هناك طريقان لا ثالث لهما لإدارة الدول:
الأول: طريق التبعية والارتهان، وهو طريق سهل العبور فيه، وكلما كانت الدولة تمتلك ثروات طبيعية كبيرة فإن الناهب الدولي يمنح الدولة فرص إنتاج كبير لهذه الثروات يفوق حاجتها بأضعاف ويحول هذه الثروات من باطن الأرض إلى ثروات مالية في بنوك العالم، وتوظف جزءا منها عبارة عن رشوة للرعايا داخل هذه الدولة عبر اقتصاد استهلاكي بذخي، وهذا ما حدث ويحدث في ممالك النفط الخليجية.
بيد أن هذا الطريق غير آمن ولا مستقبل لشعوبه ولا لدوله، فما إن تنضب الثروات تموت الحياة في هذه الكيانات وتتحول إلى بيئة حرب الجميع ضد الجميع، ويهاجر البعض منها في أفضل الحالات.
الثاني: طريق رفض التبعية والارتهان، صعب ومحفوف بالصعوبات والعراقيل، وتكون الدولة والناس فيها أمام تحديات جمة، ولا تكون أوضاعهم سهلة، ولا يختط هذا الطريق إلاّ الشعوب الحية التي تمتلك نخباً سياسية تتمتع بقدر عال من المسؤولية، ولديها شعوب تتمتع بإرادات قوية وعندها استجابات لهذه التحديات.
وعلى صعوبة هذا الطريق إلاّ أنه طريق مضمون ومأمون، يحافظ على الوجود الجمعي ويحقق نهوضا حضاريا مستقبليا. وهذا الطريق اختطته الجمهورية الإسلامية الإيرانية بعد أن نفضت عن كاهلها ثورة 11 شباط/ فبراير 1979 نظام التبعية والارتهان. ومذاك مرت بامتحانات قاسية وتعرضت للمؤامرات والحروب؛ لكنها استطاعت أن تجعل من نفسها دولة إقليمية كبيرة يحسب حسابها ولها حضورها على المسرح الدولي.
وهناك سؤال يطرح نفسه بإلحاح: ما الذي يدفع النخبة الحاكمة أن تختار وتفضل الطريق الصعب على الطريق السهل؟!
أظن أن هناك مجموعة من العوامل؛ لكن بالتأكيد يقف في صدارتها الشعور العالي بالمسؤولية تجاه مستقبل الأجيال اللاحقة ومستقبل الدولة.
وبالمختصر: يمكن القول بأن الطريق السهل طريق يسلكه لصوص الحكم وناهبو ثروات ومقدرات الأمة!!
* نقلا عن : لا ميديا