مجاهد الصريمي
طباعة الصفحة طباعة الصفحة
RSS Feed مقالات ضدّ العدوان
RSS Feed
مجاهد الصريمي
مازال في الأمل بقية
إلى قلمي المصاب بحمى الثورة
بعيداً عن أشباه الرجال
وضوحٌ وتواضعٌ وعدالة
الملجميون
ما أبعدنا عنه!
دمعة في محراب الوصي
العدل والمساواة أولاً
شياطين بالفطرة
شاهد واحد فقط

بحث

  
المقياس لبيان المنتمي إلى سبيل الله
بقلم/ مجاهد الصريمي
نشر منذ: سنة و 5 أشهر و 18 يوماً
الأحد 13 نوفمبر-تشرين الثاني 2022 09:05 م


قد يستطيع أي إنسان الانضمام إلى أي تيار فكري أو سياسي أو اجتماعي بمجرد إبدائه ما يوحي بأنه صار ملماً بالرؤى والأفكار التي ينادي بها ذلك التيار، واعياً لأهدافه، ومخلصاً لمبادئه، ولو من باب الخداع أو المجاملة لرموزه، إذ لا يوجد في قرارة نفسه أي مكانة أو قيمة معنوية تشده لذلك الانتماء، وتعزز لديه الدافع الذي يجعله يختار الفناء في سبيل التيار الذي ينتمي إليه، وبهدف منحه القوة اللازمة لاستمرارية بقائه، وزيادة توسعه وانتشاره، فعلاقته به لا تكاد تتجاوز الإقرار باللسان، مع الحرص على تحصيل كل المعلومات التي تمكنه من التأثير على السامعين، وتعلي من شأنه لدى رؤسائه وقادته، وتفتح له الأبواب الموصلة لكل ما يحلم بالحصول عليه من امتيازات وترقيات ومناصب، ولن يستطيع أحد الكشف عن حقيقة ما يحمله في ضميره عن ذلك الانتماء، بحيث يمكنه بيان مدى كذبه ومغالطته وتلبيسه على جميع الذين يتشاركون معه في حمل راية ذلك التيار أو الكيان، وتبني منهجه ومشروعه بشكل عام، ليبقى بعين الجميع: ذلك المخلص المتفاني المثابر، والمحبوب والمقرب من الكل، ولكن يستحيل تحقق مثل هذا الأمر للذين أقروا بعبوديتهم لله، واختاروا الانتماء إلى دينه، وأعلنوا انضمامهم إلى مواكب العاملين في سبيله عز وجل، وقطعوا على أنفسهم العهد والميثاق بالتزام هداه، والتمسك بكتابه، وتمثل أنبيائه ورسله والصالحين من عباده كقدوات وقادة وهداة ومربين ومعلمين، لأن المقياس لبيان حقيقة الانتماء إلى سبيل الله ليس الإقرار الكلامي، ولا مقدار ما لديك من معلومات وأفكار حول هذا المسلك، ولا بمدى ألمعيتك في الاستيعاب لجميع الأهداف والغايات التي يتوخاها السائرون في هذا الدرب، أو بقدراتك الخطابية والإقناعية، ولباقتك في الحديث، أو طبيعة مظهرك الشخصي في ما يتعلق بملبسك وهندامك وغيرها، وإنما المقياس هو: العمل فقط لا غير.
فبالعمل وحده يستطيع الإنسان أياً كان أن يتبين حقيقته أو حقيقة غيره، بحيث يتمكن من معرفة: هل هو صادق في ادعائه لهذا الانتماء، أم كاذب؟ وهل فلان الذي تضج بكلماته ولقاءاته وصوره وكتاباته المواقع والقنوات صادق أم كاذب؟
ولا يخفى على أحد: أن أشد الناس مقتاً وغضباً وعذاباً وخزياً ومذلةً وخسارةً من قبل الله في الدنيا والآخرة هم المكتفون بالأقوال والتنظيرات والخطابات عن التحرك الفاعل في ميادين العمل، وساحات التحمل للمسؤولية، «كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون». ولو أننا تتبعنا صفات العاملين لله الواردة في كتابه العزيز، لوجدناها جميعها لم تأتِ إلا بصيغ الأفعال، كـ:جاهدوا ويجاهدون، وأنفقوا وينفقون، واتقوا وأحسنوا واستقاموا، أو بصيغ الجمل الاسمية التي تدل على التزامهم لتلك الصفات بشكل دائم، وصورة مستمرة.
أما مَن يقف عند القول ولا يتعداه إلى غيره فهو: المنافق ظاهر النفاق، وإن تمكن من الوصول إلى أعلى المقامات، واستطاع كسب الكثيرين إلى صفه، بحيث لا يخطو خطوة هنا أو هناك، ولا يقول حرفاً إلا وتلقاهما أنصاره بكل شغف، جاعلين له بمستوى الأنبياء والشهداء والصالحين، في ما يضيفونه إليه من مكرمات، ويلصقون به من مزايا وسمات، ويدعون له من فضائل ومناقب، فلن يغير ذلك من حقيقته النفاقية شيئاً، لا عند الله، ولا عند الناس، ولا حتى لديه هو من وعي ومعرفة بنفسه وقناعاته.
هذا جانب، وأما الجانب الآخر فهو: أن الواقع لا تنقصه التنظيرات، بقدر ما تنقصه الأفعال التي يلمس من خلالها صدق وعظمة وقيمة ما ندعوه لالتزامه من أفكار، فكثيرون هم الذين قالوا، وكتبوا، ونادوا بأن ما لديهم هو الحق، وفيه الخير والنجاة، ولكنهم سرعان ما سقطوا، وانتهوا، وماتوا وماتت مشاريعهم ودعواتهم، من هنا جاء قول أمير البيان عليه السلام، لكل العاملين في سبيل الله: كونوا دعاةً للناس بغير ألسنتكم.
 

* نقلا عن : لا ميديا

تعليقات:
    قيامك بالتسجيل وحجز اسم مستعار لك سيمكنكم من التالي:
  • الاحتفاظ بشخصيتكم الاعتبارية أو الحقيقية.
  • منع الآخرين من انتحال شخصيتك في داخل الموقع
  • إمكانية إضافة تعليقات طويلة تصل إلى 1,600 حرف
  • إضافة صورتك الشخصية أو التعبيرية
  • إضافة توقيعك الخاص على جميع مشاركاتك
  • العديد من الخصائص والتفضيلات
للتسجيل وحجز الاسم
إضغط هنا
للدخول إلى حسابك
إضغط هنا
الإخوة / متصفحي موقع الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره نحيطكم علماُ ان
  • اي تعليق يحتوي تجريح او إساءة إلى شخص او يدعو إلى الطائفية لن يتم نشره
  • أي تعليق يتجاوز 800 حرف سوف لن يتم إعتماده
  • يجب أن تكتب تعليقك خلال أقل من 60 دقيقة من الآن، مالم فلن يتم إعتماده.
اضف تعليقك
اسمك (مطلوب)
عنوان التعليق
المدينة
بريدك الإلكتروني
اضف تعليقك (مطلوب) الأحرف المتاحة: 800
التعليقات المنشورة في الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر عن رأي الموقع   
عودة إلى مقالات ضدّ العدوان
الأكثر قراءة منذ أسبوع
مالك المداني
عقدة النقص!
مالك المداني
الأكثر قراءة منذ 3 أيام
طارق مصطفى سلام
المراكز الصيفية.. نهضة ثقافية وعلمية لمستقبل أبنائنا الواعد
طارق مصطفى سلام
الأكثر قراءة منذ 24 ساعة
عبدالرحمن مراد
المجازر في غزة
عبدالرحمن مراد
مقالات ضدّ العدوان
عبدالمجيد التركي
مدينة أزال.. والأزل
عبدالمجيد التركي
عبدالملك سام
أزمة الضمير وسوء المصير
عبدالملك سام
عبدالفتاح حيدرة
إبحث عن الوعي في قلوب الأحباب واستخرجه من عيون الأعداء..
عبدالفتاح حيدرة
عبدالمنان السنبلي
أما أنا فسأوقّعُ وأبصمُ على المدوّنة
عبدالمنان السنبلي
عبدالفتاح حيدرة
السلوك الوظيفي بين الوعي الجهادي والعمل السياسي
عبدالفتاح حيدرة
د.سامي عطا
جماعة قلع العداد وضعف الولاء الوطني
د.سامي عطا
المزيد