تذوب وتتبخر حملة المقاطعة المعلنة في رمال رأس المال، بعد مرور أسابيع على التوجه الشعبي والتفعيل الحكومي لمقاطعة المنتجات المرتبطة بالشركات والعلامات التجارية المرتبطة بدول الهيمنة والاستكبار والمرتبطة بكيان الاحتلال. يلاحظ تراجع زخم التفاعل، خصوصاً الحكومي، حالة من الفتور، وهذه العادة تصاحب كثيراً من الملفات، وكأنهُ سلوك نصاب به يدخلنا في حالة من الملل.
الجانب الحكومي في مراكز التسوق المختلفة لم يعد هناك أي وجود للتوعية كذلك، لا منشورات ولا بروشورات توضح للمستهلك العلامات المتخفية التي تشملها المقاطعة، يرافق ذلك استمرار وإصرار البائعين على عرض تلك المنتجات في السوبرماركات والمحلات وكان الأمر تجارة لا بد من استمرارها! وهنا سؤال: لماذا تراجع دور الجهات الرسمية المعنية بضبط الفلتان؟!
إذا كان التحرك مجرد تصريح لوسائل الإعلام وتمرير بقية الموضوع بصمت، فهنا جريمة أخلاقية ودينية ووطنية تجاه توجه الثورة، ومن جانب المسؤولية الدينية أمام الله، ليس لما يحصل في غزة فقط، وإنما لما حصل -ولا يزال- لنا كشعب يمني.
لماذا لم يتم منع عرض كل الأصناف المقاطعة ومصادرتها؟! الأمر كمن يُحرم شرب الخمر ويسمح بفتح حانات البيع! لماذا يستمر عرض السلع المقاطعة؟! ويلاحظ أنهُ في الأسبوعين الماضيين كان التجار قد خفضوا القيمة الشرائية لهذه المنتجات لإغراء المستهلكين وامتصاص صدمة التوجه الذي دعا إليه سيد الثورة، وبعد ذلك عاد السعر بمجرد هدوء وخفوت توجه المقاطعة. كذلك عدم إحلال أصناف بديلة، وهذا الأمر ليس مصادفة؛ لأن الوكلاء والموردين لهم مصالح مالية وستقدم لهم الشركات الصهيونية التسهيلات والدعم المالي لتغطية الأضرار واستمرار تسويق المنتجات. إنها حرب اقتصادية يديرها العدو، وداخلياً الإعداد والمواجهة صفرية، بسبب عدم استيعاب حجم المسؤولية وحساسية وخطر نعومة الملف الاقتصادي، وحرص العدو على استمرار مصالحه وحماية مصادر الموارد المالية لكياناته.
يفترض أن يتبع صدور مصفوفات قوائم مقاطعة المنتجات المعلنة سحب كل تلك البضائع ومنع تسويقها وإيقاف ترويجها وبيعها، وإلا ما هي الفائدة؟! إنها معركة وحرب ضد الأعداء، بينما الركون على استجابة المستهلك تهاون وتقليل من أهمية التوجه المسؤول.
قصور حمله التوعية الإعلامية
الشارع بحاجة كبيرة لتفعيل دور الإعلام وتكثيف التوعية المستمرة المصاحب للتوجه الحقيقي للجانب الرسمي الذي تقتصر مسؤوليته على الفلاشات المؤقتة وغياب الدور المطلوب تجاه تحقيق الغاية التي تصل إلى تحقيق النتيجة المطلوبة والوصول بتحرك المقاطعة إلى النسبة التي تؤلم العدو وتلحق به الضرر الفعلي.
المجتمع معرفته أن «كنتاكي» ومنتجات «بيبسي» و»سنكرز» و»جلاكسي»، وغيرها منتجات شهرتها كشفت جزءاً مما يجب مقاطعته؛ لكن هناك الكثير من العلامات التجارية ومنتجات متخفية تحت أسماء لا يعرف المواطن أنها منتجات صهيونية وغربية تندرج ضمن قوائم الحظر والمقاطعة، والسبب عدم وجود النشرات الإرشادية والتوجيه الإعلامي الموضح لما يحتاج المستهلك معرفته.
ضرورة مقاطعة السموم والمبيدات
السموم والمبيدات هما أداتا القتل الصامتتان اللتان يجب أن يجرم ويحرم ويمنع ويعاقب استخدامهما واستيرادهما وبيعهما، فهما تقتلان كما يقتل العدو بطيرانه وصواريخه وبارجاته.
عندما يشتد النقد لدخول المبيدات والأسمدة التي غالباً ما يكون منشؤها الكيان الصهيوني وأمريكا عبر نقاط بيعهم وإدخالها لقتل شعوبنا، فهم لا يمكن أن يسمحوا بوجودها في أراضيهم أو أن تستخدم في محاصيلهم وحياتهم. يقول مبرر دخول هذه السموم إن «أصحابنا» يستخدمونها في أشياء لا أحد مطلع عليها، وكأنهُ يتم حشو الصاروخ البالستي بـ»منميات الغصون»، وتدهن الطائرة المسيرة بـ»توباز الأحمر»! كلام ومحاولة هابطة للتغطية، فما يحتاجه التصنيع الحربي والجانب العسكري والجهادي ليس بحاجة لتمريره عبر تاجر سموم معروف بتجارة الموت أو غطاء نافذ لا يهتم ولا يعنيه ما تتسبب بهِ مبيدات وسموم أهل مودته.
تجاهل هذا الخطر القاتل ودعمه، يتطلب لفتة كريمة من سيد الثورة (يحفظه الله) وتوجيهه النافذ بتحريم وتجريم ومنع استيراد كل قوائم السموم والمبيدات الأمريكية والصهيونية، وما تتخفى خلف علامات تجارية زائفة، بل وكل ما يلحق الأذى والضرر بسلامة وحياة الناس، وتشديد حبل الرقابة حول عُنق مافيا التسهيلات. كما أن هناك مسؤولية يتحملها مجلس النواب الذي يجب أن يتحرك لفتح تحقيق في هذا الملف الخطير.
وزارة الزراعة معنية بتحديد أنواع المبيدات والسموم الصهيونية وغيرها، وما يندرج تحت القائمة المخفية منها والأنواع الممنوع استخدامها بسبب أضرارها على المواطن، وإصدار قائمة سوداء ومنع دخولها ومصادرة الموجود في الداخل وإتلافها والتخلص منها.
غياب الرقابة الميدانية
غالباً ما تكون الرقابة حالة طارئة ترافق الحملة الإعلامية المصاحبة لمدة أيام، وما إن تخف الرقابة حتى يعود الروتين القديم «وكأنك يا بو زيد ما غزيت»، فمثلا السلع التموينية ترتبط باحتياجات المواطن والاستهلاك اليومي، ويتذكر الجميع عاصفة تسعيرة رغيف الخبز والبيع بالميزان وضرورة جودة الطحين أو «الدقيق» المستخدم، وتوجيهات إلزامية بتنويع الحبوب المستخدمة في رغيف الخبز، مع غياب رقابي عن جزئية هل المخابز مطابقة لمواصفات السلامة الصحية، مثل نظافة المخبز والعجانات وإلى آخره. أيضاً هناك معامل في بدرومات تنتج مواد تنظيف عبارة عن خلطات كيميائية وتوزع للمواطن سموماً تؤكل داخلياً، والثانية تكمل المهمة خارجياً، وكم... وكم... بينما الجهات المختصه مشغولة ولا ندري بماذا!
* نقلا عن : لا ميديا