لو سألتموني هل أفضل أن أعيش في الماضي أم في المستقبل؛ لاخترت الماضي دون تردد! وإني لأشفق على الأجيال القادمة مما يحاول الأوغاد أن يصلوا بالبشرية إليه من انحطاط وضياع. يكفي أن ندرك آثار التفكك الأسري وفقدان التواصل البشري وضياع القيم على البشرية جمعاء!
اليوم يحاولون أن يشرعنوا الفساد، ويتحركوا بجهود -يحسدون عليها- وبنشاط لجعل الفساد والشذوذ شيئا طبيعيا، بل وفوق الطبيعي! أي أنك لا بد أن تحترم السفالة والانحطاط؛ ما لم فأنت شخص غير محترم، والمطلوب منك ألا تتكلم إذا شاهدت بغلاً يملك شارباً كثيفاً وهو يُقبّل بغلاً آخر في فمه، أو أن يكون من الطبيعي أن ترى ابنتك وهي تخرج لمقابلة صديقها وهي تحمل واقيا ذكريا في حقيبتها، أو أن تجد حاقداً لئيماً وهو يسب ويلعن ربك ودينك ونبيك ومقدساتك!
أنت إن لم تشعر بالقلق مما يحدث فتأكد أن آثار الحرب «الناعمة» الخبيثة قد استطاعت أن تتغلغل في جيناتك، وقد تحولت لكائن آخر غير ما خلقك الله عليه، وهذا الكائن غير الطبيعي هو أسوأ من البهائم، لأنه لا يوجد بهيمة تحترم نفسها وتقبل بهذا التحول، فحتى القطط قد تثور ضد ديناصور يحاول أن ينال من صغارها، أو حتى عظمة حصلت عليها بمجهودها الشخصي!
هم منذ البداية (وأرجو أن نركز على هذا الأمر) يستهدفون الدين والأخلاق، وينشرون الفساد الأخلاقي بكل أشكاله؛ لأن هذه الطريقة الوحيدة للسيطرة على المجتمعات بغية استنزافها. حتى في المجتمعات التي يسيطرون عليها نجدهم حريصين على إبعادهم عن كل ما له صلة بالدين؛ فبدلوا التوراة بالتلمود، والإنجيل جعلوه «أناجيل»، وحتى عندنا حاولوا نشر مئات الآلاف من الأحاديث المدسوسة لتكون بديلا عن تعاليم القرآن، وكل هذا ليفرقوا المجتمعات فتختلف فتتناحر ويسهل قيادتها.
لاحظ أنه كلما زادت الفجوة بين البشر زادت ثروات الأباليس وسيطرتهم على الأمم، وكلما ابتعد الناس عن خالقهم كانوا لقمة سائغة في متناول مجلسهم «الماسوخي» الذي يقود هذه الحرب ضد الفطرة السليمة والخير، ولتحقيق أهدافهم المشؤومة تحركوا لقرون طوال، ولذلك أيضاً لم يتسامحوا مع أي شخص أو جماعة وقفت في طريقهم؛ لأنهم يعلمون أن قوة الخير أقوى من كل ما بذلوه، وتشكل خطرا كبيرا على مستقبل مشروعهم.
في مواجهة الباطل لا بد أن نقف مع أنفسنا ومع مستقبل أولادنا، وأن ننبذ كل الأفكار التي يسعى أعداؤنا من خلالها لتجريدنا من قوتنا ويستعبدونا ويسلبونا حقوقنا وآدميتنا. علينا أن ننبذ الأفكار التي يروجون لها لتفريقنا، فنحن أمة واحدة كما أراد الله لنا، ولا يجوز بأي شكل من الأشكال أن نقبل بأي دعوات ونظريات تؤدي إلى تفرقنا واختلافنا، ولنعتصم بحبل الله جميعا، فقط.
* نقلا عن : لا ميديا