لا شك في أن الله يحمي اليمنيين، ولذلك نشاهد ألطاف الله بنا خلال سنوات العدوان والحصار الخانق الذي لو حدث لدولة أخرى لكان كفيلاً بسحقها. وطبعاً المنظمة الدولية ومجلس أمنها يتفرجون على كل هذا بصمت. ولكن على ما يبدو أن حكومتنا أيضاً أصبحت تتفرج على كل ما يحدث، ولسان حالها يقول: للمواطن رب يحميه!
يرتفع الدولار فترتفع الأسعار! تنعدم المشتقات النفطية فترتفع الأسعار! تقوم حرب في أطراف العالم فترتفع الأسعار قبل أن ترتفع في أسواق الدول المتحاربة أصلاً!! وإذا حدث وانخفض الدولار أو توفرت المشتقات النفطية أو حل السلام بين تلك الدول المتحاربة فإن الأسعار تبقى على حالها في انتظار أزمة أخرى لتعاود الارتفاع، بينما المواطن الصامد يعاني، ويتلفت يميناً وشمالاً بحثاً عمن يرأف بحاله، فلا يجد أحداً!
المصيبة أننا نقدر ظروف حكومتنا ونبحث لها عن أعذار دوماً، لأننا عازمون على الانتصار ضد الأعداء مهما كلف الأمر، بينما الحكومة ساكنة لا تبحث عن حلول، وقد اكتفت بشماعة الظروف لتشهرها في وجه كل من يتساءل عما يحدث! فهي تخذلنا رغم كل تلك الآمال التي وضعناها عليها في هذه المرحلة الخطيرة من تاريخ شعبنا وأمتنا، ولو كانت تفعل شيئاً ولكنه لا ينجح فتعاود المحاولة فلا بأس؛ ولكن المصيبة أنها لا تفعل شيئاً!!
مثلاً، ماذا فعلت الحكومة في الأزمة الأخيرة؟! لم نسمع تصريحاً واحداً يبرر رفع تعرفة المواصلات ويحدد سعرها “المؤقت”، كما لم نرَ أي تصريح بإعادة السعر القديم، بل تُرك المواطن ليواجه أصحاب سيارات الأجرة بنفسه، ولم نرَ حلولاً حتى لذلك الموظف الحكومي في مواجهة هذه الزيادة ولو بتأخير موعد دوامه بعد أن صار مجبراً على المشي الطويل ليلحق بمقر عمله!
جاء رمضان، وكالعادة استعرت الأسعار، فالتجار مصرون على استقبال الشهر الكريم بالتنغيص على المواطن عيشه، وارتفعت النداءات بحثاً عن وزارة التجارة لتؤدي عملها في إلزام التجار التقيد بأسعار عادلة، وضبط الأسعار؛ ولكن لا مجيب!
قانون المؤجر والمستأجر مشروع آخر ذهب أدراج الرياح. وكم نادينا باعتماد نظام التأجير بالمتر كما هو الحال عليه في دول أخرى، وعدم ترك الأمر لضمير المؤجر الجشع؛ ففي ظل انعدام المرتبات والأجور، والوضع الاقتصادي الصعب، كان من الواجب على الحكومة أن تتدخل، خاصة مع ارتفاع الإيجارات رغم ازدياد عدد العقارات الجديدة بشكل غير مسبوق. وللأسف لا يوجد دليل واحد على أن الحكومة كلفت نفسها البحث عن حلول، بل تركت المواطن ليواجه هذا الأمر بنفسه، وباتت إيجارات العقارات تخضع لما يشبه المزادات.
الخطاب الأخير للسيد القائد، خاصة حديثه عن الغلاء، استقبله الناس بترحاب شديد، لأنه لامس همومهم. ومن المؤسف ألا تتلقف حكومتنا هذا الكلام بالاهتمام نفسه، والموضوع يحتاج لعمل يواكب التحديات وضمير صاحٍ فقط، وهذا الأمر كان كفيلاً بأن يزيد تلاحم الحكومة مع المواطن.
وصدِّقوني، الأمر ليس صعباً أو مستحيلاً، فلدينا العقول والكوادر التي تنتظر من يستغلها، ولا يوجد سبب للتسويف والاعتذار، ونحن نرى ماذا يستطيع أن يفعل اليمنيون في الجبهات، فقد حققوا المستحيل. ولكن إلى أن نرى بوادر تحرك حكومي سيظل لسان حالنا يقول: للمواطن اليمني رب يحميه!
* نقلا عن : لا ميديا