أمريكا تفهم جيِّدًا أن متتالية الرد اليمني على “إسرائيل” في عقر دارها ومنع سفنها من العبور من باب المندب والبحر الأحمر وأن التدخل الأمريكي لحمايتها، لن يؤدي إلى كسر المقاومة في فلسطين المحتلّة وإخراجها من ميدان المعركة، بل سيؤدي إلى خروج أمريكي مُذل من المنطقة، كما خرجت قبل ذلك من فِيتنام والصومال ولبنان أفغانستان والعراق، وبالتالي فَــإنَّ أية محاولة لاستدراج اليمن في حرب لعسكرة البحر الأحمر فَــإنَّ ذلك يعني إدخَال المنطقة العربية كلها إلى حرب عامة لتصفية دول المقاومة وإنهاء الصراع العربي الصهيوني، على أنقاض الحقوق العربية في فلسطين المحتلّة، وهذا بالتأكيد سَيؤدي باليمن إلى إشعال كُـلّ براميل النار والغضب ضد كُـلّ حلفاء أمريكا و”إسرائيل” التي ستأكل نارها العالم بأسره، وأولها صنيعة الأمريكان العبرية “إسرائيل” وربيباتها الخليجية..
كل هذا ينبئُ بتحولات تاريخية في موازين القوى الدولية، تطيح بالولايات المتحدة الأمريكية لحساب روسيا والصين وإيران، وانتصار محور المقاومة، أن كُـلّ هذا يحدث تدريجيًّا تحت أقدام أمريكا و”إسرائيل”، شاءوا أم أبوا، ومع هذا لا يزال البعض من الأعراب يعاني ليلَ نهارَ من نقص أخلاقي وقيمي ولا يقدر أن يواجهَ الطواغيت الأمريكية والغربية بكلمة، فماذا يفعل؟!! يجلسُ كعجوز قاسية القلب يكفّر هذا ويستبعد ذاك من رحمة الله، ويسفِّهُ هذا ويهمِّش ذاك، ويلعن هذا، ويكذب على ذاك وبدلًا عن المواجهة الصريحة مع الطاغوت الأمريكي والإسرائيلي الذي قلب حياتهم جحيمًا، يقوم بتفريغ غضبه في خلق الله باسم الدين يوزعهم على أقسام الجحيم، هؤلاء الجبناء الذين يتغطون بالغطاء الديني، هم أخطر أدوات تفتيت الأخلاق والقيم الدينية والإيمَـانية الصحيحة..
الخلاصة هي إن لم نتسلح بالولاء الإيمَـاني لهُــوِيَّتنا الإيمَـانية اليمنية التي كسرت كُـلّ قواعد الاشتباك مع الصهاينة والأمريكان وأذلتهم؛ فكل معاركنا خاسرة، إنه عصر الهُــوِيَّات المؤمنة التي لن تقبل بأي خروج عن قوانينها، ومهما حاولنا فلا نصر بعد اليوم إلَّا بالانصياع للهُــوِيَّة الإيمَـانية التي توحد المعركة، الوعي اليوم ألَّا نقبل أحدًا إلَّا بأخلاق وقيم وأعراف وتقاليد الهُــوِيَّة الإيمَـانية التي لا تجزء معركة محور المقاومة في فلسطين وَلبنان وسوريا والعراق واليمن وإيران.
الوعيُ اليوم أن المقاومةَ الفلسطينيةَ في قطاع غزة صمدت وانتصرت بثباتِها وَبكل متتاليات الرد من محور المقاومة وعلى رأسها متتالية الرد اليمني في البحر الأحمر، وَلم تطلب عوناً من أحد، ولم تستجدِ دعمًا لا سياسيًّا ولا ماديًّا من أحد، ومع ذلك فَــإنَّ فاقدي الهمة والنخوة والضمير كما تفعل أحزاب الإسلام السياسي الإخوانية، يعيبون عليها ردَّ فعلها على العدوان الصهيوني، بل إن من الأشياء المستفزة والحقيرة أن يتهم البعض- وهو إما من الغافلين أَو من المتنمرين الخونة – المقاومة الفلسطينية – بالمتاجرة بالدم الفلسطيني بينما هذه المقاومة لم تطلب ثمنًا لشهدائها ولم تخض مع الخائضين وحل المساومات ولم تبادل الشتائم مع من اتهمها، اليوم إما أن تكون مع محور المقاومة بلا شروط أَو أن تكون مع الكيان الصهيوني الغاصب ولا ثالث لهذا الأمر، وهذا هو أحد أهم نتائج متتالية الرد اليمني على أمريكا و”إسرائيل”..