يتجمل الشعراء والكُتَّاب في تنميق كلماتهم ويشحذون هممهم ليعطوا هذا المتفرد السمات بعض حقه. فهذا الجنيد يدلي بقصيدة زاهية كحورية مبهرة، وهذا شانع يطرز لوحة شعرية صارخة بأسلوبه المتفجر كبرياء وشموخا، وهذا مصباح الهمداني يسترسل في كلماته الساحرة بحروف عسجدية، وذا الدكاك يصوغ قصيدة فصحى كإكليل من الزهر الفواح... والكثير الكثير منهم مدحوا مناقب السيد الهاشمي الشهيد القائد في ذكرى استشهاده.
فأي سر وجودي حواه؟! وأي منطق ساحر حمله؟! وأي إيمان رباني شكل منه منارة أضاءت كل ما حولها؟!
هذا الشهيد الذي صدع بالحق في زمن الغفلة. هذا الذي قال «لا» في وجه الطاغوت، وأيقظ الضمائر من السبات، هو الذي جابه الشر وحده، وأنصف القرآن، لذلك سمي قرين القرآن.
أين كنا منه؟! ما الذي أعمى البصائر حينها لتناصره؟! ومن هم تلك الثلة الطاهرة التي أخذت بيده في عمق معاناته؟!
اليوم، بعد كل تلك الأحداث، منهجه صار عنوانا، ومشروعه صار قانون حياة، وكلماته أصبحت تتردد على مسامعنا مثل تراتيل وترانيم لها وقعها البليغ.
يا سيد البلغاء والفصحاء، يا متفرعاً في قلوبنا، ادنُ منا لتعرف كم هم من استفاقوا بهديك، ادنُ لترى كم هم من تحركوا لنصرة الدين بفضل مشروعك.
ما عسى الكلمات تعطيك بعض حقك، وأنت من أعطيت القرآن كل حقه.
ما عسانا نقول أمام هيبة حضورك يا الحاضر الغائب؟! حضورك ملأ قلوبنا تعلقا بالله، وملأ أنفسنا تقى وصلاحا.
يا من حملت لواء القدس في حين هم تناسوه، وأحييت أمة كانت قد تاهت في مغبات وزلل. لم تمت، بل أنت فينا حي. أنت من القادة أسمى. أنت من العارفين أهدى. كلماتك في زمن الخنوع من السيوف أمضى.
يا قائدنا، يا سيدنا، يا شهيدنا، يا منقذنا، في ذكرى استشهادك نعاهدك بأننا باقون على عهدك وماضون في نهجك ومتسلحون بوعيك ومتمسكون بهديك وصارخون بشعارك.
يا هذا النور الأزلي، ابقَ مضيئاً لدروبنا، وأنر عتمات قلوبنا، واسطع لتنجلي الغمة، انتشر أكثر ساكبا نورك في جوانحنا. ستبقى ساكناً وجداننا. سنحيا ونموت وأنت تحتل ذواتنا.
في ذكرى استشهادك استحضرنا كل مناقبك وتاريخك المضحي الباذل المعطي. ستبقى حياً فينا، ستبقى حياً فينا.
* نقلا عن : لا ميديا