بعد كل هذه السنوات وتنوع الأحداث واختلاف القضايا والساحات لتتجاوز الجغرافيا اليمنية وصولاً إلى فلسطين في معركة «طوفان الأقصى» في غزة، التي من خلالها عرف العدو قبل الصديق وترسخت واتضحت الصورة الحقيقية الساطعة لسيد الثورة عبدالملك بدر الدين الحوثي (يحفظه الله) واليمن أرضاً وشعباً، الذي لطالما عملت أنظمة ومؤسسات دولية، خلال العقدين الماضيين خصوصاً، على تشويهها وحجب الصورة الواضحة سعياً منها لفرض عزلة باءت كل مساعيهم بالفشل.
حكمة وحنكة قائد الثورة وصدقيته وشجاعته كسرت كل تلك القيود التي أراد الأعداء تكبيل المشروع الثوري بها في اليمن، وها هي مؤخراً كل الشعوب على مستوى المنطقة والعالم تشاهد ماذا يوجد في اليمن من مشروع وقائد وشعب، أحداث ومجريات في الميدان أسقطت كل تلك اللافتات والعناوين المشوهة والشيطنة التي سعى الغرب المتصهين وأدواته لتصويرها وتعميمها إعلامياً وسياسياً وصولاً للتدخلات العسكرية وبدون أي فائدة عن المشروع الثوري والسيد القائد (يحفظه الله) والشعب اليمني ككل.
أعوام العدوان حتى الآن
لو ترك المتصهينون اليمن يستكمل إنجاز المشروع الثوري الذي سيستكمل بدون شك وبناء الدولة ذات السيادة الكاملة ولملمة شتات الفرقاء الذين لم تدنس سجلاتهم بالخيانة والعمالة والارتهان المزمن للمشاريع الخارجية، كم كان سيتحقق قبل عدوانهم؟! وكيف سيكون وقوف اليمن المستقر مع أهلنا في غزة وفلسطين كلها وكل الأمة الإسلامية؟!
اليوم، بعد خوض المعركة المشرفة «طوفان الأقصى» لنصرة أهلنا في غزة، يشاهد الجميع كيف أصبحت نظرة شعوب العالم لليمن قيادة وشعباً، وكيف تم إعادة تصحيح الصورة المغلوطة التي طالما عمل الأعداء والجوار السيئ على تشويهها، وهذه المرحلة الأخيرة خصوصاً، كيف اتضحت الحقائق وتجلى اليمن تحت لواء سيد الثورة (يحفظه الله) وتغيرت المفاهيم وأصبح الاحترام لليمن على كل لسان وفي قلب كل الأحرار بين الشعوب بكل مكان، وكيف أصبحت قيادتنا ممثلة بقائد الثورة (يحفظه الله) قدوة ونموذجاً يتمنى معها كل شعب يرفض الصهيونية ومشاريع الغرب المستكبر أن يكون يمنياً.
الموقف والمعركة التي انخرط فيها اليمن تحت لواء سيد الثورة (يحفظه الله) ليست بالهينة كما يروج إعلام الأعداء، بل على العكس تماماً، فجبهة الإسناد اليمني لغزة حققت أهدافها الكبيرة في محاصرة العدو الصهيوني وكذلك شياطين الغرب ممثلين بأمريكا و»إسرائيل»، فهناك انعكاسات وارتدادات كبيرة اقتصادياً وعسكريا شكلت جبهة ضغط قوية يعرف حجمها وثقلها العسكريون والاقتصاديون وكواليس السياسة الدولية.
اليمن خاض معركة الالتحام بجبهة الحرب المقدسة مع أهلنا في غزة وفلسطين كلها، ويدفع اليمن أثماناً من الدماء ويتحمل التبعات الكبيرة التي لم ولن تثنيه عن الاستمرار إلى آخر لحظة.
هدد الأمريكان بفرض العقوبات والتصنيف ضمن قوائم الإرهاب، كذلك عرقلة التسوية السياسية التي كانت قاب قوسين من الاستكمال لرفع الحصار وإنهاء العدوان المستمر منذ قرابة التسعة أعوام، تحريك أدوات أمريكا داخليا للسعي في زعزعة الجبهة الداخلية (مرتزقة وداعش والقاعدة)، ولكن الله الغالب على أمره من يعلم بخالص النية وصدقية التحرك والموقف طاعة لله وانتصاراً لمظلومية الشعب الفلسطيني جنباً إلى جنب في مواجهة الصهاينة مهما كانت محاولات التحريض والتشويه.
قدم الغرب، أمريكا وغيرها، إغراءات كبيرة جداً: وقف الحرب وإعادة الإعمار ودفع المرتبات والتعويضات وتسوية سياسية كما تريد صنعاء وامتيازات ضخمة، مقابل وقف الهجمات المنفذة ضد العدو الصهيوني وأمريكا والغرب الداعم والمشترك في العدوان على غزة والشعب الفلسطيني. وهنا من يعرف الحق ولايزال فيه ذرة من الخير والحرية سيعرف أن الموقف اليمني هو الموقف الصريح والصادق والشجاع، وميدان المعركة علني ومكشوف لمن يرى ويقيم ويفهم ولديه عقل، وعلى رأسهم عملاء الداخل ضمن أراضي اليمن الخاضعة للاحتلال والعدوان على بلدنا.
هنا تقع على عاتقنا اليوم كشعب مسؤولية كبيرة جداً بحجم الموقف وهويتنا وانتمائنا ومكانتنا في نظر الشعوب الشرفاء، أن نكون بمستوى المسؤولية ونتعامل مع هذا الفضل من الله بكل احترام وامتنان وتقدير، وألا نسمح بصدور شيء أياً كان من شأنه خدش الصورة التي تحققت اليوم على يد سيد الثورة (يحفظه الله) ووجوب الحفاظ عليها والعمل على استمرارها، وأخص في وسائل التواصل الاجتماعي وغير ذلك، وأن نكون كما ينبغي ويجب علينا في كل ميدان داخلياً وخارجياً.
القيادة التي هيئها الله وأيدها بتمكينه وتوفيقه وتمتلك الجرأة والشجاعة والإرادة لخوض مواجهة مصيرية ضد قوى الهيمنة والاستكبار العالمي وتوجه أشد الضربات المؤلمة، موقف استوقف العالم لمراجعة وتقييم جغرافيا وقائد وشعب اليمن، نستطيع دون أدنى شك خوض معركة التغييرات الجذرية وتوجيه ضربة بالستية تجتث الفساد والمفسدين وتعيد تصحيح الأوضاع في الساحة الداخلية وتنتصر للشعب الموالي والمحب للسيد القائد (يحفظه الله)، ممن تعمدوا العبث والتنكيل بالناس وتدهورت بسببهم الأوضاع وساءت أحوال الناس ولم يكونوا أهلاً للمسؤولية.
لا يتحسس النخبة السلطوية من انتقاد الأوضاع إذا كان لايزال فيهم شيء من الخير، ولا تسكرهم زبيبة السلطة ومزايا المناصب، وليتذكروا بدايات الأمور عندما كانوا في صفوف الشعب بسطاء وكانت همومنا وهمومهم لا تختلف، ومطالبنا ومطالبهم بالتغيير الثوري هي ما جمعنا وعليه نتفق، واليوم بعدما تولى بعضهم بل الكثيرون المسؤولية ماذا حصل؟! أين تلك المبادئ والأهداف؟! إن التغيير يجب أن يكون شاملا، ويكون اليمن دولة للشعب إذا لم تكن الأرض التي يقف عليها الجميع وطناً تتمناه وتعمل ليتحقق لكل مواطن كما تتمناه لنفسك وابنك وأهلك، فقد نكثوا العهود الثورية وخانوا المواثيق التي لأجلها قدمت التضحيات وعمدتها دماء الشهداء وفدتها جراح الجرحى.
لا ننتقد أشخاصاً استهدافاً لمعاليهم، ولا لأنهم تغيروا وانقلبوا على كل شيء لتحقيق مصالحهم الشخصية وخانوا دماء الشهداء وجراح الجرحى لتوظيف أقاربهم وحاشيتهم، ومنهم منطوون ضمن رؤيتهم وجغرافيتهم العقلية، ولا حسداً لازدهار أحوالهم على حساب معاناة الناس، إنما سبب النقد فساد تفشى وسوء إدارة وعدم تحمل للمسؤولية كما يجب، حتى أصبح واقعهم المزري ينعكس سلباً ويضر بالناس ويورث الآلام ويكدر صفو الساحة الداخلية، التي يحرص السيد القائد (يحفظه الله) ويؤكد على ضرورة ولزوم العمل الجاد لاستقرارها ليتمكن الشعب من مواكبة تحرك قائد الثورة (نصره الله).
السيد عبدالملك يقطع الأشواط وتتحقق بفضل الله على يديه الانتصارات والعزة والكرامة وبسواعد المجاهدين في القوات المسلحة، ومن المؤلم خذلانهُ في إدارة ملف الجبهة الداخلية! لا أدري كيف يبرر المزريون لأنفسهم حالة سقوطهم! هل ضمائرهم مطمئنة لهذه الدرجة ولا يبالون؟! وكل من نَقد سوء الأحوال رفعوا لمواجهته يافطة العدوان، واليوم غزة، لترحيل الاستحقاقات! هل يثقون أنهم برخائهم الذي تحقق لهم قد أمنوا الحساب والعقاب الذي سيأتي بلا شك وبيد وتوجهات سيد الثورة (يحفظه الله)، وهم على هذا الأساس يسيئون العمل ولا يبالون، ويمعنون في غيهم ويستمرون بفعل كل ما يخالف الأهداف والمشروع الوطني الحق والعظيم الذي لأجله جاءت وقامت ثورة الـ21 أيلول الخالصة والنقية؟!
هي فرصة لنا كشعب، وجود السيد عبدالملك قائداً للثورة اليوم في أوساطنا، شخص تتحقق على يده بتمكين من الله المستحيلات، والميادين والساحات تشهد على هذه المؤشرات، وعلى يديه وتحت لوائه بإذن الله إنجاز وتطبيق المشروع الثوري. إهدار هذه الفرصة وبوجود المشروع القرآني والقائد والإجماع الشعبي منقطع النظير، كل هذه المقومات المتوفرة لبناء الدولة لكل اليمنيين قد لا تتكرر، وستلعن الأجيال القادمة كل من كان سبباً في عرقلة التغيير منذ بداية الثورة، وليس فقط منذ أعلن عنه سيد الثورة (يحفظه الله)، بعدما وصل إلى قناعة بضرورة إشرافه وإدارته المباشرة وتدخله الشخصي لتصحيح الأوضاع وإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح وبناء دولة للشعب وليس شعباً للدولة، كما قال الرئيس الشهيد صالح الصماد أسكنه الله فسيح جناته.
* نقلا عن : لا ميديا