قليلٌ هم الفرسان في الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي، الذين لم تنل منهم الشبهات، ولم ينخدعوا بالأكاذيب، ولم ينجذبوا وراء بريق التزييف للحقائق، ولم تسقطهم دعاوى الضلال، لأنهم مؤمنون بربهم، واعون لرسالتهم، متمسكون بقضاياهم، مخلصون لمبادئهم وأهدافهم، أمناء على حقوق وتضحيات ومكتسبات ومقدسات مجتمعهم وأمتهم، أعمالهم منطبعةٌ بطابع الإتقان، الموحي بوجود الروحية الجهادية كسمة أساسية في شخصياتهم، وقلوبهم منفتحةٌ على الناس، محبةٌ لهم، تواقةٌ لهدايتهم، راغبةٌ بإصلاحهم، عاملةٌ على تقديم كل ما ينفعهم في معاشهم ومعادهم.
إنهم حملةُ فكر، وجداول وعي، ودعاة بناء، ومشاعل حرية وسيادة واستقلال، رسل الكلمة الصادقة، وحراس الحقيقة في كل زمان ومكان.
وهم الذين إن قالوا عدلوا، ولو على أنفسهم، أو أقرب الناس إليهم، لا يكتمون الحق، ولا يساومون أحداً على بيعه، لقاء ثمنٍ قليل يحصلون عليه، أو عرضٍ زائلٍ يبلغونه، عمادُ كل ما يطرحون من حقائق، أو يناقشون من أمور وأفكار، أو يتبنون من قضايا، أو يتصدون له من ظواهر سلبية، أو مظاهر بغي وظلم وفساد هو: البينة، إذ لا مكان لديهم للأهواء، ولا إمكانية لإمالتهم بالأموال والمكاسب والمغريات الأخرى، فقد سبق لهم البيع من الله، وطاب لهم السير على صراطه، وتحقق لهم معنى الاعتصام بحبله، مع اليقين بما عنده، والتصديق بوعده ووعيده، والثقة المطلقة به وحده.
لذلك لن تجدهم في مساحات «تويتر» الصوتية، بين أولئك السذج، الذين لا هم لهم سوى الظهور بمظهرٍ يجعل فلول الخيانة والارتزاق يرضون عنهم، ويضعونهم بخانة الاعتدال والوسطية، بمعناهما الإمبريالي الصهيوني، الأمر الذي لا يقف بهم على التأثر بإثارات الخصوم فحسب، بل يدفعهم لما هو أكثر بكثير من ذلك، إلى الحد الذي يجعلهم خجولين من طرح ما يلتزمونه من مبادئ وقيم، ويؤمنون به من ثوابت، قام عليها نهجنا، وأُسس ومسلمات متصلة بعقيدتنا، اتصال الرأس بالجسد، وللأسف الشديد فإن بعضهم من أصحاب المناصب الهامة، والمواقع الحساسة جداً في مؤسسات الدولة.
علموهم: أن هناك فرقا بين الدعوة والجدال بالتي هي أحسن، وبين التنازل عن الثوابت والمسلمات، بغية التقارب مع الأعداء والخصوم، فالأولى مطلوبة في كل وقت وحين، والثانية سقوط وخيانة لله ولرسوله وللمؤمنين، وكذلك فبالأولى تفتح عقولا، وتزيل حواجز وعقبات أمام مَن يريد معرفة الحقيقة، ولكنك في الثانية تهدم مشروعا، وتسهم سواءً شعرت بذلك أم لم تشعر بإفراغ النهج الجهادي الثوري من مضامينه ومحتوياته، وتوجد اهتزازا وشرخا في وعي مستمعيك من المجاهدين، وتعمل على إضعاف التوجه الإيماني، وتشارك في تراجعه وانكفائه، فمَن لا قداسة لديه لمشروعه وأعلامه وشهدائه وثورته وتوجهه، لا يستحق شرف الانتماء لهم جميعاً، فرجاءً غاية الرجاء: كفى سذاجة.
* نقلا عن : لا ميديا