كتبت مقالة بعنوان «الإسلام أمام مفترق طرق»*، وذلك مع صعود الإخوان المسلمين للحكم في مصر عند انتخاب مرسي رئيساً وصعودهم في عدد من الأقطار العربية كتونس واليمن بعد مبادرة الشؤوم الخليجية.
وخلاصة المقال أن الجماعة ظلت منذ تأسيسها ترفع شعار «الإسلام هو الحل»، وهذا يعني أنها ستحكم بالإسلام طالما صارت سلطة؛ فماذا لو فشلت في تحقيق أي إنجاز وسارت بالأمور من سيئ إلى أسوأ وتدهورت حياة الناس وصار الناس يترحمون على القبار السابق؟! ألن تكون هذه أكبر مذبحة يتعرض لها الإسلام في وعي الناس؟!
وفعلاً شهدنا حالات عزوف، لا، بل صار كثير من الشباب والمثقفين يُحمّلون الإسلام وزر هذه الشطحات والمزايدات الإسلاموية من جماعات براجماتية اتخذت من الدين ستاراً لتصعد إلى السلطة، وعندما صارت في السلطة عجزت واصطدمت بوقائع وإشكالات كثيرة**، وعجزت عن التوفيق بين شعاراتها ومتطلبات الواقع المتحرك.
ومازال هذا الأمر يحتم علينا جميعاً عدم تحميل الإسلام ما لا يحتمل؛ لأن الفشل في إدارة الشأن العام باسمه يصيب روح الأمة في مقتل، فإدارة الدولة الحديثة لها متطلبات تختلف عن إدارة السلطة في أشكالها القديمة، إذ تحتاج الدولة الحديثة إلى أدوات وإجراءات وقوانين وضعية تنظم حياة الناس المتشعبة، كما تحتاج إلى علوم ومعارف وخبراء ومتخصصين في مختلف المجالات، وليس إلى فقهاء أو وعاظ.
كما أنك ملزم بأن تدخل في علاقات دولية وتندمج مع المجتمع الدولي في تشريعاته واتفاقياته، وتتبادل مع الدول الأخرى منافع ومصالح. وإذا لم تنفتح على العالم بقدر الممكن، فإنك ستحكم على نفسك بالعزلة، والمزيد من العزلة يعني مزيداً من الفشل تحت شعار «الإسلام هو الحل»، يعني في المحصلة نسف للإسلام في وعي الناس.
ولذا أرى أن الحل أن نكف عن المبالغة في رفع الشعارات الطنانة الرنانة، وندع الدولة تدير نفسها بأدواتها، ونجعل الإسلام شأناً اجتماعياً، وليس شأن الدولة أن تكون مسلمة أو غير مسلمة، دولة لا تعادي الدين وترعاه؛ ولكن تجنبه أيضاً سخط الناس عليه في حال فشلت في تحقيق نهوض وازدهار اقتصادي، وحينها فليتحملها السياسيون ورجال الحكم. تحصين السياسيين بالشعارات الدينية أكبر كارثة تحيق بالدين. ولذا أكرر دعوتي بعد عشر سنوات من مقالي ذاك إلى تنزيه الدين وحمايته من وزر فشل الجهود البشرية!
المقال نُشر في صحيفة «الجمهورية» في عام 2013، وأعيد نشره في عدد من المواقع الإخبارية، ويمكن الحصول عليه عن طريق البحث في جوجل.
هناك إحصاءات عن تزايد عدد الملحدين في الوطن العربي بُعيد سقوط حكم الإخوان المسلمين في مصر، وكانت الأرقام مؤرقة.
* نقلا عن : لا ميديا