لازمتني لسنوات تساؤلات عديدة بدون إيجاد جواب، حتى هبت رياح طوفان الـ7 من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 المجيد، فقد كان العالم قبل هذا التاريخ في انحدار وتفاهة. في الغرب أمة مثلية (أمريكا) كما قال الرئيس الأمريكي جو بايدن، فيما في بريطانيا بشر يحولون أنفسهم إلى حيوانات، وفي السعودية حوصرت الشعائر الإسلامية المقدسة وأقيمت مهرجانات المجون والانحلال...حتى أشرقت شمس الـ7 من تشرين الأول/ أكتوبر الغزاوي المبارك لتصعق العالم المُخدر، ولتستفيق الشعوب وتتنبه لما كان مخططاً للقضاء على بشريتهم وإنسانيتهم. طوفان صحوة كانت
عالمية بدون استثناء.
- لماذا فلسطين لم يحررها العرب والمسلمون؟!
- لماذا دول البترودولار تتفرج ولا تقدم الدعم بالسلاح والموقف لفلسطين؟!
- لماذا فلسطين وحيدة؟!
- لماذا الاحتلال مسيطر بكل هذا الصلف والعنف والإجرام؟!
- لماذا الصهاينة في حِل من كل ما يفعلون بشعب فلسطين؟!
- لماذا لم يطبق قرار واحد لصالح القضية الفلسطينية؟!
- لماذا العالم لم يحرك ساكناً تجاه كل ما يحصل طيلة أكثر من سبعة عقود؟!
- ما فائدة الجامعة المسماة عربية؟! ولماذا هناك منظمة العالم الإسلامي؟!
- لماذا...؟! ولماذا...؟! ولماذا...؟!
حتى حصل م الم يكن في الحُسبان: «طوفان الأقصى، يوم من أيام الله انقلب فيه العالم رأساً على عَقِب، سقطت الهيمنة الصهيونية سياسياً وعسكرياً وأمنياً تحت أقدام مجاهدي المقاومة الفلسطينية، بدون طائرات ولا أساطيل ولا جيوش... بأيدي فتية آمنوا بربهم وتوكلوا عليه واعتصموا بحبله وفعلوا ما تعجز عن فعلهِ ممالك ودول، داسوا بأقدامهم الحرة رؤوس الصهاينة المجرمين...!
سقطت الرواية الأسطورة الماسونية عن «الجيش الذي لا يُهزم»، والتكنولوجيا التي لا تُقهر، والكيان الذي تجلت فيه مقولة سيد المقاومة أنهُ أوهن من بيت العنكبوت.
انتهت هيمنة سردية الطرف الواحد (كيان الاحتلال) في رواية المشهد من جانب الإعلام المُسيطر عليه صهيونياً على مستوى العالم. عقود لا تسمع شعوب العالم سوى الرواية الصهيونية. تم شيطنة الفلسطيني، وتصوير الصهيوني كمدافع عن أمنه ونفسه، المحتل «ديمقراطي»، وصاحب الأرض «إرهابي»! عقود طويلة، حجر وطفل أعزل يواجه طائرة ومدفعاً ومحتلاً مدججاً بسلاح عشرات السنين، والدم الفلسطيني يُسفك والرواية ينسج غزلها الأمريكي ليلبسها الصهيوني.
اليوم، بعد «طوفان الأقصى»، تناثرت حبات عقد السيطرة الصهيونية، التي هيمنت على السردية الفردية للمشهد قرابة مائة عام، كانت شعوب العالم لا ترى إلا ما يُنشر عبر وسائل الإعلام الموجهة ماسونياً، على مستوى العالم رؤية من زاوية منحازة لكيان الاحتلال، صورت الاحتلال ضحية يتواجد ضمن محيط يهدد وجوده، وصورت صاحب الأرض الفلسطيني الأصيل «إرهابياً معتدياً»!
كما قال سيد المقاومة سماحة السيد حسن نصر الله، في بداية بركات «طوفان الأقصى»، أن الأمريكي والبريطاني والهيمنة الماسونية لم تحسب حساباً لأهمية وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، التي كشفت لشعوب العالم الحقيقة المغيبة عما يحصل من إجرام وإبادة وظلم للشعب الفلسطيني، ونُشاهد الأثر الكبير والفاعل لنقل الصورة الغائبة عن المشاهدة قرابة قرن مضى.
من كان ليتخيل هذا التحول الكبير عالمياً تجاه القضية الفلسطينية؟! مئات وعشرات الآلاف في عدة دول غربية، سخط وغضب وإدانات انهارت أمامها العزلة التي شيدها كيان الصهاينة. خسارة تزعج الاحتلال بشكل مؤلم، بسبب تغير نظرة شعوب العالم للصهاينة.
نفس الدور والتوجه الإعلامي المهم هو الحلقة المفقودة في كسر جليد الإعلام المسيطر عليه من قبل لوبيات الصهاينة في إيصال مظلومية الشعب اليمني والعدوان عليه حتى اليوم، وكشف ونقل صورا بشعة من الإجرام الذي ارتكبه التحالف ومن خلفه أمريكا والكيان الصهيوني على بلدنا حتى اليوم. مئات الحسابات في وسائل التواصل الموجهة لمناكفات الداخل، لماذا لا يعاد النظر في نشاطها وتوزيع مهامها بلغات مختلفة؟! هناك من لديهم الإمكانيات لمخاطبة شعوب العالم بلغاتهم، وإيصال حقيقة ما حصل في العدوان على اليمن، حتى بنشر صور وثقت المجازر مع تعليقات الزمان والمكان وعدد الضحايا...!
أثبتت الوقائع الميدانية عند مراجعة كل ما جرى خلال أكثر من 100 يوم ألا خلاص ولا حرية ولا استقرار ولا سلام ولا فلسطين إلا بتحرير كامل الأرض المحتلة وإزاله الكيان الصهيوني من على كل شبر مُغتصب. كاذب من يتكلم عن إمكانية أي سلام بيننا وبينهم. ملعون من يُسوق لإمكانية التعايش بيننا وبينهم. كلها لافتات تذُر رماد الذلة والهوان في نفوسنا كمسلمين. هي حقيقة نظرتهم تجاهنا، ليس أهل غزة فقط، عندما يقول قادة الصهاينة يجب التعامل معهم من منظور أنهم حيوانات، هذه عقيدة الصهاينة تجاه كل أجناس البشرية، خصوصاً العرب والمسلمين، فعن أي تطبيع يبحث «حيوانات» التطبيع في المنطقة مع هذا السرطان الخبيث الذي تأخر استئصاله حتى استشرى؟!
في بريطانيا، مدرسة باركلي الابتدائية تطرد أي طالب يتضامن مع فلسطين.
مؤخراً، السعودية تتقمص دور المضحي، بقبول التطبيع لمصلحة قبول كيان الاحتلال إعلان دولة للشعب الفلسطيني، صاحب الأرض الأصيل والتاريخي! استهبال لذهنية الشعوب واستحمار للعقول! أي دولة يتم الحديث عنها؟! إذا نظرنا للخارطة الحالية غزة في جزء والضفة في الطرف الآخر، وبينهما أراض تحت الاحتلال تفصل بينهما. كيف ستكون جغرافيا الأرض لدولة فلسطينية في حين فعلياً ما تحت أيدي الفلسطينيين لا يتجاوز 10٪ تقريباً من إجمالي أرض فلسطين المحتلة؟!
* نقلا عن : لا ميديا