةٌ
أبداً وفـيه سـلامـةُ وأمـانُ
لسنا نعـــزيكم بفقــدِ أحبة
فهمُ لنا الأحبابُ والإخوانُ
يا قومَنا إنً العزاءَ لمثلكم
لـمعَ العدو ملاحـمُ وطعانُ
****
بوركتِ غزةَ هاشمٍ ولك الفدى
بـك يقهـرُ المــحتــلُ والخوانُ
بوركتِ إنسانا وأرضا مثلها
ما في الدنا أرضُ ولا إنسانُ
فيك الرجال الأوفياء بعهدهم
بسيوفهم يحمى الحمى ويصانُ
فـي ضربـهم بـأسٌ إلـهي له
ترتـجُ مـن رجع الصدى الأكوانُ
أرواحنا. سـكـنت لديك وإنـها
لتتوق للـــــقيا بـهـا الأبــدانُ
يا غزة الأحـرار ألــف تحيةِ
لكِ من قـلوبِ نبـضُها غلَّيانُ
كذبت عروبةُ من سواك وإنما
وطنُ العروبةِ أنتِ لا الأوطانُ
عَظمَ المقامُ فأنتِ أرفعُ ما الذي
تزِنُ القوافي فيك والأوزانُ
أنتِ الثباتُ الحيدري وحبذا
هوُ فهو للنصر المبين ضمانُ
بك عذب الله الصهائنة الألى
بجهادهم لك شرف الرحمنُ
إذ صبحوا بكتائب القسام في
تشرينَ ودوا أنهم ما كـانوا
كم شيدوا للحرب أبنيةً فما
منعت حصونُ أو حمت جدرانُ
أما الجنودُ فــمـا يميزُ ناظرُ
أهمُ جنودُ أم هـــمُ فئرانُ
لم تغن عنهم قوةٌ حربيةُ
لكنها وهنت كما هم هانوا
(حتمية التمكين)
قفي واشمخي فالنصر موعدك الحتمي
أيا قدس يا أرض الحضارة والعلمِ
أيا قدس يا أرض الرسالات بوركت
من الله معنــاها تقــدس كالإسمِ
لإنسانها والأرض رب الورى قضى
بحتمية التمكين في أصدق الحكمِ
بوعد لها فيه انتصار وعــودة
إلينا كما عــاد الكلــيـم من اليــمِ
أيا قدس يا أّولى وأُولى قضية
بنصرتها نـوصى من الأب والأم
فرغم العنا ماغـاب عــنا حضورها
فنحن لها الأنصار في الحرب والسلمِ
ووالله جـبار السـما إنّ حــبٓها
لمختلط باللـــحـمِ والـدّمٍ والعـظمِ
هي القبلة الأولى سلكنا طريقها
من القصف لا نخشى فكيفّ من اللومِ
فلم تستطع نجدُ وصهيون إذ أتت
لتصرفنا عنها بعــاصفة الــوهــمِ
أيا قدس هذا وعد أخراهما غدت
علاماتــه الأولى تــبشرُ بـالحســمٍ
فصهيون إذ بالظلم والبغي أفسدت
على الأرض تجزى فيه عاقبة الظلمِ
وحين كثيرٌ من بني الدين أعلنوا
ولاء اليهود استبدلوا العز بالضيمِ
أتى الله بالقوم الـــذين يحـــبهم
فبشراك يا قدس الإبا إنهم قومي
وقومي هم الأنصار لله سلموا
لـه أمرهم أنى يشاء بهم يرمي
لدى الحرب صبر قالها أطهر الورى
وعند اللقا فيها ذوو الصدق والعزمِ
فقل لبني صيـــهون بعد علوهم
وأفسادهم بعدَ الخيانة والجرمِ
{
أتينا على الوعد الذي تعلمونه}
فذلك يوم النصر بورك من يومِ
ففيه بلا ريب نسوء وجوهكم
وندخل رغم الكفر مسرى النبي الأمي
ونمحو به صهيون طرا فلا يُرى
لــها أثرُ حتـى بخــارطة الرسـمِ
(يوم القدس العالمي)
١٤٤٤هجرية
يا نفوسا من معين المزن أنقى
أي شعرٍ نحـو علياءك يرقـــى
أتـرى يرقــى مـــدادُ جــامــدٌ
لدمٍ سال بــساح الحرب دِفقا
ليتَ شعري ما الذي يسعفني
هل يفي المعنى الذي ينساب رِقا
هل تفي الأفواه للفوهات هل
يستطيع الحرف أن يصبح طَلقا
كيــف والأفواه لولا الشـــهدا
لم تكن ألسُـنها تعرف نُطـــقا
سطوةُ الطغيان كـانت هاهـنا
تخنقُ الأشعـارَ والأنفاسَ خَنقا
سطــــوةٌ حــطـم كبريــاءهـا
شهداء جاهـدوا فـي الله حَقا
شــهــداءٌ نــذروا أرواحـهــم
في رضى الله وذابوا فيه عِشقا
شهــداءٌ عرفـوا اللــه الـذي
من به استمسك فالعروة وثقى
شـهـداء أدركـوا نيــل الــمنـى
أمِنوا يوم اللقا خوفَا وصعقا
شــــهداءٌ لـهـم الله اصطفى
عـــزةً للــدين للكفارِ مَـحقا
شـــهداءٌ أورثـــو أمــتهــم
بدل استعبادها للظلم عِتقا
قاتلوا شـَر طـــغاة كــلهـم
بدم الأطفال والنسوة غرقى
فهمُ الجــود ولولا بـذلهـم
لغدونا لكؤوس الموت نُسقى
ولكنا تحت سوط الظلم في
ذلة يسحقنا الطاغوت سَحقَا
وبهم عم الهدى فينا وقد
ملأت أرجائنا جوراً وفُسقا
كان من يحكم فينا ظالما
يزهق الأرواح تعذيبا وشَنقا
لا يراعي حرمة النفـس ولا
ذمـةً يرقب أويعــرف رِفـقا
كيف كنا دون تضحياتكم
يارجال الله كم نحسِب فَرقا
أنتمُ الذخـرُ وأنتـم مجدنا
كـل آنِ و بــكم نفخرُ حـقا
مثلما ألقى الرواسي ربنا
لكم في وجه هذا الغزو ألقى
من ترى حصن أطراف الحمى
والعدا يجتاحها غربا وشَرقا
من ترى ضحى وأوفى مثلكم
في سبيل الله إخلاصا وسبقا
حسبكم عزا (رجال صدقوا)
ولعمري إنـنا نحتاج صِدقا
أنتم الأزكى نفوسا في الورى
أنتم أعظم أيمانا وأتقى
قابل الله العطــاء منكم له
بعطاء منه في الجنة أرقى
أنتم الأذكى لعمري إنً مَن
يتذاكون بحب العيش حمقى
بنعيم الخلد قد فـزتم ومًــن
لم يفز بالخلد والرضوان يشقى
أيهـــا الأبــرار هــذا عـهـدنا
يوم ذكـراكم مدى الأزمان يبقى
أيها الأطهار هـــذا زرعــكم
كل يوم بدم الأحـرار يسقى
نحن في منهاجكم فاستبشروا
فإلى اللقيا تطيرُ الروح شوقا
مثلما جرعُــتم الكـفر الردى
وحصدتم عربَات الغزو حَرقا
وكمـا ثرتُــم بوجه المعتدي
وتفــجرتــم براكيـنا وبَــرقا
في خطى الأعلام أنوار الدجى
نحو أقصانا نشقُ الدرب شَقا
بثـباثِ حيــدري في الوغى
وبضربٍ يَـفلقُ الهامات فَلـقا
لن نخاف القتل إذ نحنُ به
لنعيم اللـه في الجــنة نلـقـى
(سنين الصمود)
يا من حسبت لمحونا أسبوعا
بسنين حربك هل رأيت خضوعا
الآن بعد سـنين عـدوان بـها
مارست فينا القتل والتجويعا
أبـلغت بالعـدوان ما أمَـلتهُ
حـين ابتغيت لنا بـه تركيعا
أتحققت أهداف حربك أم غدت
وهــما أردت منـاله مخدوعا
أعصفت أم أدخلت نفسك مأزقا
لا تستيطع الآن منه رجوعا
عدوانك الهمجي والبشع الذي
ما كان ضمن شريعة مشروعا
ماذا جنيت به وقد باشـرته
عبثا وظـلما لليـهود مطــيعا
شغلت أبواق الضلال مسخرا
أعلامك المرئي والـمسموعا
وحشدت آلاف الجيوش لحربنا
فتحولت حين النزال قـطيعا
طفت العوالم كلها كي تشترى
أرقى السلاح حداثة ودروعا
ففشلت إذ واجهت شعبا مؤمنا
بالوعي والإيـمـان كـان منــيعا
لم تفقد الشركات صيت سلاحها
في الحرب لكن السلاح أضيعا
لم تستطع إحـداث نــصر إنما
دمرت بيتا أو قتلـت رضيعا
إنجازك الفعلي صنع جرائم
يقف الزمان لهولها مفجوعا
أسرا بكاملها قصفت تعـمـدا
ومـساجدا فيـها الإله أطـيعا
أعراســنا وعزاءنا ونـساءنا
وصغارنا قـطـعتهم تقـطـيعا
كم بالأسى أدميت قلب أب وكم
أم تــفجر دمــعها ينــبوعـا
دمـرت كـل مـقومات حياتنـا
حتى غدا حجم الدمار فظيعا
حاصرتنـا ومنعت أن يصل الغذا
وظننت أنا سوف نــهلك جـوعا
حتى الهواء لو استطعت حصاره
لـغـدا تنفُـسـنا لــه مـمـنــوعا
أهــناك جـرمُ لا تمارسـه بنا
مهما يـكون مروعا وشنيعا
ماذا تبقى هل تركت وسيلة
إلا لجـأت لـفعلـها مـدفوعـا
تاللـه لا نعــطيك مــنا ذلــة
لو لم نجد من يحضر التشييعا
فاشدد حصارك كلما اشتد الأذى
زدنا بساحات القتال ولوعا
سنظل في ظل الحصار وجوره
نبني القوى ونطور التصنيعا
من بعد تلك المنكرات بكلها
أفلا نهب إلى النزال جموعا
أفلا نحيل صباح نجد مظلما
ونصَيرُ النفط الحرام شموعا
أفلا نقيم بذي الفقار تفاوضا
يتوقف العدوان فيه سريعا
قسما بأن من استباح دمائنا
بطرا وشاء لشعبنا تــطويعا
سينال في الميدان من ضرباتنا
خسفا ونـسقيه الحـمام نقيعا
لن يأمن المهفوف يوما إنما
يمسي ويصبح خـائفا مـفزوعا
سيرى لفرط الذعر أن الكوكب ال
أرضي ليس كما نراه وسيعا
ومصيره المحتوم شر هزيمة
فيها يرى للمستحيل وقوعا
(العرس الجماعي)
12
ربيع الآخر 1444هجرية
إلى العرسان في العرس الجماعي
يحـث الشعــر والأدب الـمـساعي
يــــسـير محـمٍـلا لهـم الــتهاني
مــعـطـرة تـــوزع فــي الـبقــاع
ألا يـا مـعـشرَ العرسـان مــاذا
يسطر يوم فرحتكـم يًراعــي
بكم شع الضياء هنا فـشمس الن
هار تقول أخجلتم شعاعي
شعوري اليوم لا يوفيه شعري
فأي وسيلةٍ تحـكي انطباعي
فكلي فرحةٌ بالـعـرس فهو المحصن للشباب من الضياعِ
وتزويج الشبـاب أراه أولــى
مجال من مجـالات الصراعِ
/
لأن الحـرب ناعــمة وكبـرى/
فسـوف نهــب طـرا للدفـاعِ
وإنً دفاعها تحـصـين جيلٍ
يكون لهـا عصـي الإنـصياعِ
ولاسـيما ونحــن نــرى عدواً
إلى إيقاعنا في الفحش ساعي
ونحن نعيش في بلد يـعاني
حصاراً محكماً دون إنقطاعِ
ظروف الحرب والعدوان جارت
ففي كـل الأمـــور لهـا تداعــي
لذا صــار الزواج لـدى كثير
مـن الشــبانِ ليس بمستطاعِ
وصرت أرى هنا وهنا شبابا
بسن الأربـعـين بـلا متـــاعِ
أقول له عزمتَ عــلى زواج
يقول نعم فأنصت لاستماعي
عزمت على التزوج من فتاة
فجئت العــم أشعـر بانـدفاعِ
ومنذ وصلت حدد لي شروطا
شعرت بأنها امتصت نخــاعي
وقفت أمامه وسألـت نفسي
أتزويـجي يـريد أم ابتلاعي
مغـالات وتــشديـد وعــسرٌ
وفي الأعراس عـاداتُ إبتداعِ
أهذا شرع من خـلق الــبرايا
معاذا الله ذا شرع الضــباعِ
كأني إن قدمت إلى فـــتاة
دخـلتُ مـغارة فيها الأفاعي
فمـهر البنــت مرتـفعٌ وإنـي
مع الظرف المـرير لفي صراعِ
فيا جند الزكاة لكـــم سلامٌ
وشـكرٌ بارك الله المــساعي
أقال الله عــثرتكم بــيوم
عسـيرٍ فيه يسأل كل راع
فراعوا أكثر البشر احتياجا
لكم رب العباد غدا يراعـي
تحروا فتشوا عنهم بــجدٍ
أفي جبل غدوا أوسط قاع
وهـذا شــعبنا سـندُ وعــونُ
لكم في فضح زيف أوخداع
وأنتم خير من يوصى بحق
فيحذر من صـدود وامــتناع
مشاريع الزكـاة بلا نــظـير
نراها كل يـوم في اتــساع
تزوج كـل محـتاج وتـرعى
كفيف العين مـبتور الذراع
وهـذا دور هـيئتها عظيم
تجلى فيه صـــدق الإتــباع
فكم داوت من المرضى أناسا
مع الأمـراض كانــوا في نزاع
وكم في الناس ملهوفا أغاثت
ترى في وجهه وضحَ الدماع
فطب يا باذل الأموال نفسا
فتلـك زكـاتنـا بيـد الـجـياعِ
وها هي ذا غدت تؤتى جهاراً
لمصرفها وأنت علـى اطلاع
وقبل اليوم قد كـنا نراهـا
تصيـر فريـسةً بين السباع
فلله الثـنا والشكر أهـــدى
لنا علما إلى الخيرات داعي
يعيد لنا كرامـتنا ويــبـني
رجالاً شأنـهم شـأن القلاع
فيـاللـه مــن علــم زكـــي
ويالله من شــعب شـجاع
*نقلا عن : المسيرة نت