مجاهد الصريمي
طباعة الصفحة طباعة الصفحة
RSS Feed مقالات ضدّ العدوان
RSS Feed
مجاهد الصريمي
مازال في الأمل بقية
إلى قلمي المصاب بحمى الثورة
بعيداً عن أشباه الرجال
وضوحٌ وتواضعٌ وعدالة
الملجميون
ما أبعدنا عنه!
دمعة في محراب الوصي
العدل والمساواة أولاً
شياطين بالفطرة
شاهد واحد فقط

بحث

  
عالم العميان
بقلم/ مجاهد الصريمي
نشر منذ: سنة و 4 أشهر و 15 يوماً
السبت 17 ديسمبر-كانون الأول 2022 07:08 م


نحن والعمى حكايةٌ لا نهاية لفصولها، وعالمٌ لا يُعرف طرفاه، ولا تُحصى مكوناته وأجزاؤه، عالمٌ ألفناه أطفالاً، فعشقناه بعد أن عرفنا كنهه، وأدركنا أسراره، الأمر الذي جعلنا لا نسأم بقاءه معنا، ولا نمل رفقته لنا، ولا نشعر إزاءه بالنقص حتى وإن عيرنا الآخرون بذلك، أو قابلنا الأقربون بنظرة الإشفاق تارةً، ونظرة الخجل والاستحياء من معارفهم كلما قابلوهم وهم برفقتنا، لأنهم لم يكونوا يجدون إجابةً أثقل على أنفسهم من الإجابة بنعم أو لا على سؤال أولئك لهم عن ذلك الأعمى: مَن يكون؟ وابن مَن هو؟ هل هو ابنكم؟ كانت الأمهات يُجبن بنفوسٍ ملؤها الحزن والمرارة والمحبة والحنان على أطفالهن العميان بنعم، وكان الآباء يتهربون من الإجابة أحياناً، أو يجيبون بنعم؛ ولكن بهز رؤوسهم، فقط، دون أن يكلفوا أنفسهم عناء النطق بها؛ لأن ذلك الاعتراف فيه من المشقة والعار ما يكفي لجعلهم يعمدون لعدم اصطحابنا مرةً أخرى إلى سوق المدينة، أو إلى المحافل والمناسبات معهم؛ لا لشيء إلا لكونهم لم يكونوا يحبذون أن يراهم أصدقاؤهم وبقية الحاضرين وهم يأخذون بيد أعمى، فذاك يحط من قدرهم، ويبدي العيب الذي حل بهم، ولا يريدون لأحدٍ أن يطلع عليه، أو يكتشفه، وقد يفضل أحدهم الموت، على أن يسمع مَن يقول: لدى فلان طفل أعمى.
ومع ذلك كله ازددنا لهذا الرفيق حباً وعشقاً، وزادت بذلك الحب علاقتنا قوةً ومتانةً، فسرنا معاً نطوي الدروب بحثاً عما يمكننا من تأكيد إنسانيتنا، والإثبات لأسرنا قبل غيرهم أننا لا ينقصنا شيء عن المبصرين، ولا نقل شأناً عن بقية البشر الأسوياء، كل ما نحتاجه هو الدعم المعنوي والمادي حتى نتمكن من ذلك، وقد حاول آباؤنا إجبارنا على اختيار حفظ القرآن الكريم، لكي نكون امتداداً للعميان الذين حفظوه، واتخذوه وسيلةً للاسترزاق، ومنطلقاً لإقامة حياتهم، التي سيكون لزوم المساجد شغلها الشاغل، وعالمها الوحيد، وأفقها ومتنفسها، ومبلغ علمها، ومنتهى طموحها؛ ولكنهم فشلوا مع أغلبنا في تحقيق رغبتهم تلك، وكنا هذه المرة نحن المعنيين بأن نختار ما نريد، فاخترنا الطريق الذي بإمكاننا من خلاله أن نصل إلى كل ما نهواه ونبتغيه من العلوم والمعارف، التي بها سنصنع ذواتنا، ونحفظ وجودنا، ونؤدي رسالتنا في هذه الحياة كما يجب.
وبعد عدة محاولات للبحث عن نقطة البدء لانطلاقتنا نحو الوجهة التي اخترناها، لتحقيق كل ما نرجوه، وإيجاد كل ما نطمح إليه، التقينا بمركز النور للمكفوفين، فكان الأب والحاضن والأسرة والمدرسة والملاذ، وكان الموضع الذي احتوى بين جنباته وتحت سقفه كل ما يدور في الحياة، من مشاكل وصراعات وهموم وتناقضات، فأعطانا إلى جانب التحصيل العلمي، دروساً أخرى عن طبيعة المجتمع اليمني، بكل ما فيه من خير أو شر، ومكننا من الفهم لمنشأ السلبيات، ومنبت الإيجابيات، في كل مناحي الواقع، ولنا في الغد بمشيئة الله وقفة لبيان ذلك.
 

* نقلا عن : لا ميديا

تعليقات:
    قيامك بالتسجيل وحجز اسم مستعار لك سيمكنكم من التالي:
  • الاحتفاظ بشخصيتكم الاعتبارية أو الحقيقية.
  • منع الآخرين من انتحال شخصيتك في داخل الموقع
  • إمكانية إضافة تعليقات طويلة تصل إلى 1,600 حرف
  • إضافة صورتك الشخصية أو التعبيرية
  • إضافة توقيعك الخاص على جميع مشاركاتك
  • العديد من الخصائص والتفضيلات
للتسجيل وحجز الاسم
إضغط هنا
للدخول إلى حسابك
إضغط هنا
الإخوة / متصفحي موقع الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره نحيطكم علماُ ان
  • اي تعليق يحتوي تجريح او إساءة إلى شخص او يدعو إلى الطائفية لن يتم نشره
  • أي تعليق يتجاوز 800 حرف سوف لن يتم إعتماده
  • يجب أن تكتب تعليقك خلال أقل من 60 دقيقة من الآن، مالم فلن يتم إعتماده.
اضف تعليقك
اسمك (مطلوب)
عنوان التعليق
المدينة
بريدك الإلكتروني
اضف تعليقك (مطلوب) الأحرف المتاحة: 800
التعليقات المنشورة في الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر عن رأي الموقع   
عودة إلى مقالات ضدّ العدوان
الأكثر قراءة منذ أسبوع
مالك المداني
عقدة النقص!
مالك المداني
الأكثر قراءة منذ 3 أيام
أنس القاضي
الإمبريالية الفرنسية في البحر الأحمر!
أنس القاضي
الأكثر قراءة منذ 24 ساعة
طاهر محمد الجنيد
أهمية بناء الشباب لمواجهة تحديات العصر
طاهر محمد الجنيد
مقالات ضدّ العدوان
صلاح الدكّاك
«سيسي كرامة» لسياسي جحش
صلاح الدكّاك
سند الصيادي
سنويةُ الشهداء.. محطةٌ للتقييم
سند الصيادي
علي ظافر
“بارود السلام” في اليمن: الفرص وخيارات التصعيد
علي ظافر
محمد محمد أحمد الانسي
الحروب والأزمات في العالم وعلاقتها بمشاكل الاقتصاد الأمريكي
محمد محمد أحمد الانسي
يحيى المحطوري
لماذا لم نُخدَعْ
يحيى المحطوري
عبدالحميد الغرباني
بين المسؤولية والسؤال “1”
عبدالحميد الغرباني
المزيد