نشاط الناس الجماعي وتداعيهم لنصرة المظلوم، وتعاضدهم للوقوف ضد الظالم، والتضحية بهدف رفع الظلم، ثقافة يجري وأدها، وما يجري حالياً هو دفع الشعوب إلى الانكفاء على ذاتها عبر سياسات التجويع والخنق الاقتصادي وضرب معادلة سياسية بين انفراج وضعهم الاقتصادي والتطبيع مع الكيان الغاصب، أو ازدياد وضعهم سوءاً، أي دفع الشعوب إلى سحق بعضها البعض.
ذات مقال انتقد أستاذنا الدكتور أبو بكر السقاف غياب تضامن الناس ضد صلف وعنت سلطة 7/7 قائلاً: "لسنا في مجتمع النمل، بل في عالم الصراصير. النمل يتضامن. أما الصراصير فكل صرصور يسير وحده". ويبدو أن عالم الصراصير انتقلت عدواه إلى الشعوب العربية وصارت شعوباً تتنكر لقضية الشعب الفلسطيني وتزحف صوب التطبيع.
ولم يتوقف في الآن نفسه دفع الأفراد داخل كل مجتمع إلى سحق بعضهم البعض على مذبح الأنانية، واستغراق الناس في تحصيل مصلحتهم الفردية، وغض الطرف عن ظلم سواه من الناس، أي أن هناك حركة دؤوبة لتسليع الفرد، حيث يغدو كل فرد له ثمنه، وتتفاوت أثمان الأفراد بحسب قدراتهم على تزييف وعي الآخرين، وإتقانهم في تمثيل أدوارهم في تحشيد الناس داخل مجتمع الفرجة والاستعراض (مجتمع الفيلسوف الفرنسي جي ديبور)، لكن غاية من يتقن دوره في التحشيد رفع أسهمه في بورصة التحشيد الزائف وتصريف الديماجوجية السياسية.
هذا هو العالم الذي تسعى الليبرالية إلى بنائه وتعميمه، عالمٌ القيمة الأسمى فيه الفائدة والربح الفردي والخلاص الفردي، حتى لو كان هذا الخلاص يقف على أشلاء جموع مسحوقة!
* نقلا عن : لا ميديا