أولاً، سبق ووجه سيد الثورة (يحفظه الله) في خطابات عدة ومناسبات مختلفة بوضع المعالجات المناسبة لظاهرة التسول، لكن حتى الآن لم نلمس أي حلول ومعالجات تجاه هكذا قضية مهمة.
المشكلة تحتاج إلى تشخيص دقيق ودراسة الظاهرة من كل النواحي، مثل:
- أسباب التسول لكل فئة.
- العوامل التي تقف وراء انتشارها وتوسعها.
- تحديد شرائح وفئات المجتمع النشطة في هذا المجال.
- برامج المعالجات الممكنة وفق الإمكانيات المتاحة، حسب المرحلة والظروف والتمويل المتوفر في الفترة الراهنة، ووفق خطط تنفذ على مراحل ليتسنى للبرنامج المخول التحرك المدروس الذي يحقق النتائج المطلوبة في الميدان. فعلى سبيل المثال:
- الشريحة الأولى حسب الفئة العمرية، الأطفال وهم الشريحة الأهم التي يجب التركيز عليها.
- الشريحة الثانية، الشباب من عمر 15 سنة وما فوق، وهم فئة قابلة للتفعيل في ميدان العمل، ضمن برنامج النهضة الزراعية مثلاً.
- الشريحة الثالثة، كبار السن.
- الشريحة الرابعة، ذوو الإعاقات.
- الشريحة الخامسة ممارسو التسول كمهنة وعمل يومي لجني المال.
- تأسيس قاعدة بيانات وطنية شاملة ودقيقة.
- عمل مسح ميداني وفق استمارة استبيان، تتضمن اسم الحالة وبقية البيانات مثل: السكن، الأسرة، تحديد من المعيل، منطقة السكن القادم منه والإقامة الحالية حسب مكان رصد تواجد الحالة، يتيم.. يوجد معيل للحالة أو لا يوجد.. هل تتلقى الحالة أي مساعدات من أي جهة كانت.. متى وكيف وكم... حتى لا يكون هناك تكرار للمساعدات وإهدار لاستحقاق يمكن أن تنتفع به حالة أخرى..
فمثلاً الشريحة الأولى بموجب المسح ونتائج الاستمارة الخاصة ببحث الحالة وتحديد سكن الأسرة ورصد تفاصيل وأسباب الحالة، فمنها تكون بسبب أحد الأبوين الذي يستغل الطفل لجني المال، أطفال أيتام لا معيل لهم ويعيشون في الشوارع وبهذا يكونون عرضة لاستغلال عصابات منظمة.
أطفال لا معيل لهم هنا مسؤولية الدولة عبر دور رعاية وإعادة تأهيل وإعادة إدراجهم وإلحاقهم في المرحلة التعليمية حسب ما يتبين من المسح، بهذا يكون قد تمت السيطرة على الحالة وإعادة توجيهها ضمن الخطة المعدة وفي الطريق الصحيح بالشكل الذي ينتج عنه أفراد منحت لهم الفرصة لمستقبل كريم وأمل يعيشون من أجله.
الشريحة الثانية، سيتضح أن البعض منهم يستغلها كفرصة سهلة لجني المال، ببساطة هؤلاء يتم حصرهم وإعادة تأهيلهم عبر البرامج الفنية لاكتساب حرفة يتعلمونها، نجارة، حدادة، كهرباء، سباكة وغير ذلك.. وبهذا نفتح لهم الطريق للخروج إلى سوق العمل.
الشريحة الثالثة، كثيرون منهم عرضة للاستغلال سواءً الأسري أو المنظم أو الحالة في حد ذاتها تجعل من الإعاقة سببا ومبررا للتسول واحتراف هذا السلوك لكسب المال.
الشريحتان الرابعة والخامسة سيتضح بعد البحث الدقيق والجاد أن الكثير يتخذ التسول مهنة، وهناك حالات ليست في حاجة، وسيتضح أنها تمتلك الملايين ومساكن ملك، وهناك دخل يغني عن التسول، حالات تخرج يومياً الأسرة بكاملها للتسول بينما لديهم ما يسد حاجتهم ويغنيهم عن التسول، في المقابل هناك من كبار السن مشردون لا معيل لهم ويمتهنون التسول والعيش في الشوارع هؤلاء يكونون ضمن دار إيواء للعجزة تتكفل بهم الدولة وتقدم لهم الغذاء والدواء اللازم والإقامة التي تحقق عدم تواجدهم في الشوارع.
هــــام:
قبل أيام لوحظ لافتات في الشوارع الرئيسية للعاصمة مكتوب فيها نصوص التسول جريمة التسول، والتسول.. والتسول يعاقب عليها القانون، لتحقيق الغاية والمعالجة لهذه الظاهرة بالشكل الإيجابي والصحيح، هذا خطاب غير مسؤول ولا ينسجم مع توصيات وموجهات السيد القائد (يحفظه الله)، فلدينا شرائح عدة هي ضحية وضع حاصل وجدت نفسها فيها ولا يندرج ضمن ما تجرمه النصوص المعلقة سوى شريحة ممتهني التسول ولديهم ما يسد حاجاتهم المعيشية، فهؤلاء نعم يجب ضبطهم وأخذ تعهدات ضامنة بالتوقف عن التسول والرقابة والمتابعة الدائمة لهم عبر عقال الحارات واللجان المجتمعيه في كل منطقة.
سنجد حالات من عدة أفراد من أسرة واحدة يكون لهم معالجة مناسبة عبر احتواء رب الأسرة والأم وإعادة تأهيلهم وإلزامهم تجاه أبنائهم وإلحاقهم بالمدارس لتلقي التعليم وإعانتهم إعانة مؤقتة تساعدهم على الوقوف من جديد وفي الطريق الصحيح كتعليم الأم عبر دورات خياطة و... و... و... وغيرها من الحرف ومصادر دخل سريعة الثمار، فمثلاً وليس حصراً، رب الأسرة مقابل التزامه ببرنامج مكافحة التسول تجاه أسرته بمساعدة مدروسة تضعهُ في أول الطريق الصحيح لطلب الرزق والاستغناء عن التسول هذا بدراجة نارية وذاك ببسطة يكسب منها رزقه ورزق أولاده بفضل الله وغير ذلك من المعالجات الممكنة ويكون مع كل هذا متابعة أسبوعية ودائمة عبر برنامج مكافحة التسول.
من غير الصواب أن ينظر لكل الشرائح كمذنبين فهناك من لا حول لهم ولا قوة ووجدوا أنفسهم في هذا الطريق الذي يحرمهم من الحياة الكريمة كنتاج طبيعي لما مرت به البلاد خلال العقود الماضية من التفقير نتيجة السياسات الخاطئة.
ومن باب الاستفسار هناك ما يسمى "بنك الطعام" ولديه رئيس مجلس إدارة و... و... ما هو دوره؟! وما حقيقة نشاطه إن وجد؟!
لا ننسى الإشارة إلى وجود فقراء عزيزي النفوس في بيوتهم "يَحسبهم الناس أغنياء من التعفف"، لو نُظمت إمكانيات الزكاة والأوقاف وغير ذلك كصندوق الضمان الاجتماعي ومما يعلن عنه وما لا يعلن عنه، فأعتقد أن جمع كل تلك الإمكانيات ضمن وعاء جامع أمر سيحقق ما لا يُستهان به من زحزحة ومعالجة ما يستحق الاهتمام من القضايا المجتمعية من قبل المعنيين.
* نقلا عن : لا ميديا