صعّد الإعلام الأميركي والعربي الموالي لدول الخليج، اتهاماته للبحرية الصينية في البحر الأحمر بالتواطؤ مع حركة «أنصار الله»، وذكر أن سفناً عسكرية صينية تجاهلت نداءات استغاثة عدة أُطلقت من قبل طواقم سفن إسرائيلية تعرّضت لهجمات من قبل القوات البحرية اليمنية في البحر الأحمر الأسبوع الماضي.وتصاعدت هذه الاتهامات في أعقاب انحياز بكين إلى مصالحها في البحر الأحمر، واختيارها الإبحار الآمن لكلّ السفن الصينية بأقل تكلفة إلى مختلف موانئ العالم، باستثناء الموانئ الإسرائيلية. وذكرت مصادر دبلوماسية مطّلعة، في حديث إلى «الأخبار»، أن صنعاء أوضحت للجانب الصيني الذي تواصل معها، موقفها من السفن المتّجهة نحو الكيان الإسرائيلي، منبهةً إلى أن الصين ستكون أكبر المتضررين من حالة عدم الاستقرار التي تسعى الولايات المتحدة لخلقها في البحر الأحمر من خلال التحالف العسكري البحري الذي أنشأته بطلب إسرائيلي، خاصة أن 35% من واردات بكين من النفط الخام تمرّ عبر هذا البحر ومضيق باب المندب. وأبلغ الجانب الصيني، بدوره، صنعاء، وفقاً للمصادر نفسها، رفضه أي تحالفات تهدّد الأمن الملاحي وإمدادات الطاقة في البحر الأحمر، وأنه يتفق معها. على أن وقف الحرب في قطاع غزة وإدخال المساعدات الكافية لأهالي القطاع هما الحل الأمثل لنزع فتيل التوتّر في البحرين الأحمر والعربي.
وأشارت المصادر إلى أن الصين فضّلت تجنيب مصالحها في البحر الأحمر أي تداعيات للصراع؛ إذ قرّر عدد من شركات الشحن البحري الصينية وقف التعاملات مع الشحنات والبضائع التي تذهب إلى موانئ الاحتلال الإسرائيلي أو تأتي منها. وتبعاً لذلك، أعلنت شركة «أورينت أوفرسيز» لخطوط الحاويات الصينية، التي تتخذ من هونغ كونغ مقراً لها، منتصف الأسبوع الجاري، وقف نقل البضائع من موانئ إسرائيل وإليها بأثر فوري، وحتى إشعار آخر. ولم تحدّد الشركة الموعد النهائي لعودة الحجوزات لدخول الموانئ الإسرائيلية. واتخذت شركات ملاحية أخرى إجراءات مماثلة، في حين غيّرت أكثر من 12 شركة ملاحية دولية مسارها الملاحي من البحر الأحمر إلى رأس الرجاء الصالح لتقطع مسافة طويلة إضافية لكي تصل إلى موانئ الكيان. وترتّب على هذه الإجراءات ارتفاع في أجور النقل البحري وارتفاع في رسوم التأمين على السفن والحاويات بمبالغ تباينت بين 700 دولار و2500 دولار.
«أورينت أوفرسيز» لخطوط الحاويات الصينية أوقفت نقل البضائع من موانئ إسرائيل وإليها بأثر فوري، وحتى إشعار آخر
وتصادمت الخطوات الصينية التي قوبلت بارتياح صنعاء، مع التوجه الأميركي - الإسرائيلي الذي سعى لتحويل المشكلة الإسرائيلية الناتجة من استهداف السفن المتّجهة نحو الموانئ المحتلة، إلى مشكلة دولية، وأثارت قلق الشركات الملاحية الدولية من قيام الصين بتغطية فراغها في البحر الأحمر، ولا سيما أن الشركات الملاحية الصينية لم تقرّ رفع أجور النقل ورسوم التأمين، وهو ما سيدفع العملاء إلى الإقبال على خدماتها كون الشحن عبرها أقل كلفة. وبالتزامن مع تصاعد التهديدات الأميركية ضد صنعاء، ورفع مستوى التهويل من خطورة هجمات الأخيرة على الملاحة البحرية والتجارة الدولية في البحر الأحمر رغم أنها تستهدف حصراً السفن المتجهة نحو إسرائيل، عاكست بكين، خلال اليومين الماضيين، الدعاية الأميركية - الإسرائيلية بشأن وضع الملاحة في باب المندب وقناة السويس، إذ نشرت وسائل إعلام صينية، صور أقمار اصطناعية تُظهر انسياب حركة الملاحة في البحر الأحمر من باب المندب وحتى قناة السويس بشكل طبيعي وسلس من دون عوائق. كما نشرت إحداثيات حركة الملاحة في البحر الأحمر في إطار ردّها على ادّعاء وكالة «أسوشيتدوبرس» الأميركية تحويل نحو 100 سفينة وجهتها إلى رأس الرجاء الصالح.
وبالتزامن مع قيام إسرائيل باتصالات مكثّفة مع الهند وعدد من الدول لإقناعها بالمشاركة في التحالف البحري، فشلت الولايات المتحدة في إقناع مصر التي تُعد إحدى أهم الدول المشاطئة للبحر الأحمر بالمشاركة فيه. وقال وزير الخارجية المصري، سامح شكري، خلال مؤتمر صحافي مع نظيره البريطاني، ديفيد كامرون، إن «تأمين البحر الأحمر مسؤولية الدول المطلّة عليه»، في إشارة إلى رفض بلاده أي تحالفات أجنبية لعسكرته. وأكّد شكري أن «التركيز ينبغي أن يكون على وقف الحرب على غزة وتنفيذ حل الدولتين»، مشيراً إلى أن «دولاً كبرى تراجعت عن إقامة الدولة الفلسطينية».
ويشار إلى أن أستراليا أعلنت الخميس، تقليص مشاركتها في التحالف الجديد، وأفادت وزارة الدفاع الأسترالية بأنها ستوفد 11 ضابطاً للمشاركة فقط من دون إرسال بوارج. وكذلك، خفّضت كل من إسبانيا وكندا وهولندا مشاركتها لتجعلها رمزية، ورفضت اليابان وتركيا وماليزيا طلبات أميركية بالانضمام، وهو ما يظهر أن التحالف أبعد ما يكون عن اسمه.
في هذا الوقت، نشرت وكالة «رويترز»، أمس، تحديثاً بشركات الشحن العالمية التي غيّرت مسار سفنها من باب المندب إلى رأس الرجاء الصالح، وضم «سي.إم.إيه - سي.جي.إم» الفرنسية، و«يوروناف» البلجيكية، و«إيفرغرين» التايوانية، و«فرونت لاين» النرويجية، و«غرام كار كاريرز» النرويجية، و«هاباغ لويد» الألمانية، و«إتش.إم.إم» الكورية الجنوبية، و«هوغ أوتولاينرز» النرويجية، و«ميرسك» الدنماركية، و«إم.إس.سي» السويسرية، و«أوشن نتورك أكسبرس» اليابانية، و«ولينيوس فيلهلمسن» النرويجية، و«يانغ مينغ» التايوانية.
* نقلا عن :الأخبار اللبنانية