الليل دامس ، وأنيسك الوحيد ذكر الله .. العيون ساهرة تحرس الثغور ، وكائنات لا حصر لها تلهج بذكر الله معك .. العدو منكشف ويائس وبائس ، والشيطان ترك العالم بأسره وأتى اليك ليثنيك عن جهادك ويضعف عزيمتك ، وكلما وسوس جاهدا اصتدم بصبر الرجال الصادقين مع الله ، فيعود خائبا وهو حسير يجرجر أذيال الخيبة .
أذا كان الله معك فمنذا ضدك ؟! في الجبهات رجال صدقوا الله ما عاهدوا به فأنتصروا به ، أمدهم الله بتأييده ، فهم سعداء بما يفعلون حتى صارت الجبهات أحب إليهم من أي مكان آخر ، يشعرون فيها بقربهم من خالقهم الذي أيدهم فنكلوا بعدو الله وعدوهم الذي أصبح محلا للسخرية رغم ما يملكه من أحدث الأسلحة وأكثرها فتكا ، وأذا بأتباع الشيطان يذوبون من شدة خوفهم ويفرون تاركين وراءهم حصونهم وأسلحتهم وعتادهم في آية أخرى للمؤمنين .
من صدق مع الله وتخطى كل مخاوفه التي يبثها الشيطان الرجيم في قلبه لمنعه عن التحرك سيشعر هناك بمدى سخف تردده ، فلا شيء هناك سوى الطمأنينة والراحة ، وهناك تجد حلاوة الوصول إلى اليقين الذي يتجلى أمام ناظريك آيات يوما بعد آخر ، وستشعر بالفارق الكبير بين ما كنت عليه وما اصبحت عليه كلما طال مكوثك هناك ..
أيها المتردد الخائف تحرك ، أيها المسكين التائه تحرك ، هناك جواب لكل مسألة نغصت عليك عيشك ، وهناك محاريب تعرج فيها إلى أقرب نقطة من خالقك الرحيم ، وهناك أبواب إلى الجنة التي طالما سمعت عنها وأشتقت لرؤيتها .. ستعود بعد فترة من الرباط تاركا جزءا من روحك هناك ، ستعود وقد تغيرت نظرتك ، ستحمل معك نورا تمشي به بين الناس ، وستعرف القيمة الحقيقية لكل شيء حولك ، وستحمل بداخلك نعيم وسكينة لا يمكن أن تحصل عليها في أي مكان آخر .. سوى “هناك” …