يتفاخر بنيامين نتنياهو بقدرته على إخراج عملاء إسرائيل من السر إلى العلن تحت عنوان التطبيع، وعناوين أخرى كتعزيز الشراكة الاقتصادية بين الكيان الصهيوني ودول المنطقة.
ويسعى نتنياهو إلى تدعيم العلاقات العلنية مع النظام السعودي بالذات، لاعتقاده بأن ذلك سيعجل بالتطبيع مع سائر دول العالم الإسلامي، ويقدم إسرائيل باعتبارها كيان حقيقي على أرض فلسطين.
وفي سبيل ذلك يستعد نتنياهو إلى استغلال أي فرصة رسمية لزيارة الرياض، ولا شك أنّ تشييع الملك سلمان سيكون الفرصة الأمثل لذلك، كما فعل في فبراير 1999 عندما زار العاصمة الأردنية عمّان، للمشاركة في تشييع الملك حسين، وهي الزيارة التي أعدّ لها الموساد جيداً قبل رحيل العاهل الأردني، بغية لقاء أكبر عددٍ ممكن من زعماء العالم العربي، وكان أبرزهم الرئيس السوري السابق حافظ الأسد، الذي رفض لقاء نتنياهو أو مصافحته على هامش التشييع.
إلا أنّ زيارة نتنياهو للرياض باتت في حكم المستحيل عقب اندلاع عملية طوفان الأقصى المباركة، ليس لأن الرياض سترفض استقبال المسؤول الصهيوني لا سمح الله، ولكن لأن إسرائيل نفسها لن تبقى عليه طويلاً في منصبه جراء فشله المتزايد في عدوانه على غزة.
لقد نسفت العملية في القطاع الكثير من المشاريع الصهيونية التي أعدها نتنياهو، ومنها تهجير الفلسطينيين خارج غزة، وبذلك تنتهي آماله بالبقاء في منصبه حتى رحيل العاهل السعودي.
السبب في ذلك كله، أن الجمهور الصهيوني يتشاءم ببقاء أي زعيم في منصبه في حال تلقيه هزيمة عسكرية؛ كما حدث لإيهود بارك عقب هزيمته في جنوب لبنان، وانسحابه ليلاً من هناك في صيف العام 2000، وكما حدث أيضاً مع إيهود أولمرتز عام 2006 بعد هزيمته هو الآخر في حرب تموز 2006 أمام حزب الله.
وطالما تجنب نتنياهو الدخول في حربٍ مباشرة مع الحزب في جنوب لبنان للأسباب نفسها، واكتفى بحصار غزة وتوجيه ضربات عسكرية متفرقة للقطاع بين الفينة والأخرى، أملاً في تهجير سكانه إلى سيناء المصرية لاحقاً، إلا أن صحوة المجاهد الفلسطيني حالت دون ذلك، واعترضت طموح الزعيم الصهيوني وأحالته إلى رماد.
وبسقوط نتنياهو سيسقط معه حزب الليكود، وهو الحزب الرئيسي في إسرائيل، وأكثرها تطرفاً، وسيختفي عن الساحة السياسية كما اختفى قبله حزبي العمل وكاديما، بسبب حربي لبنان الأولى والثانية، وهنا ينتهي آخر الكيانات السياسية الكبرى في الكيان الصهيوني.
إن “الكيان الصهيوني” اليوم، وبعد طوفان الأقصى، باتت ساحةً قابلة للهزيمة، وكل خطوات جيش الاحتلال لتعزيز أمنها تعود عليها بمفعول عكسي من شأنه التعجيل بالكارثة الكبرى لإسرائيل.
يفاقم ذلك كله الحصار الاقتصادي الذي فرضته اليمن على تجارتها من جنوب البحر الأحمر، فقد حدت تلك الخطوة من سطوة “كيان إسرائيل” في العالم، وجعلت الحياة داخل الكيان شبه خالية من الاستقرار الأمني والمعيشي للصهاينة، وقد بدأ الكثير منهم بالفعل الهجرة العكسية خارج الأراضي الفلسطينية، والأدهى لا شك قادم.
* نقلا عن :السياسية