|
الحمدلله أننا في اليمن...
بقلم/ د.أسماء الشهاري
نشر منذ: 8 سنوات و شهرين و 26 يوماً الجمعة 26 أغسطس-آب 2016 07:19 م
تحكي سوسن قصتها...
أنا فتاة في العشرين من عمري و كنت قد التحقت بالجامعة و لكن للأسف لم أعد أذهب إلى جامعتي و قد تلاشت أحلامي و تحولت إلى سراب، ربما ليست أحلامي فقط بل أحلام الكثيرين... و كيف لي أن أذهب إلى جامعتي و مدينتي لم تعد هي تلك المدينة الهادئة و الجميلة بل أصبحت أشبه بغابة موحشة تملأها الحيوانات المفترسة و المخيفة، لقد بتنا نعيش في حياة أشبه بالكابوس نتمنى أن نستيقظ منه في أية لحظة،
هناك من الناس من هربوا إلى الأرياف لكنها لم تسلم هي الأخرى، ها هي شوارع مدينتي قد امتلأت بالقتلة و المجرمين و مصاصي الدماء من إسرائيلين و أمريكان و أثيوبيين و جنجويد و جنسيات مختلفة كثيرة من البلاك وتريين ناهيك عن داعش فكل يوم نسمع تفجيرات هنا و هناك و رائحة الدم تفوح في كل مكان،
لقد تحولت الحياة إلى جحيم، لقد عزف الأهالي عن إرسال أبنائهم و بناتهم إلى المدارس و الجامعات.. لقد أصبحت مهجورة كغيرها من المحلات التجارية و الأسواق،
و الشوارع أصبحت خالية من أصوات الأطفال الذين كانوا يزينونها بضحكاتهم و لعبهم وكثيراً ما نسمع عن مداهمات للمنازل و اقتحامها من قبل الوحوش البشرية بحجة البحث عن الأسلحة و الإرهابيين،
لكن الدماء تغلي في عروق الشباب و شرايينهم فكل يوم نسمع عن حالات طعن و قتل بصفوف المحتلين.. كما نسمع عن الشهداء بصفوف أبنائنا و كذلك الإعتقالات التي تطال حتى النساء لقد ساؤوا وجوهنا و أصبح الموت أفضل من الحياة بمائة مرة، لقد دمروا حياتنا كما دمروا أرضنا و وطننا، هذا ما أراده العملاء و هذا ما لم يكن يحسب حسابه المتقاعسين و الساكتين عن الدفاع عن وطنهم و شرفهم..
يا إلهي ها هي أصوات المحتلين تتعالى في المنطقة إنهم يداهمون بيوت الجيران، كل من في البيت أصبح مذهولاً و جامداً و قد بلغت القلوب الحناجر، أين نهرب؟ كيف نفعل؟
لقد وصلوا إلى بيتنا.... و هم يطرقون الباب بشدة و يكادون يكسرونه، إن دقات قلبي تكاد تتوقف و أشعر أني لم أعد قادرة على الحركة ولا التنفس،
لقد.. لقد...
لقد استيقظت من الكابوس أخيراً و العرق يتصبب مني و عيناي جاحظتان و إذ بي أسمع صوتاً واثقاً و قوياً من مذياع أمي يقول :في اليمن هذا غير وارد،
كنت أقول : الحمدلله الحمدلله و جثوت بين يدي أمي و سألتها : أمي كنتي تقرأين مصحفا أن ينصر الله المجاهدين،
أمي : نعم يا حبيبتي و قد أكملته بعد الفجر اليوم،
سوسن :و قد امتلأت عيناها بالدموع و كانت تقبل كفي أمها كم أنتي رائعة يا أمي الغالية، شكراً لك
الأم : و لماذا تشكريني هذا أقل واجب لمن يدافعون عن أرضنا و كرامتنا،
ثم توجهت سوسن إلى غرفتها و فتحت الدرج و أخرجت عقدها و توجهت نحو غرفة أخيها و وضعت العقد بين يديه و قالت له : أخي أرجوك أن توصل هذا لأجل المجاهدين،
حسام : بالتأكيد يا أختي، و لكن ما هذا الحماس المفاجئ!!
ثم أسرعت سوسن نحو باب المنزل قبل أن يخرج والدها لشراء ما يلزم من مصاريف،
سوسن :أبي الحبيب ما رأيك ما خصصته لأجل مصروف اليوم فلتشتري بنصف المبلغ و النصف الآخر لأجل المجاهدين من الجيش و اللجان الشعبية،
الوالد: فكرة رائعة يا حبيبتي، بارك الله فيكِ
ثم أخذت سوسن هاتفها الخلوي و تحدثت إلى صديقتها : سحر لن أخرج اليوم معكي إلى السوق لأني سأظل في المنزل لأعد الكعك للمجاهدين و بإمكانكي أن تحظري لمساعدتي إن أردتي ذلك،
كان جميع من في المنزل ينظرون إلى سوسن و قد بدا على وجوههم علامات التعجب و الإندهاش، و أخوها يقول : سبحان الله ياله من حماس شديد و مفاجيء..
قالت لهم سوسن : ماذا بكم؟ لا تنظروا إلي هكذا،
مهما فعلنا فلن نوفيهم من حقهم شيئاً من يباتون في العراء في حرارة الشمس الحارقة و برد الشتاء القارس و يبذلون أرواحهم و دمائهم رخيصة لأجل أرضنا و شرفنا و كرامتنا... هل هو من السهل أن تواجه دول العالم بأجمعها المعتدية منها و المتواطئة و هم يمتلكون أعتى الأسلحة تدميراً و فتكاً و ملايين الدولارات مقابل رجال لا يمتلكون سوى أسلحة خفيفة لكن إيمانهم بالله و ثقتهم به و نخوتهم و صلابتهم و تضحياتهم و عزيمتهم الفولاذية قد حالت دون تحالف الشر العالمي أن يحقق شيئاً من أهدافه، فكيف لنا أن نجازيهم،فعلى كل منا أن يعمل ما بوسعه لأجل وطنه و كرامته..
نعم الحمدلله أننا في اليمن،،
|
|
|