أصيبت ملكة بريطانيا بفيروس كورونا، وقبلها أصيب ابنها وولي عهدها، فنشر صورها وتعاطف معها الكثير، لأنها ملكة فقط.. وكأن الملوك لا يموتون ولا يمرضون. مستغربين من وصول الفيروس إليها وهي محصَّنة في عرشها. وكثيرون أيضاً نشروا صورة بوتين وهو يرتدي السترة والكمامات التي لا نرى مثلها سوى في الأفلام.
تماماً كصورة ذلك الطفل السوري الذي غرق في سواحل تركيا، وتصدرت صوره كل وسائل الإعلام، وكتبوا عنه آلاف القصائد، وبكى المذيعون وهم يقرؤون خبر وفاته غرقاً.. بينما هناك أكثر من 5 آلاف طفل قتلتهم صواريخ الحرمين الشريفين، ولم تسقط لأجلهم دمعة.
كلما رأيت هؤلاء الحمقى يتعاطفون مع القتلة، أتساءل: كيف سيفعلون إن سمعوا بإصابة محمد بن سلمان وأبيه، وأمراء الإمارات، الذين أشعلوا سماءنا بالصواريخ وملأوا أرضنا بالمقابر، وجعلونا نرى القيامة قبل موعدها؟
ملكة بريطانيا من أكبر القتلة المشاركين في العدوان ببيعها السلاح للسعودية وتأييدها لكل ما يحدث في اليمن، ومن حقنا كموجوعين ومتضررين أن نفرح أن الله أصابهم كما أصابونا، لأنهم معتدون، وليس لأنهم كفار وعاقبهم الله لكفرهم.
على مدار 24 ساعة تتحدث كل وسائل الإعلام عن الضحايا الذين لقوا حتفهم بفيروس كورونا حول العالم بأكمله، ونحن أيضاً رغم نكبتنا نتعاطف مع الضحايا والشعوب المنكوبة، بينما لم نجد التغطية والمتابعة الإعلامية، ولم يصرخ العالم لأجل أكثر من 20 ألف مواطن يمني قام ابن سلمان وتحالفه بإزهاق أرواحهم دون أي مبرر سوى الغطرسة والتبجح.. بل إن الكثير في هذا العالم صمتوا، ولم يتضامنوا مع دمائنا مجرد تضامن!
تذكرت الخطاب السخيف الذي ألقاه رئيس وزراء بريطانيا، مستخفاً فيه بحياة كبار السن الأكثر عرضة للإصابة، داعياً المواطنين إلى توديع أحبابهم.. تذكرت هذا الخطاب أمس وأنا أشاهد مقطع فيديو لهذا الشخص وهو يعلن فيه عن إصابته بفيروس كورونا.
هذا الفيروس جعل الملوك والأمراء والرؤساء يوقنون بهشاشتهم، وببشريتهم، فالبعض أصبح يتصرف كأنه الرازق والمحيي والمميت، كما هو الحال مع سفهاء الخليج، لعلهم يتعلمون أن الدنيا أدوال، وأن عود الثقاب الذي أشعلوه لإحراقنا سيصل إليهم بعض من شرارته. فمن زرع الموت لن يحصد الحياة.
العالم كله خائف من هذا الفيروس، ونحن في مواقع التواصل الاجتماعي نتحدث عن كورونا بسخرية، وقمنا بتحويله إلى مادة للتندُّر والضحك، ولا تأتي السخرية إلا من شدة الألم.. نضحك ليس لأننا محصّنون ضد هذا الوباء، ولكن ليقيننا أنه لن يحدث لنا أكثر مما قد حدث. فما فعله بنو سعود وعدوانهم جعلنا نرى كل شيء هيناً وسهلاً، لأنهم وصلوا في فجورهم وعدوانهم علينا إلى منتهى التوحش البشري.