بمجرد قراءة العنوان سيهرع كل المرتزقة والمتعصبين والحاقدين وفئات كثير لقراءة المحتوى مع ابتسامة عريضة.
في الحقيقة لا يكاد يمر يوم دون أن أكتشف أن فلاناً ممن كنت أراه أحد العظماء بات يكتب بشكل مكثف عن الفساد، بسبب مصلحة شخصية فقدها، وآخر يفعل ذلك للوصول إلى مكسب شخصي. لا أتحدث هنا عن النوايا التي لا يعلمها إلا الخالق عز وجل، وإنما عن أحداث ووقائع معينة عرفتها وسمعتها بأذني من الأشخاص أنفسهم، فهذا يقول: لقد أوقفوا قرار تعييني! وذاك يقول: لقد قطعوا عني المخصص الشهري الذي كنت أستلمه مقابل كذا! وهذا يقول: موضوعي معرقل في الجهة الفلانية ولم يصرفوا لزوجتي بدل سفر... وكلاماً مخزياً... لا ينبغي أن يتخذ الشخص موقفاً عاماً نظير ما حدث له شخصيا، وهناك من يتحدث عن رغبته بالتعيين في المكان الفلاني، أيضا هناك طرف آخر وهم القادرون على قلب الصحن 180 درجة خلال ساعات بمجرد حصوله على فائدة ويتحول من منتقد دائم إلى ماسح أحذية وممتدح لولي نعمته، والعكس صحيح من مطبل بأسلوب مستفز ومثير للغثيان إلى شخص شغله الشاغل هو الانتقاد.
ومع كل قصة أسمعها يزداد احترامي لنفسي ولكل من يناهض العدوان منذ البداية، ويواجه الباطل وفي الوقت بنفسه يعترض على الأخطاء بموضوعية ومصداقية وينصف المظلوم ويفعل كل ذلك وأكثر لوجه الله عز وجل ومن منطلق وطني بحت وحبا بالمسيرة القرآنية وولاء لقائدها، ولأنه مبدأ مغروس فيه وغير مبني على أطماع دنيوية، بل إننا غالبا ندفع ثمن كلمة الحق بأي شكل من الأشكال.
وحتى نكون منصفين علينا التخلص من الأنانية والعصبية، وهنا سنرى أننا وبشكل تلقائي نتخذ مواقف صحيحة ومنصفة، وعلينا جميعا أن ندرك أننا لسنا في جنان الخلد لنطمع ببلد خالٍ تماما من الفساد والظلم الموجود في كل دول العالم بنسب متفاوتة، بالإضافة إلى أن بلدنا يعاني من عدوان كوني بشع وحرب اقتصادية قذرة وجل مواردنا مصادرة منهوبة من قبل العدوان وأدواته، فمن أين ستأتي المليارات التي تدعون نهبها؟!
كما لا يجب أن ننكر إبقاء الدولة قائمة ووجود نجاحات أمنية واقتصادية ومالية وجوانب أخرى، وذلك يجعلنا في وضع أفضل ألف مرة من المناطق المسماة بالمحررة والمدعومة دوليا. وفي المقابل وحتى نكون منصفين لا ننكر وجود نسبة من الفساد المالي ونسبة كبيرة من الفساد الإداري والمجاملات والمحسوبية وانتقاء ذوي الولاءات الشخصية وتفضيلهم على الكفاءات الوطنية التي بات أغلبها مهمشاً ومحارباً، وهناك مظالم وتراخٍ في حلها. أيضاً يوجد عملية تجميد للأجهزة الرقابية وبشكل متعمد من بعض المنتفعين ومن حماة الفاسدين والفاشلين. ولا أقصد بالتجميد هنا عدم تحرك الأجهزة الرقابية، وإنما عدم تفعيل تقاريرها.
أما الهيئة العليا لمكافحة الفساد فهي للأسف مجمدة بشكل كلي ولا تتحرك، وموظفوها لا يجدون قوت يومهم، بينما أعضاء الهيئة يستلم كل واحد منهم مليون ريال كمرتب شهري، رغم عدم قيامهم بواجباتهم، ولم نشهد منهم أي إنجاز يذكر، بالإضافة إلى أنهم غير ملتزمين بالدوام، وذلك بحسب إفادة نائب رئيس الهيئة العملاق سليم السياني الذي تم إيقافه عن العمل بسبب مصداقيته ومهنيته. وفي هذا الإطار نطالب وبشدة بإعادته، بل وإيقاف الأعضاء الذين لا يقومون بعملهم على أكمل وجه وتوريد المرتبات التي استلموها طوال الفترة الماضية إلى خزينة الدولة.
* نقلا عن : لا ميديا