هناك فرقٌ كبيرٌ بين أن يكونَ المرءُ ضد السلام وبين ألّا يثقَ بالمعطيات وجديتها في إيصال اليمن نحو السلام المنشود، فعندما تكون المؤشراتُ عاجزةً عن دفع المرء إلى التفاؤل بمشاورات السويد التي يُفترَضُ أن تنطلقَ غداً الخميس، فهذا لا يعني أننا لا نريدُ السلام، بل على العكس فقراءةُ المؤشرات دليلٌ على وجود حرص كبير على أن يتحقّقَ السلامُ في الواقع، أما الاكتفاءُ بالحديث عنه فهو ليس الغاية بل له نتائجُ سلبية تخدم العدوّ؛ لأَنَّها قد تتسبب بارتخاء نسبي في صفوف الجيش واللجان الشعبيّة في الجبهات ويقابل ذلك مُخَطّطُ تصعيد للعدوان تكرّر مع كُــلّ جولة مشاورات أَوْ مفاوضات.
لكن ما الذي يدعونا لعدم التفاؤل بمشاورات السويد؟ الإجابةُ الرئيسةُ على هذا السؤال تكمنُ في عدم ظهور أية جدية لدى العدوان بالتوصل إلى السلام، بالإضَافَة إلى مؤشرات الميدان وتصعيد الغارات والهجمات على الأرض كلها لا تعطي رسائلَ إيجابية وغير ذلك من المعطيات، إنما دعونا ننتقل إلى إجابات أبسط عن ذلك السؤال في السطور التالية:
قرأتُ أسماءَ أعضاء وفد حكومة المرتزِقة ولفت انتباهي وجودُ اسم المرتزِق عبدالعزيز جُباري، هذا الرجل الذي استقال من منصبه كنائب لرئيس الوزراء ووزير للخدمة المدنية بحكومة المرتزِقة قبل عدة أشهر، كان قد ظهر في عدة مقابلات تلفزيونية صرّح فيها بأن الإمارات تمنع الفار هادي من العودة إلى عدن، وصرّح أيضاً أن تحالفَ العدوان يعمل على منع ما يسمى “الشرعية” من بسط نفوذها وكذلك يعمل على تشكيل مليشيات خارج إطار الدولة… إلخ مما بات معروفاً لدى الشعب اليمني ممن ممارسات دول العدوان تجاه مرتزِقتها.
فكّروا قليلاً.. ما الذي يمكنُ للمدعو جُباري أن يتفاوِضَ بشأنه أَوْ يوافقَ عليه أَوْ يرفُضَه وهو يقر أنه عاجزٌ عن التحَــرّك في مناطق العدوان؟ كيف يمكن أن يفاوِضَ جباري هذا على حلول لقضايا كبرى منها وقف القتال وهو يعرف أنه يمثلُ حكومةً تقر بعدم سلطتها وعدم قدرتها على ضمان تحَــرّك وزرائها في عدن؟
أيضاً الوفدُ الذي سيشارك في السويد يمثلُ حكومة المرتزِقة التي لا تملكُ أية سلطة، فعلى سبيل المثال يعرفُ الجميعُ أن كُــلَّ الوحدات المقاتلة في الساحل الغربي بصفوف الغزاة لا تعترفُ بما يسمى “الشرعية”، فكيف لهذا الوفد أن يفاوض على قضيةٍ لا يمتلكُ فيها أية سلطة ولا تواجُدَ له فيها؟!