كلنا كنا في الملعب تلك الليلة. لقد كانت لعبة رياضية وسياسية؛ فكل المباريات السابقة كانت في كفة، ومباراة تلك الليلة في كفة! إنها نفثة الصدور ولو من باب الترويح عن نفس ضاقت بعد طول الظلم والقهر. صحيح أنها كانت مجرد مباراة كرة قدم، ولكنها حملت الكثير من مشاعر الفرح التي تتعدى كونها فرحة نصر بمباراة كرة قدم، وتداخلت فيها السياسة بالرياضة، وأحسسنا فيها بالغبطة والشماتة بالعدو الذي استمر في الإيغال بالظلم لنا في كل المجالات حتى يشعر بالزهو أنه يقهرنا في كل شيء لأنه عدو مريض نرجسي خبيث.
رغم ما فعلوه خابوا، فالمباراة على أرضهم، وقد فعلوا كل ما يمكن لمنع جمهورنا من حضور المباراة، واستعانوا بمستشارين وخبراء لفرض ما يستطيعون من أجواء سلبية لوأد عزيمة منتخبنا الناشئ، ولكن كل ما فعلوه لم يجد نفعا أمام الروح الجديدة التي تكونت لدى جيل عايش سبع سنوات من الحصار والعدوان والدمار.
لا مبالغة هنا، ومن يعتقد أني أبالغ فهو مخطئ؛ فالواقع أننا قهرنا عدوانا شاملا بأعتى الأسلحة العسكرية والنفسية، وعقود من الحروب الناعمة التي كانت الغاية منها سحقنا كشعب لنعيش كتابعين لا يملكون عزما ولا حرية ولا كرامة، ولكن التغيرات حدثت وما تزال تحدث، وما تحقق خلال سنوات العدوان من تغيرات في الشخصية اليمنية سيمتد إلى كل المجالات، بما فيها الرياضة.
لم نعد ذلك الشعب المخدر الذي لا يملك ثقة بنفسه، بل أصبحنا شعباً يملك الجرأة ليبادر ويغير. وهذه البطولة ليست أكثر من مؤشر بأننا مهما كانت المؤامرات والصعاب فإننا سنظل شعباً واحداً، وأننا رغم التعتيم استطعنا قهر أعتى الجيوش، وقد صار لنا هدف نسعى لتحقيقه بخطى حثيثة، ولدينا قيادة ومنهج نستطيع من خلالهما اللحاق بركب الحضارة التي طالما عرفنا بها، وبزوال الفساد والتبعية لا بد سيأتي اليوم الذي يتم التعامل فيه باحترام وتوقير للجواز اليمني في كل بلدان العالم.
الروح الرياضية مطلوبة، ولكن ليس مع عدو متغطرس وحقود كالنظام السعودي. وإنها لفرصة متاحة اليوم لجيراننا أن يفكروا هم لماذا يتعاملون معنا بهذا الاستعلاء والدونية؟! فليفكروا هم بروح رياضية، وليعتادوا عليها، فهم بالتأكيد سيحتاجون لها عندما ننهي احتلالهم لكل شبر من أرضنا ونبدأ مرحلة الثأر والحساب لكل ما فعلوه ومستمرون في فعله باليمن واليمنيين. وقفة مع الضمير يا شعب المملكة قبل فوات الأوان.
* نقلا عن : لا ميديا