ما الذي فعلناه بأنفسنا؟ وماذا فعلت بنا الأيام؟ وكيف حدث كل هذا التغير والتبدل والتحول؟

بالأمس كنا أصحاب خُلق ودين ومبادئ وقيم، نقول بحق، ونشهد بصدق، لا نقبل على أنفسنا ولا على مَن حولنا الظلم، ولا نسكت على باطل أياً كان نوعه أو مصدره أو أثره، كان العدل بالنسبة لنا هو الغاية والهدف من وراء كل ما نقوم به من أعمال، ونقفه من مواقف، ونقدمه من أفكار، كان الوعي حاكماً على ما نطرحه في خطابنا التثقيفي والتعبوي، وكانت البصيرة حاضرةً في قراراتنا ورؤانا، ولم نكُ يوماً نقبل أن نتستر على أي إنسانٍ يقف وراء استمرارية حالة الشقاء والغبن والتعاسة والضياع للمجتمع، حتى وإن كان من أقرب الناس إلينا، كنا أبعد ما نكون عن التبرير لأخطاء بعضنا البعض، سواء كبرت هذه الأخطاء أو صغرت، ولم نكن نتساهل أبداً في معاقبة وردع كل مَن تجاوز حدوده منا فظلم وطغى وبغى واستكبر وتجبر واستبد بالناس أو استعبدهم، وما كان يجري علينا كنا نُجريه على غيرنا، لأن همنا كان منصباً على البحث عن الكيفية التي نستطيع من خلالها الوصول إلى الترجمة العملية لمعنى القيام لله عز وجل في حفظ وبناء عباده وبلاده.

تلك أيامٌ مضت وانقضت، ولكننا مازلنا أحياء، ومازال بإمكاننا العودة إلى الشوط من جديد، ولدينا كل الإمكانات التي ستجعل عودتنا تلك أعظم أثراً من ذي قبل، ولم يبقَ أمامنا إلا أنْ نتخذ الموقف ونحدد المسار والمصير النهائيين؛ فإما أنْ نتمسك بالمزرين كمنظومة لا كأشخاص فحسب، ونتخلى عن المشروع الثوري والشعب والقائد والمجاهدين؛ وإما أن نخلص كل هذه المقومات الكفيلة بإيجاد نهضة وبناء حضارة من المزرين، ونسعى بكل ما لدينا من جهد وطاقة وخبرات ومعارف وعلوم وإمكانات للتخلص من كل ما خلفوه من آثار هدامة وقاتلة لأرضنا وإنساننا.

نعم مازال في الأمل بقية.