خلود لا يأفل ونجم لا يغيب وحضور يتجدد في قلوب المحبين، واستثناء لا يتحقق إلا للعظماء الذين حفرت أسماؤهم ومسيرتهم وقيمهم لتخلد في صفحات التاريخ ولتروى حكايتهم على مَر الأجيال.
• نموذج وطني راق، شريف ونزيه، مؤمن وصادق وخلوق ومتواضع، شهم وشجاع ومقدام، ذكي وصاحب كاريزما وحضور، كتاب الله نور بصيرته، يستشهد بالقرآن الكريم في كل حديثه وتحركاته لارتباطه الوثيق بالله، يقول عنه سيد الثورة إنهُ كان المسؤول الذي لم يجن من منصبه وموقع مسؤوليته أي مكاسب؛ لا مادية ولا غيرها، فلم يقهر أحدا ولم يجرح أحدا، ولا يُذكر الصماد إلا وسمعت الكل جميعاً يدعون لهُ بالرحمة متحسرين على فقدانه وخسارته التي أوجعت الشعب.
• الصماد.. الدمعة في عيون المظلومين، البسمة في وجوه المستضعفين، الأمل في قلوب المكلومين، الغد المنظور في نفوس المحرومين، مشروع العدالة الثورية الحي في أوساط الثائرين، الإنسان والرئيس المتواضع صدقاً في أوساط البسطاء الذين ينتمي لهم بكل وجدانه وجوارحه، أحبهم مجاهداً ورئيساً، وأحبوه لشخصه لا تملقاً ولا تقرباً أو خوفاً، الكلمة الطيبة بطيبتهِ التي تتسرب إلى القلوب من كل ملامحه بدون مكملات ولا تصنع أمام عدسات الإعلام لتصل قلوب الشعب وتأسر وجدانهم، فلم يكن بحاجة لغرف إعلامية ولا ذباب إلكتروني ولا مطبخ للمونتاج والتجميل والدعاية ولا.. ولا.. لا شيء مما يحتاجهُ الكثيرون اليوم، أخلص النية لله فأحبهُ الله وحبب خلقهُ فيه.
ادعاءات فقط
كل مسؤولي الدولة وشاغلي المناصب الحكومية بمختلف الفئات والدرجات عندما تحل ذكرى استشهاد الرئيس الصماد (رحمه الله)، يتداعون أفرادا ومؤسسات لزيارة روضة الرئيس الشهيد، وتقام الفعاليات، وهنا نسأل كل مسؤول: أين يرى نفسهُ من الرئيس الصماد ديناً وخلقاً ونهجاً وسيرة وسلوكاً ونزاهة وتواضعاً وعملاً وتعاملاً وقولاً وفعلاً؟! للأسف أغلبهم بعيدون كل البعد، والأحرى أن كل من يعني لهُ الصماد شيئاً عليه أن يقتدي بشيء منه، ولكن لا نرى سوى ضجيج دون نتيجة، وتنظير دون مخرجات، مجرد زيف وتصنع، فما جدوى تدهن البعض بالمسيرة والمشروع القرآني والشهيد القائد (رضوان الله عليه) وادعاء تولي سيد الثورة (يحفظه الله) والتسليم ونمـــــــوذج الرئيـــس الشهـيد (رحمه الله) وعهد مالك الأشتر، بينما في الخفاء يزيدون فسوقاً وقسوة وظلما وجوراً.
• الرئيس المجاهد الشهيد صالح الصماد من الشخصيات التي إحياء ذكراها هو الاقتداء بها والتخلق بأخلاقها، هو حي في قلوب عامة الشعب ممن افتقدوهُ ويشعرون بحجم خسارته بدون تحشيد ولا تلقين.. الصماد لم يمت، فمثلهُ لا يموتون وضريحه الشريف الطاهر شاهداً على خلودهِ، فمن يرى مئات المواطنين يومياً حول مرقده يعرف أنهُ فاز وخسرناه.
• عزاء استشهاده دائم في قلوبنا، عزاء اسشهاده لسيد الثورة (يحفظه الله) الذي أصابه الأعداء وآلموه في الشهيد الصماد، فقد كان الأمين المؤتمن والنموذج القرآني الحي على أرض الواقع للثورة والمسيرة القرآنية والصلة المخلصة بين سيد الثورة (يحفظه الله) وشعبه.
• كان إذا خطب طمأن، وإذا تسيس وسرد وقيم الوضع الداخلي طيب النفوس حتى في طرح الإشكاليات يشعر الناس بصدقه وأنهُ سيبذل أقصى ما يستطيع، وإذا كاشف الشعب يتكلم بمسؤولية، ولا يبرر ويجير الاستحقاقات على ما مضى من عهود وأنظمة سابقة، ولم يكن يقول «استلمنا الدولة وهي كيت وكيت..»، بل يقول «علينا مسؤولية، وللشعب حق، وواجبنا أن نتحملهُ ونبذل كل ما نستطيع وأكثر من ذلك لأجل الناس»، وكان مجرد سماع المواطن لهكذا طرح وصدقية تهدأ النفوس، رئيس يصل بكلماته لشعبه «أنا رئيس دولتكم ولكم الحق علي وأنا معكم ولأجلكم سأتحرك وأخوض الصعاب وأفعل المستحيل»، رغم أنه استلم الرئاسة في مرحلة صعبة جداً.
• الخطاب الذي ألقاه السيد عبدالملك، مساء الثلاثاء الماضي، كان هناك على جانبه الأيمن صورة الرئيس الشهيد صالح الصماد رحمه الله وعليها عبارة «رجل المسؤولية»، تطرق السيد القائد (يحفظه الله) لنقاط اختص بها الشهيد الصماد، ومن أهم ما لفتني فيها هو الأسباب التي دفعت العدو الأمريكي الصهيوني وأدواته لاستهدف الرئيس الشهيد.
• العدو دائماً ما يرصد ويحلل ويقيم، لذلك أدرك العدو الخطر الذي يشكله وجود الصماد كرئيس، وما بمقدوره أن يفعل، نظراً لما تمتاز بهِ شخصيته الذي تحظى بقبول واسع ونشاط غير عادي وقدرة على أن يكون محل إجماع منقطع النظير لدى كل فئات وشرائح الشعب اليمني، ولأن العدو لا يريد أن يكون الصماد كرئيس نموذجاً في اليمن ودول المنطقة، وهو ما دفعه لاغتياله، لأن هذا العدو يريد رؤساء عملاء ومكروهين من شعوبهم ليتمكنوا من السيطرة عليهم وتأمين الحماية لهم تحت لافتات مختلفة منها إيجاد معارضة داخلية، وتثوير الشعب وغيرها من اللافتات، بينما الرئيس الشهيد كان يمثل مشكلة لهم لأنه رئيس خال من العيوب.
• وهذا هو نفس السبب الذي جعل دول العدوان تتحرك لاغتيال الشهيد المجاهد أحمد العزي، والشهيدين المجاهدين الملصي والقوبري وآخرين من الذين تحققت على أيديهم إنجازات أوجعت دول العدوان في جبهات القتال لذلك تم استهدافهم وإزاحتهم عن المشهد.
• العدو لا يستهدف (س) أو (ص) من الناس، حتى وإن كان محسوبا من القيادات العليا للدولة، والسبب أنهُ لا يمثل الخطر الحقيقي، وإن لم يكن عميلاً، ويكفي أن يكون ممن يتحركون بشكل سلبي ونشاز، فيرى العدو في بقائهم إيجابية من منطلق أنهم يقدمون لهُ خدمة من حيث لا يعلمون، وذلك من خلال فسادهم وتوسيع سخط الناس من سلوكياتهم وتكدير الساحة الداخلية بممارساتهم، فيرى العدو في وجودهم مصلحة لأهدافه وخدمة لمشروعه لزعزعة استقرار الجبهة الداخلية، فعمى بصائرهم مفيد، كمن يعتلي محراثاً ويحرث الإسفلت أينما توجه وكيفما تحرك. في خيره يَكمن شر لأن النية فيها شيء لنفسه لا لله.
• لو لم يتبق من عقولنا شيء لنحتفظ بهِ من كل ما تسبب به العدوان السعودي الصهيوني الإماراتي على اليمن أرضاً وشعباً إلا فاجعة اغتيال الرئيس الشهيد صالح الصماد (رحمه الله) لما قال مواطن واصفاً النظام السعودي أنهم «أشقاؤهُ»، ففي هذا تسامح وعفو وصفح غير مقبول، فمن يقبل توددهم بعد كل هذا القتل والدمار فإن قولهُ مردود عليه لا يمثل الشعب، فهو يراهم أشقاء لهُ منطلقاً من رغد التسيس وترف النماء وازدهار الحصاد والاكتساب، ولا يعرف شيئاً عن ألم وأوجاع الشعب المكلوم، كيف استطاع تجاوز كل ما حصل ولايزال مستمرا إلى الآن، يطلب القرب منهم ببذل الغزل والتودد القبيح لمودتهم بلا حياء ولا خجل، غزل حرام رغبة في طلب رضاهم وصداقتهم، بينما طائراتهم وصواريخهم وجرائمهم تتجدد كل دقيقة، ودماء ضحايا صهينتهم تبلل كل شبر من تراب اليمن، والمعاناة والحرقة في كل قلب، الخوف أن يصبح اليهود الصهاينة غداً أبناء عم والصليبيين أصدقاء.
• حشوتم جيل العدوان من الأبناء بمجزرة تنومة وغيرها من جرائم العدوان، ويأتي اليوم من يطلق على العدو التاريخي لليمن واليمنيين بالأشقاء، كيف نوضح هذا التحول، وبم نبرر لهذا الجيل الذي ذاق ويلات العدوان السعودي وشهد سنين من حياته محسوبة عليه ولم يعش فيها الطفولة بسبب العدوان.. يا الله هكذا وبدون أي مقدمات يتحول السعودي ودول العدوان إلى أشقاء، سبحان مغير حال من وصفهم يغير نظرة الشعب على الواقع بما يداوي الجراح ويعالج التبعات ويعوض الآثار التي نتجت إلى الآن.
* نقلا عن : لا ميديا