مجاهد الصريمي
طباعة الصفحة طباعة الصفحة
RSS Feed مقالات ضدّ العدوان
RSS Feed
مجاهد الصريمي
الحذرَ الحذرَ
فلنبدأ من حيث بدأ "ع"
الوطن بعيون علوية
الأرضية الصلبة للتغيير
التغيير والمعوق الأكبر
من بركات الطوفان
قمة الشجاعة المسؤولة
من صور التلاعب بالدين
أبرز الحقوق بنظر علي
كيف تاه المسلمون قروناً؟

بحث

  
جوهر الدين نفسه
بقلم/ مجاهد الصريمي
نشر منذ: شهرين و 17 يوماً
الجمعة 16 أغسطس-آب 2024 07:24 م


 
لقد خلقَ اللهُ تعالى الإنسانَ وأكرمه بالعقل، ووفّر له سبلَ العيش وموارده، ومسالك الحياة المفتوحة أمامه تهيئةً لإقامة مجتمعات الحق والعدل والحرية والكرامة الإنسانية، ولكن هذا الإنسان طغت عليه مصالحه وأنانياته، واستغرقَ في خصوصيته وجزئياته ونزعاته الأولى، فتضخمتْ ذاتُه وتجبّر في سلوكه وعلاقاته مع نفسه ومع غيره، واعتبر نفسه محور الوجود كله.. نسي اللهَ فأنساه اللهُ نفسه، ونسي أيضاً معنى الوجود وقيمة الحياة وهدف الخَلْق.. وكان بديهياً أن يفضي هذا المناخ من تناقض المصالح وهيمنة الأهواء -وبالتالي شيوع الحرمان والتجبر والظلم والتفاوت والتمييز والإفساد- إلى اشتعال بؤر الصراعات وتفجُّر حركة العنف في المجتمعات البشرية.. نعم إنه الظلم والتكبر والهوى النفسي، وانتشار المظالم وتضييع الحقوق في كثير من أمم العالم وحضاراته رغم وجود الرسالات والرسل.
وفي مواجهة هذا الواقع، بقيت القيم الدينية المعيارية هدفاً أسمى للمسيرة البشرية رغم ما خالطها من شوائب وتأويلات، وما اعترى تطبيقاتها من ثغرات وأمراض وتعقيدات عملية.. حيث كان يُدْعَى لها على أعلى المستويات والأصعدة الفكرية وغير الفكرية.
ولكيلا يتخذ المنحرفون والطغاة الظالمون المفسدون في الأرض من الدعوة للالتزام الأخلاقي ستاراً لأهدافهم الشيطانية، ووسيلة لتضليل الناس، سالت الدماء الزكية وبُذلت المهج، لحملة راية ونهج ومشروع الإسلام الأصيل، والذي يؤكد على أنه لا يمكننا الوصول إلى تمثُّل القيم والفضائل الأخلاقية في مجتمعاتٍ يعاني فيها الإنسان من الظلم والحرمان والطبقية، وتسوده علاقات الفساد والتسلط والتطرف والفوضى والعبث واللا قانون والسلبطة والنهب... فبأي منطق إنساني أو بأي معايير دينية يمكن أن نناقش ونقنع إنساناً بضرورة تمسكه بأخلاق الدين أو بقوانين المجتمع الذي يعيش فيه، وهو يرى بعينيه ويلمس بيديه، الظلم والبؤس والشقاء، ويعاني من الطبقية والتمييز والفساد، بما ينعكس عليه اضطهاداً وانحطاطاً ومظالمَ لا تُحتمل في عيشه ومختلف شؤونه اليومية؟!
نعم هذا هو دين الله الذي من أبرز ما يوجده في وعي معتنقيه هو المبدأ القائل: إن تطبيق القيم والفضائل الدينية بصورة مثالية أو على الأقل واقعية نوعاً ما في هكذا مجتمعات أو بلدان تحارب العدل والمساواة، وتتعيش على الظلم والصراعات والتناقضات، وتتقوم بالفساد والنهب، هو أمر غير ممكن وغير وارد بالمطلق..! ولا يوجد مجتمع بشري نجحَ في بناء وإقامة أسس العدالة والمساواة مع إنسانه الذي ينتمي إليه، وهو (أي إنسانه) كان يعيش في ظل الخراب والدمار والظلم..!
وعليه لا بد من الإدراك لأهمية التوازن بين الحقوق والقيم.. إذ إنه، قبل أن نطالب وتُطالِبَ الناس بالتربية والثقافة والوعي الحضاري والمدني وضرورة التنشئة التربوية الصحيحة وأهمية تطبيق القانون والالتزام بمعايير الأخلاق والفضائل (وهذا كله مهم للغاية)، علينا جميعاً أن نؤمن مناخات التطبيق السليمة.. فمشروعنا قائم على بناء الإنسان أولاً، وبناء وصياغة الإنسان الفرد المواطن وليس الإنسان الرعية العبد، أهم من القانون وحتى الأخلاق ذاتها، لأنه أساس الوجود كله، ولهذا فإعطاؤه حقوقه وتأمين احتياجاته ومتطلباته والسعي الحثيث والجدي، في سبيل تنمية قدراته واستثمار طاقاته ومواهبه الخلاقة والمبدعة هو جوهر التطبيقات القيمية والقانونية بل جوهر الدين نفسه.

* نقلا عن : لا ميديا

تعليقات:
    قيامك بالتسجيل وحجز اسم مستعار لك سيمكنكم من التالي:
  • الاحتفاظ بشخصيتكم الاعتبارية أو الحقيقية.
  • منع الآخرين من انتحال شخصيتك في داخل الموقع
  • إمكانية إضافة تعليقات طويلة تصل إلى 1,600 حرف
  • إضافة صورتك الشخصية أو التعبيرية
  • إضافة توقيعك الخاص على جميع مشاركاتك
  • العديد من الخصائص والتفضيلات
للتسجيل وحجز الاسم
إضغط هنا
للدخول إلى حسابك
إضغط هنا
الإخوة / متصفحي موقع الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره نحيطكم علماُ ان
  • اي تعليق يحتوي تجريح او إساءة إلى شخص او يدعو إلى الطائفية لن يتم نشره
  • أي تعليق يتجاوز 800 حرف سوف لن يتم إعتماده
  • يجب أن تكتب تعليقك خلال أقل من 60 دقيقة من الآن، مالم فلن يتم إعتماده.
اضف تعليقك
اسمك (مطلوب)
عنوان التعليق
المدينة
بريدك الإلكتروني
اضف تعليقك (مطلوب) الأحرف المتاحة: 800
التعليقات المنشورة في الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر عن رأي الموقع   
عودة إلى مقالات ضدّ العدوان
مقالات ضدّ العدوان
محمد محسن الجوهري
إلى وزراء أنصار الله... لستم كغيركم
محمد محسن الجوهري
علي جاحز
حقائق..كشفها الطوفان باكرا
علي جاحز
طه العامري
"طوفان الأقصى" معركة فلسطينية بامتياز..؟!
طه العامري
عمر القاضي
حكومة جديدة لنج
عمر القاضي
عبدالفتاح علي البنوس
واقع الأمة .. والمخاطر الحقيقية
عبدالفتاح علي البنوس
حسني محلي
طوفان الأقصى.. من "محرقة" هتلر إلى مجازر نتنياهو "1-2"
حسني محلي
المزيد