مخطئٌ من يمضي في قناعاته على أن الحرب في اليمن داخليةٌ، وَبأن التحالُفَ السعوديّ الإماراتي يتموضَعُ في موقع المساعِدِ والمسانِدِ والداعِمِ لطرفٍ ضد الطرف الآخر.
ومخطئٌ تماماً مَن يمضي في قناعاته على أن الصراعَ في اليمن يمثِّلُ صراعاً سعودياً إيرانياً بالوكالة، وَأن الطرفَ الرافضَ للوجود السعوديّ ليس إلَّا أدَاةً في يد طرف آخر.
صحيحٌ أن الضَّخَّ السياسيَّ وَالإعلاميَّ كان هائلاً في مسعاه؛ لتصوير هذه المغالطات، التي أتقن صناعتَها الغزاةُ والمحتلّون، وَاستماتوا في تكريسها كحقائقَ في ذهنية الشارع اليمني، وحتى الرأي العام الإقليمي والدولي؛ لتنسجم مع توجّـهاتهم، وَتخدم مخطّطاتهم، لكن ألم يكن من الأحرى أن يستنهضَ أُولئك المغرَّر بهم مسؤوليةً ذاتيةً وجمعيةً تفرضُ عليهم أفراداً وجماعات، والجماعة أن يقرؤوا الشواهدَ بوعي سليم، لا يقوضون فيه ما حباهم الله من نعمة التفكير وَنعمة العقل؛ قبل أن يجدوا أنفسَهم جميعاً منساقين مع دعايات معلَّبة يتعاملون معها كوقائعَ دون أن يقلِّبوا في أوراقها وأهدافها ومقاصدها وَيحقّقوا في أحداثها وَتفاصيلها؟!
نقولُ ذلك مراراً؛ لتقليل الكلفة والصدمة التي بدأت تواجهُ حتى أكثرَ الناس حُمقاً، وَحتى لا يصلوا إلى تلك اللحظةِ التي يروا أنفسَهم في زاوية الندم مُجَـرَّدَ بُلداءَ ومخدوعين، حينما تتضحُ لهم الحقائقُ جليةً واضحةً ولو بعد حين.
كم كان حرياً ببعضنا أن يقرأَ الحقيقةَ بوعيٍ إيمَـاني فَطِنٍ ومسبق، يجنِّبُهُ مزالق الانجرار دونها إلى نقطة النهاية، قبل أن يتخبَّطَ تحت صدماتِ الشواهد المتلاحقة وقد استنزفت عقلَه وَوقتَه وجُهدَه.
إن من المسؤولية أن نُعيدَ النداءَ، وَنستنهض ما بقي من فِطرةٍ سليمة لدى البعض، نقول لهم: أمامَكم اليومَ محطةٌ جديدة جديرةٌ بالتأمل والتساؤل، بناءً على المعطيات التي ظلوا يسوّقُ لها من جَرُّوكم إلى هذه الطريق، أين الطرفُ الذي ادَّعى التحالفُ مساندتَه بعد ثَمَانِي سَنَوَاتٍ من العدوان؟! وما هي مناطقُ سيطرتِه في الميدان؟ ولماذا لم يفلحِ الاتّفاقُ الإيراني السعوديُّ في إيقاف العدوان وإحلال السلام؟
قلناها مطلعَ كُـلِّ عام: إنها معركةُ شرفٍ وحريةٍ وسيادةٍ واستقلال، وعلى هذه القناعات ثبتنا، وَتكفلت الأحداثُ بترسيخ ثباتِنا وَإراحةِ قلوبنا وعقولنا، غير أننا نأسَفُ من منطلقٍ إنساني واجتماعي وديني أن نرى ثُلَّةً من قومنا لا يزالون عند ذات البلادة وَفي حماقاتهم يغرقون.