شعراء الغدير والولاية اليمانيون من القرن الأول حتى الخامس عشر للهجرة(الحلقة الأولى)
المقدمة
لم أجد مدخلا لأسرد وأرتب فيه كل ما بداخلي في ديوان شعري يحوي خلاصة 14 قرنا ونصف من الفكر والأدب والعلاقة مع الوحي والنبوة وكل ما هو سماوي وما يترتب عليه سوى بيت للشاعر اليمني الكبير أحمد بن علوان حين يقول عن إحدى قصائده (علويّةٌ نبويّةٌ صمديّةٌ.. أنوارها تستطلعُ الأنوارا)
ابن علوان يرسم العلاقة التراتبية بين العلاقة بين الخالق تعالى وبين الطريق والباب إليه بدئا من باب الباب
فعليّ (ع) باب محمد(ص) ومحمدٌ (ص) باب الله تعالى ولا سبيل لاستطلاع النور إلا عبر هذا الدرب المتسلسل الأنوار تصاعديا... وذات الشاعر وفي بيت آخر يرسم الطريق من الباب الأعلى إلى الباب الذي ليله لندخل منه فيقول:
من أنجمٍ نبويّةٍ علويّةٍ سطعتْ فليس لنورها إطفاءُ
فهنا بدأ بالمدينة الرسول الأكرم واستقر في الباب الإمام علي (ع) وفي كلا المعادلتين لا بد من الدخول من باب الإمام علي ع وبإيجاز استطعت من خلال بيتي ابن علوان الربط بين النص الديني الإلهي والنبوي بالنص الشعري والأدبي الذي هو موضوعنا وأن ذكر علي ع في الشعر كأنه امتداد وتوضيح للوحي وذكر رسول الله وذكر الله جل جلاله من هذا الدرب فالله حين قرن شهادة لا إله إلا الله بشخص واحد وهو "أشهد أن محمدا رسول الله" هو ذاته في وحيه جعل عليا نفس نبيه في آية المباهلة وهو من أمر الرسول بتبليغ اية الولاية ولم يكنِ الشعر غائبا حينها ولا اليمن فحين يذكر علي يلهج بذكره يماني كان مصداق قول الرسول ومواكبا له كقصيدة حسان الشهيرة وغيره من شعراء الصحابة ومن يومها والأدب العلوي والغديري الولائي مواكبًا للنص القرآني والحديثي لم يفترق في وقت عنه ولم يفترق اليمانيون في كونهم أكثر الشعراء كتابة فيه.
أهم من بدأ بجمع الأدب الذي اهتم بالإمام علي ع هو شاعر وأديب يمني(يوسف بن يحيى الحسني الصنعاني).. صاحب كتاب نسمة السحر فيمن تشيع وشعر ثم تبعه الأميني صاحب كتاب الغدير وناقلا منه ومكملا لما نقص وإن سبقه آخرون ولكن كانت مؤلفاتهم كمذكرات وخواطر وليس مصنفا مستقلا مرتبا مختصا...
أول شاعر قال في الغدير شعرا بمحضر النبي الأكرم هو يمنيحسان بن ثابت
قيس بن سعيد الهمداني وقومه همدان هم الوحيدون الذين اختصوا بقصيدة من الإمام علي ع عنهم هم اليمنيون في صفين بقصيدته الميمية الشهيرة (ولو كنت بوابا على باب جنة لقلت لهمدان ادخلوا بسلام)
اليمنيون أول قوم كان غديرهم قبل غدير الأمة كاملة هم اليمنيون حين أسلموا على يد الإمام ع في جمعة رجب بعد أن بعثه الرسول الأكرم إلى اليمن واسلموا له طوعا وبايعوه ونزلت فيهم سورة النصر واختص الله اليمانيين بأبرّ أصحاب النبي وأبر اصحاب الإمام من اليمن كعمار بن ياسر وذراع الإمام اليسرى مالك الأشتر الذي كان للإمام علي كما أمير المؤمنين للرسول.
الإيمان اقترن بالإمام علي عليه السلام وباليمانيين معا،فحين قال الرسول الأكرم في الإمام علي ع برز الإيمان كله للكفر كله حين برز في الخندق لعمرو بن ود والرسول الأكرم حين يقول في حق اليمانيين (الإيمان يمان والحكمة يمانية) وكل ما ذكر الحكمة ذكر كلامه في نهج البلاغة فكما اجتمعنا معه في صفة الإيمان اجتمعنا معه في صفة الحكمة وافترقنا من حيث أنه وصي رسول الله وولينا وإمامنا ونحن أنصاره فعلاقتنا هنا نظمها الإيمان والحكمة الجامعتان لنا بأنه القائد ونحن الأنصار كل ما ذكر الإيمان تخطر إلى الأذهان أشياء أولهما علي ع السلام والثاني الأنصار اليمانيون واليمانيون ككل، الإيمان في علي القائد والإيمان في اليمانيين الأنصار ولهذا القصيدة الأشهر لإمام البلاغة والبيان كانت في اليمنيين وخصوصا همدان.. الحديث يطول عن اقتران الإيمان بالمصداقين الأهم ومن هنا أعود إلى الأدب اليمني الأغزر عربيا وإسلاميا منذ عصر النبوة فخمسة من أهم الصحابة والشعراء في العصر النبوي هم يمانيون وقد دونوا جميعا الكثير من فضائل الإمام شعرا والحادث المفصلي في حياة المسلمين وهو يوم خم يوم الولاية
الرابط بين يوم الولاية ومائدة نبي الله عيسى ع والأنصار اليمانيين
حين جمع نبي الله عيسى ع الحواريين وبني إسرائيل وفيه بشر برسول الله أنه النبي من بعده اسمه أحمد إلى أن قال ... من أنصار إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله وتوعد من كفر بأنه سيناله عذاب لا يعذب مثله أحد من العالمين فكفر بني إسرائيل ومن وقته وهم يلاقون العذاب والشتات والويل بل وحاولوا قتل المسيح ع مع ان الإنجيل بالعبرية يعني التبشير.. هذه الحادثة التي اقترنت بمائدة سماوية جاء مثلها وتكملتها والجزء الثاني منها في سورة المائدة ذاتها بولاية الإمام علي ومقرونة في يوم غدير خم بجوار الماء الشهير وإن كان الأدب المسيحي ذكر يوم تبشير المسيح بالرسول ص أو يوم المائدة بالعشاء الأخير فإن الأدب المسيحي لم يتجاهل الغدير بل ودواوين كاملة كتبها المسيحيون في الإمام ويوم الغدير فمن أحرى بأن يهتم بمثل هذا الأدب سوانا ... كان يبحث المسيح ع عن أنصار لله ولم يجد إلا قليلا من الحواريين وأكثر بني إسرائيل ممن كذبوه وحاولوا أن يقتلوه بينما من بشر به المسيح وهو النبي الأكرم وجدنا كما وجد آباءنا له أنصارا وأنصار لمن بشر به رسول الله في يوم خم وأمر الله أن يبلغ ذلك لكي يكمل لهم الدين ويتم عليهم النعمة فإن وحي الله تعالى لا يجسده في بيت شعر سوى بيت الشاعر اليمني الصوفي الشهير عبدالرحيم البرعي حاكيا عن الوحي
ما بينَ جبريلَ والطهرِ ابنِ آمنةٍ إلى الإمامِ عليّ كانَ مسراهُ
ما أجمل هذا التوصيف الدقيق الذي اختصر كل العبارات والمقدمات ليوجزها في بيت واحد ويختصر كل ما البال من حديث..
لماذا نجمع أدب اليمانيين في علي ع دون غيره؟
سؤال بديهي قد يسأله من لا يعرف عليا..
علي عليه السلام ليس للعرب والمسلمين بكل طوائفهم فقط فهو عالمي ولكننا أولى الناس بحبه ونحن مقرونون بأهم خصلة اختص بها وهي الإيمان والحكمة كما أوردنا..
اليمانيون وعلاقتهم بنبذة مهمة مما قاله بعض أهم مفكري الإسلام والغرب عنه سلام الله عليه:
-
قال شبلي شميل (مفكر مادي) :(الإمام علي بن أبي طالب عظيم العلماء نسخة مفردة لم ير لها الشرق والغرب صورة طبق الأصل لا قديما ولا حديثا).
لكن اليمانيون عرفوه عن قرب وعرفهم عن قرب في محطات كثيرة حين جاء إلى اليمن موفدا من رسول الله ص وأسلموا على يديه في جمعة رجب وهو الإسلام العلوي المحمدي الطوعي الوحيد وعرفوه في مدينة الرسول أوسا وخزرجا بل إن قادات الأنصار ممن وقفوا معه ولم يبايعوا سواه بل إن قياداته هم يمانيون كعمار والأشتر وقيس بن سعيد وغيرهم وعرفهم في الجمل وصفين والنهروان وفيهم قال قصيدته الأشهر..
قال العلامة السيد الرضي:(كَان أمير المؤمنين ع مشرِّعُ الفصاحة ومُورِدُها، ومُنشأ البلاغة ومُولِدُها، ومنه (ع) ظهر مَكنونها، وعنه أخذت قوانينها، وعلى أمثلته حذا كل قائل خطيب، وبكلامه استعان كل واعظ بليغ، ومع ذلك فقد سَبَقَ فَقَصَرُوا، وتَقَدَّمَ وتَأَخَّرُوا إلخ) ...
والبلاغة والفصاحة هي نفس الصفات التي اشترك اليمانيون مع الإمام فيها يقول أبو عمرو بن العلاء كادت تذهب اليمن بالشعر... فمعظم شعراء العربية بل وأشهرهم هم يمانيون فكيف لا يعرف البليغ قدر البليغ وإعجاز هذا الحب والولاء مستمر لمدة 14 قرنا من العطاء الشعري واسم علي لم يغب في محفل شعري يماني منها.
ويقول ابن أبي الحديد:(وما أقول في رجل تحبه أهل الذمة على تكذيبهم بالنبوة، وتعظمه الفلاسفة على معاندتهم لأهل الملة، وتصور ملوك الفرنج والروم صورته في بيعها وبيوت عباداتها، وتصور ملوك الترك والديلم صورته على أسيافها، وما أقول في رجل أقر له أعداؤه وخصومه بالفضل، ولم يمكنهم جحد مناقبه ولا كتمان فضائله، فقد علمت أنه استولى بنو أمية على سلطان الإسلام في شرق الأرض وغربها، واجتهدوا بكل حيلة في إطفاء نوره والتحريف عليه ووضع المعايب والمثالب له، ولعنوه على جميع المنابر، وتوعدوا مادحيه بل حبسوهم وقتلوهم، ومنعوا من رواية حديث يتضمن له فضيلة أو يرفع له ذكرًا، حتى حظروا أن يسمى أحد باسمه، فما زاده ذلك إلا رفعة وسموًا، وكان كالمسك كلما ستر انتشر عرفه، وكلما كتم يتضوع نشره، وكالشمس لا تستر بالراح، وكضوء النهار إن حجبت عنه عينا واحدة أدركته عيون كثيرة، وما أقول في رجل تعزى إليه كل فضيلة، وتنتهي إليه كل فرقة، وتتجاذبه كل طائفة، فهو رئيس الفضائل وينبوعها وأبو عذرها).
من هنا لم يخل مذهب في اليمن شيعي أو سني من مدح وذكر الإمام ع من شعراء اليمن بعضهم أوردنا نصا من نصوصهم بالكامل في الداخل كابن شهاب والشوكاني وابن الامير الصنعاني وغيرهم، ومنهم من أوردنا أبيات من قصائدهم في المقدمة كأبي نواس وابن هتيمل وابن علوان والبرعي والإمام الهادي يحيى بن الحسين والبردوني وعبدالله بن حمزة والسيد مجدالدين المؤيدي وعمارة اليمني وأبو بكر العيدروس وغيرهم ممن كان لهم ابيات فقط أو ابيات في قصائد سيقت لأغراض أخرى..
-
ويقولدانتي شاعر إيطالي(جمرة النار الحارقة كان النبي محمد وعلي بن أبي طالب، وما يستطيع الناس تحمل هذا).
بل جمرة النور للمهتدين وجمرة النار على الضالين ولهذا لم يستطع مجتمع الطلقاء وغيرهم ممن شربوا الطغيان أن يصبروا عليهما معا وأن يجتمع معهما الأنصار اليمانيون فسعوا وخططوا ونفذوا ليكون قاتل الإمام ع من ضمن مجتمع الأنصار الذي ناصروه وناصروا رسول الله قبله وناصروا أبناءهما من بعد فكانت الخطة الجهنمية وأشقى الورى عبدالرحمن بن ملجم.. وفي هذا الديوان الشعري العديد من القصائد التي ركزت على قضية استشهاد الإمام ع بل إن النصوص من أولها إلى آخرها تتكلم عن شهادته ع ومآلاتها.
-
ويقول المفكر الغربي جيرارد اوبنز: (سيظل علي بن أبي طالب فارس الإسلام والنبيل الشهم وشخصية فريده متألقة شاعر ومؤمن ونبيل وقديس, حكمته كالنسيم الذي يتنفسه كل إنسان فهي أخلاقية وإنسانية, منذ تولده وإلى وفاته كان حكيما جمع تلاميذه وناداهم بإخوتي وأحبائي, حقا كان هارون المتجدد صدّيق النبي موسى كما وصفه النبي محمد (ص)).
من هنا وجدت نصوصا لشعراء يمانيين يوردون ما حصل على لسان الإمام ع هذا التماهي والمحبة وذوبان الجليد بين المحب ومحبوبه كسر الحاجز لكي يقول الشاعر قصيدة على لسان الإمام ع ويتقمص فيها أهم اللحظات وهي استشهاد الإمام ووصاياه وكلامه عن طلاقه للدنيا في لفتة شعرية فريدة.
-
ويقول هنري ستووب:(ازدرى العالم المادي ومجده الخادع، خشي الله وكان محسنا جوادا إلى الخير، الأول والسابق إلى كل فعل إلهي، وحكمه كان اجتماعيا، ويملك إبداعا وذكاء حادا؛ ولذا بدا غريبا عن مجتمعه).
من هنا وجدت قصائد كثيرة وقد أوردتها خصوصا عن أحد أهم فضائل الإمام ع وهي التي في سورة الإنسان وإطعام المسكين واليتيم والأسير وقد أوردنا في هذا الديوان الكثير منها بل وإحساس الشعراء باليتم كسائر الأيتام والأسرى والمساكين في سياق ذكرهم إما لهذه الفضيلة في سياق عام أو في سياق ذكر استشهاد الإمام ع.
-
ويقول الكاتب، المؤرخ فيليب خوري عن الإمام ع: (الباسل في الحرب، البليغ في الخطاب، الشهم تجاه الخصوم، المثل الأعلى للمسلمين بالشهامة والفروسية والنبل).
وأما عن الشجاعة والفروسية واشتراك اليمانيين مع الإمام في هذه الصفة فقد جسدوها من مصداقين أولهما في الميدان معه ومع الرسول الاكرم فهم خيرة الانصار وخيرة المستشهدين والمصداق الثاني شعري فشعراء الإمام وشعراء آل البيت معظمهم من اليمانيين ... وحتى اليوم لا زال اليمانيون يثبتون ولاءهم للإمام علي ع في ميدان البطولة والفداء ضد أمريكا وآل سعود وفي ميدان الشعر فكم من قصيدة أصبحت كتيبة من قذائف وحمم وكم من شاعر أصبح جيشا لا يرد.
-
قال عامر الشعبي:تكلم أمير المؤمنين (ع) بتسع كلمات ارتجلهن ارتجالًا فقأن عيون البلاغة، وأيتمن جواهر الحكمة، وقطعن جميع الأنام عن اللحاق بواحدة منهنَّ، ثلاث منها في المناجاة، وثلاث منها في الحكمة، وثلاث منها في الأدب، فأما اللاتي في المناجاة فقال(ع): (إلهي كفى بي عزًا أن أكون لك عبدًا وكفى بي فخرًا أن تكون لي ربًا أنت كما أحب فاجعلني كما تحب) وأما في الحكمة فقال (ع): ( قيمة كل امرئ ما يُحسنه، وما هلك امرؤٌ عرف قدره، والمرء مخبوء تحت لسانه) وأما في الأدب فقال (ع): (امنن على من شئت تكن أميره، واستغن عمن شئت تكن نظيره، واحتج إلى من شئت تكن أسيره).
-
وقال ميخائيل نعيمة: وأما فضائله (ع) فإنها قد بلغت من العظم والجلال والانتشار والاشتهار مبلغًا يسمج معه التعرض لذكرها، والتصدي لتفصيلها... إلخ)
وتعقيبا على مقولة عامر الشعبي وكذلك ميخائيل نعيمة عن الإمام علي ع من أن الحديث عن فضائل الإمام أصبح موضوعا مستهلكا فقد أوردنا في الديوان قصيدتين من التفعيلة لشاعرين جسدا بعضا من حكم الإمام في مقاطع تفعيلية اخترنا منهما لعبد السلام الكبسي وخالد الشامي وهذا غرض شعري جديد يتناول الإمام ع مما قال لا مما قيل فيه.. وفي ذات الغرض الجديد في الشعر العلوي مما لم نستطع إيراده لطولها استذكر قصيدة للشاعر حسن الشرفي ذكر فيها معظم حكم الإمام علي ع في قصيدة والشاعر من الشعراء الذين كتبوا ديوانا كاملا في الإمام ع وأسماه ديوان الإمام هو وشعراء آخرون لهم دواوين كاملة مطبوعة منهم حاتم مشراح والشاعر هادي الرزامي، ودواوين كاملة غير مطبوعة لأحمد العجري ومحمد عبد القدوس الوزير وإبراهيم محمد حميد الدين.
وأما عن سبب إحجام أو عجر شعراء يمنيين كبار وغيرهم عن كتابة قصائد في الإمام ع بل أبيات وربما في أبيات إلماحية يرجع إلى هذا السبب قال الجاحظ: سمعت النظام يقول: (علي بن أبي طالب (ع) محنة للمتكلم، إن وفى حقه غلى، وإن بخسه حقه أساء، والمنزلة الوسطى دقيقة الوزن، حادة اللسان، صعبة الترقي إلا على الحاذق الذكي)؛ لذلك سنورد في آخر المقدمة عن نماذج لشعراء كبار لم يكن الإمام ع إلى في أبيات وفي سياق موضوع آخر..
###
كانت هذه مقدمة المقدمة كسبب دافع لإعداد الديوان العلوي.. وقبل أن أدخل في منهج الكتاب ولكن هناك سبب آخر دفعني للتصدي لهكذا عمل مهم وفارق في الأدب اليمني والعربي وهو إكمال النقص الكبير والهائل في سرد قصائد وابيات لشعراء يمنيين في أهم مصنف شعري ليس لليمن وحسب بل للامة الإسلامية عن شعراء الولاء لرسول الله وآل البيت لمصنفه اليمن يوسف بن يحيى الحسني وكتابه الشهير هو نسمات السحر فيمن تشيع وشعر.
وقفة مع كتاب: (نسمة السحر بذكر من تشيّع وشعر) .....
صاحبه يوسف بن يحيى الحسني الصنعاني ولد ١٠٧٨هـ بمدينة صنعاء، ونشأ في أسرة شريفة، متضلّعة في مختلف الفنون؛ كالعلم والأدب والشعر، فتربّى أديباً شاعراً على يديها، وقد أشار إلى مكانته العلمية في أرجوزة له، فقال في جزء منها:
وإنني لأحفظ القرآنـا غيباً يهز لفظه الصفوانـا
وأحفظ النحو وعلم الصرف حفظاً له يمشي النحاة خلفي
والشعر والبيان والمعاني والمنطق المذكور في اليونان
ولي من الشعر الغريب الممتنع ما لو زهير ذاقه إثري تبع
مؤلفاته: ١ـ نسمة السحر بذكر من تشيّع وشعرـ سنة ١١١١هـ ... ٢ـ طلوع الضياء، وهو ديوان شعر أخيه زيد بن يحيى بن الحسين، جمعه المترجم..... ٣ ـ أرجوزة في سيرته.
منهجه في ذكر المشاهير فقط من شعراء الشيعة بفرقها الثلاث وبعض السنة ورتبهم حسب المعجم، واستطرد كثيرا في سيرهم الذاتية وأخبارهم ونوادرهم وقصصهم وأنسابهم وعشائرهم
يوسف بن يحيى ما له وما عليه..
اهتم بالسير والقصص والنوادر وقلل من إيراد نماذج من شعرهم وخصوصا الشعر العلوي أو سائر ما كتبوه في الآل فما بالكم بقصائد كاملة
وهنا تكمن الخطورة في حفظ التراث بل لم يدرج شعره في آل البيت بل لم يدرج سيرته مع أنه أدرج بعض أبيات وسير معاصريه منهم الحسن بن جابر الهبل امير شعراء اليمن بالرغم أن للمصنف أرجوزة كاملة في سيرته الذاتية ومع ذلك لم نستطع الحصول على قصائده العلوية لنبادله الوفاء ونقلها هنا كما لم يفعل معاصروه أو من بعدهم ومع ذلك لم نستطع ان نرد له وللأمة هذا الجميل ونتمنى أن نحصل على أي شيء من شعره غير أرجوزته التي ذكر فيها سيرته الذاتية.
منهجي في تأليف الديوان
من حيث جمع القصائد اهتممنا بالذي الذي تأكدنا من نسبته للشاعر وانتقينا من الشعر العلوي لكل شاعر ما كان ذا فكرة جديدة أو حتى وأم كانت مواضيع قصائده تدور في نفس الدائرة اخترنا أميزها سبكا وقافية.
ومن حيث ترتيب الشعراء والقصائد تم ترتيبهم حسب القرون الهجرية من الأول حتى الخامس عشر على اننا لم نجد قصائد لشعراء من القرن الثالث حتى نهاية الثامن برغم اننا وجدنا تراجمهم من دون قصائدهم واهتممنا بترتيب آخر قرن خصوصا القرن الخامس عشر الهجري عصرنا الحالي عصرنا وهم أغلب من حصلنا على شعرهم واهتممنا بهم ليتم حفظه ولكي لا يضيع كالعصور السابقة ورتبناهم ابجديا لأنهم الاكثر ف57 شاعرا هم من عصرنا و23 من القرون الأخرى ثمانون شاعرا واخترنا لكل شاعر قصيدة واحدة منهم مع أن للكثير منهم قصائد علوية كثيرة وبعضهم دواوين متخصصة والقصائد التي تم استبعادها إما لأن موضوعها مختلف عن موضوع الكتاب أو أن الإمام علي جاء عرضا فيها وليس أصلا واختصرنا ترجمة كل شاعر واوردناها في الهامش برغم أن كثيرا منهم وجدنا قصائدهم ولم نجد شيئا عن حياتهم..
التسمية:تسمية الكتاب بدءا من فصول الماء إلى الجزء الثاني الأهم من العنوان وهو شعراء الغدير والولاية اليمانيون) وكتفصيل وتحديد فئة الشعراء من القرن الأول الهجري حتى القرن الخامس عشر وأكثر تحديدا هي عبارة (قصائد مختارة) لأننا لا نستطيع أن نورد كل ما قيل في الشعر العلوي فشاعر واحد وهو السيد الحميري من شعراء القرن الهجري الثاني له 2500 قصيدة في ال البيت حسب ما قال أصحاب التراجم ومن عصرنا الحالي من له دواوين كاملة في الإمام فاستدركنا بقصيدة واحدة مختارة سواء غديرية أو ولائية..
واحتوت المقدمة إلى إشارة لبعض من لديهم أبيات ولم نعتبرها قصائد أو حتى موضوع قصائدهم ليس علويا بالدرجة الأولى وإنما في الأصل لغرض آخر وتم ذكر الإمام علي فيه..
ولم نقل أن الشعراء الذين أوردناهم سواء في القصائد داخل الديوان مع تراجمهم أو من سيتم التطرق لهم في المقدمة هم على سبيل الحصر بل هؤلاء من وجدنا لهم قصائد ومدة البحث ليست قصيرة بل في عامين كاملين وقد يسر الله وتبنى ملتقى الوعي والتلاحم الشبابي طباعته وفي الاشهر الأخير كان البحث أكثر عمقا وتواصلا حتى استطعنا الحصول على قصائد 80 شاعرا واستبعدنا كل من وجدنا ترجمته ولم نجد قصائده او وجدنا له ابيات فقط اقل من الخمسة فلا تعد قصيدة ولا يصح ان ندرجها مع من له القصيدة والديوان في الإمام علي ع على سبيل المساواة وسيتم إضافة البقية ممن لم نستطع الوصول لهم في طبعات قادمة، كما أن نصوصا كثيرة لشعراء تارة نسبت لهم وتارة لغيرهم وترددت الأقوال في نسبتها الدقيقة إليهم استبعدناها خصوصا من القرون المتقدمة على عصرنا، قصائد لم ندرجها لأنها إنشادية في طريقة كتابتها تصح للمنشدين لا أن تدرج ضمن هذه القصائد.
على أن سبعة قرون لم يتم توثيق قصائد شعراء الغدير والولاية فيها برغم ان تراجمهم موجودة ولم نجد لا أبيات لهم ولا قصائد
وهي من الرابع حتى الثامن بينما أكثر القرون الخامس عشر ويليه... الرابع عشر مساويا لعدد شعراء القرن الاول الهجري شعراء قرن الغدير وهمشعراء الصحابة والتابعين عمار بن ياسر، حسان بن ثابت، خزيمة بن ثابت، سعيد بن قيس، قيس بن سعد بن عبادة ومحمد عبدالله الحميري.
وهناك نقطتان فارقتان في الديوان وهم 4شعراء شهداء من عصرنا الحالي وهم الشهيد عبدالمحسن النمري الذي له شعر غديري بالفصحى وبالشعبي والشهيد زيد علي مصلح والشهيد محمد ملفي والشهيد ناجي البكيلي وهم شهداء بدر الأخرى في عصرنا الحالي وما بقية الشعراء إلا من حسنات هؤلاء ولولا دمائهم الزكية لما وصل هذا الديوان وما طبع فسلام الله عليهم.
والعلامة الفارقة الثانية وهي سلبية وليست إيجابية أنه في هذا الديوان لا توجد إلا شاعرتين فقط وهما من عصرنا الحالي ولم نستطع الحصول على قصائد ابنة امرئ القيس في آل البيت ولا زينب الشهارية ولا غيرهن مما يحتاج إلى البحث والتأني أكثر..
أما عن فصول الماء فهي ست قصائد لي تفعيلية أدرجتها لكيلا يحصل معي ما حصل مع صاحب نسمات السحر بذكر من تشيع وشعر فقد كان شاعرا مجيدا ومع ذلك لم تصلنا أية قصيدة علوية أو حتى في آل البيت حيث تحاشا ذكر سيرته الذاتية وقصائده مع أنه ذكر معاصريه فخشيت تكرار الأمر معي وسميتها بفصول الماء.
ومن القصائد أو الأبيات التي لم ندرجها داخل الديوان..
ميمية المنصور بالله عبدالله بن حمزةرد فيها على قصيدة ابن المعتز العباسي يقول فيها:
بني عمنا إنّ يوم الغديـــــ ــر يشهدُ للفارسِ المُعلَمِ
أبونا علي وصيُ الرسولِ ومن خصه باللوا الأعظمِ
لكم حرمةٌ بانتسابٍ إليهِ وها نحن من لحمه والدمِ... إلخ
عبدالوهاب المحبشي: أيها التاريخ قفْ في هذه الذكرى حياءْ
ثم سلْ أشقى البرايا كيف أسقطت السماءْ...؟
حين أغرقت عليًا سيدَ الدنيا دماءْ..
يا لها ضربة أشقى أورث الأرض الشقاءْ..
ويقول في آخر بيتين من منظومة الزُّلَفْ.. السيد مجد الدين المؤيدي
ولمّا أبانَ اللهُ أمرَ نبيهِ وقد مُهِّدَتْ للمسلمِينَ الشرائِعُ
أقامَ أخاهُ المرتضى ووصيَّهُ وأوضحَهُ التنزيلُ إذْ هو راكِعُ
المطهر بن محمد الحمزي في
قصيدة إلهية توسلية مطلعها:
يا ناصرَ المستضعفِ المستنصرِ يا راحمَ المستعطفِ المستغفرِ
فانتضت في يد (السقيفة) (سعدا) *** أكبر القوم…للأمور الكبيره
يا قريش اذكري نمتنا جميعا *** صحبة سمحة وقربى أثيره
فلك السبق والجبين المحلّى *** وأنا الجبهة الشموخ النصيره
أنت أمّارة … أنا ـ ثم قالوا: *** سكتت قبل أن تقول ـ وزيره
ويقول في أخرى
سأمضي ولو لاقيت في كلّ خطوة *** حسام "يزيد" أو وعيد "زياد"
ألا هكذا أمضي وأمضي ومسلكي *** رؤوس شياطين وشوك قتاد
ولو أخّرت رجلي خطاها قطعتها *** وألقيت في كفّ الرياح قيادي
فلا مهجتي منّي إذا راعها الشقا *** ولا الرأس منّي إن حنته عوادي
ولا الروح منّي إن تباكت وإن شكا *** فؤادي أساه فهو ليس فؤادي
هو العمر ميدان الصراع وهل ترى *** فتى شقّ ميدانا بغير جهاد؟
أهمية الكتاب
_ كشف كم أن الأدب اليمني معظمه لم يطبع وأن التراجم التي بقيت فقط كارثة ثقافية كبيرة تذكرنا بتقصيرنا في طباعة أعمالهم وتقصير من قبل كذلك.
_ ليس فقط وثيقة شعرية غديرية ولائية بل رحلة في الادب اليمني منذ 15 قرنا فأول شاعر كتب في الغدير كتب الشعر ستين عاما قبل الإسلام وتطور الشعر اليمني ومروره بالمراحل كلها نهاية بالمدارس الجديدة في الشعر ومروره أيضا منذ المدائح في الإمام علي ع أو في بني هاشم بداية بالأسلوب الغزلي أو بالطللي أو بالرثائي إلى البدايات الجديدة من الدخول في الموضوع رأسا ... إلى قصائد المحسنة بديعيا ولزوم ما لا يلزم إلى قصائد التفعيلة إلى تدوير العمود ...
_ تبيين تطور الشعر اليمني ومروره بمراحل ووصوله إلى شعر التفعيلة والتفعيلة المدورة وتدوير العمود التقليدي وتدوير العمود الجديد من حيث الشعر ومن حيث القافية والجرس الموسيقي ولم ندرج قصائد النثر ليس لأننا ننكرها كقصيدة وإنما لأننا لم نجد من يكتبها باحترافية علوية..
وهنا بعض الإحصائيات عن الديوان قبل ان ننتقل إليه
عدد الشعراء80.. عدد البحور المستخدمة 9 أكثرها كان الوافر 16 قصيدة بينما الطويل والبسيط كل منهما 14.. الكامل: 11 السريع: 4 الرمل: 3 الخفيف7: بينما المنسرح والسريع قصيدة لكل منهما