بمجرد أن انتهت فتنة ديسمبر شهدنا عملية نزوح للكوادر والمتسلقين باتجاه أنصار الله ، وهذا الأمر تم استقباله من جهة الأنصار بترحيب ، وهو أمر جيد لولا أنهم هنا تخلوا عن الحذر ! فعملية النزوح شهدت دخول الصالح والطالح ، وهؤلاء كان معظمهم ممن خبر سياسة “المداقلات” ، وبالتالي تحركوا بسرعة للتموضع في الأوضاع الجديدة ، ومع ترحيب الأنصار بهذا التحوّل ، وطمعا في إصلاح الأوضاع تحت تأثير هالة الخبرة التي يمتلكها هؤلاء ، ونظرا لخبرة هؤلاء الكوادر في اتباع اساليب وخفايا طرق السيطرة والاستحواذ على المناصب ، انفجرت نافورة التعيينات العمياء في معظم مفاصل الحكومة .
هنا لا بد أن نشير إلى أن النوايا الحسنة لدى رجال الثورة لم تكن كافية لتغيير سلوك هؤلاء المتسلقين ، وقد ظهر هذا جلياً مع مرور الوقت ، فقد أدت هذه التعيينات التي كانت غالبا في الجهات الإيرادية إلى انتكاسة رهيبة خصوصا مع تحرك العدوان بشكل أكبر للتأثير على الوضع الاقتصادي ، ولا أجزم هنا بأن (جميع) من تم تعيينهم عملوا على مساعدة العدوان ، وقد تم اكتشاف بعض هؤلاء والإعلان عنهم لاحقا بعد أن تسببوا بخسائر فادحة في المؤسسات التي عملوا بها ، ولعل هذا ما قدم أكبر خدمة للعدوان الذي استطاع ان يكتشف كل صغيرة وكبيرة في النظام المالي والاقتصادي القائم ، وهو ما ساعده في وضع خطط لإسقاط قطاعات اقتصادية ناشئة مثل الصناعات المحلية وقطاع الزراعة والثروة المعدنية والخدمات ، مما حد من تأثيرها الذي كان يعوَّل عليه في تحسين الوضع الحالي .
كما تشاهدون فإن ما ذكرناه – رغم محاولة الاختصار – يعتبر غيضاً من فيض ما وصلنا إليه ، ومن السذاجة أن اعتبر التحاق بعض المتسلقين بدورات ثقافية كان كافيا ليغير هؤلاء سلوكهم ، بل كانت هذه الدورات بمثابة صك الغفران لهؤلاء والذين استخدموها كحجة امام كل من حاول كشفهم او نصحهم ، أما الذين توسطوا لدى الحكومة لتعيينهم فقد ركبهم التعنِّت خوفا من اتهامهم بالتقصير والمحاباة والفشل ، وهو ما أدى إلى استبعاد كل شخص نظيف حاول إصلاح ما فسد ، وبالتالي نحن نرى اليوم ما وصل إليه الأمر من انتشار للفساد واستحداث لمصطلحات جديدة لتبرير هذا الفساد كالقيام بأعمال بسيطة لصالح الجبهات والجرحى والشهداء لتتم التغطية على أعمال فساد أكبر !
هناك نقاط أخرى قابلة للنقاش والأخذ والرد سنتحدث عنها في مقالات أخرى ، فالموضوع كما ترون وكما قلنا “ذو شجون” .. والله من وراء القصد .