عروجًا بلا قيدٍ جناحي قصيدتي
إليكَ وفي معناكَ طينُ الحقيقةِ
وأنتَ مطارٌ كالسّماواتِ غائمٌ
فكيفَ هبوطي في البروقِ الغزيرةِ؟!
وريشُ قوافي الرّوحِ ما جالَ أعْصُرًا
سوى الآن، والأزمانُ صارتْ خريطتي
تفحصّتُ فيها الليلَ والصبحُ لازبٌ
تصَلصَلَ في الأسماءِ قبلَ الخليقةِ
أُدحرجُ رأسَ الغيبِ للبدءِ مبصرًا
لأعبرَ فيه المنتهى في الصحيفةِ
رأيتُكَ نورَ الطينِ قبل ابتدائنا
فأنتَ وطه كنتما نورَ طينتي
فكمْ حارَ في معناكما ذهنُ آدمٍ
إذا رتّلَ الأسماءَ نورُ البصيرةِ
محمدُ مقرونٌ مع اللهِ في اسْمهِ
وأنتَ لطه البابُ في كلّ سيرةِ
أبًا لترابِ الأرضِ، هل كانَ صدفةً
يكنّيكَ طه؟... قاصدٌ خيرَ كنيةِ
أبًا لترابٍ فيهِ أسجدتُ جبهةً
وحتى فناءِ الطينِ تبقى هويّتي
* * *
أطوفُ بأصلابِ الصباحاتِ كعبةً
فأشرقتَ من أركانها كالظهيرةِ
وكانتْ خيوطُ الشّمسِ شعّتكَ باسمًا
إذا قُلتَ للأضواءِ أنتم عشيرتي
بزغتَ ببيتِ اللهِ؛ خُذني بومضةٍ
تلوحُ على أسْفارِ شعري الحزينةِ
وخذني بأخرى بعد ليلِ ابْنِ ملجمٍ
إلى فجركَ الباقي بقاءَ الشريعةِ
وخذني لأصطادَ الشظايا بوجههِ
وأفصلَ خيطَ الصبحِ عن كلِ ليلةِ
أصومك في جرحي الذي إنْ نزفته
أرقتُ سحوري قبل صومي مصيبتي
فبئرُ مساءاتِ الدُّجى نحوَ قاعِهِ
صببتَ دلاءَ النورِ قبلَ البحيرةِ
وأرنو بآبارِ السّماءِ انعكاسَها
فدوّنتُ في حيطانِها اسْمِي وبيعتي
* * *
أهاجرُ طينًا فيكَ يتلوكَ والمدى
جهاتُكَ يا منْ أنتَ بابُ المدينةِ
أزمُّ مسافاتي وزوّادتي رؤىً
وأنتَ امتدادي في الدّروبِ الطويلةِ
سبَحْتُ بلا جوٍّ إلى كلِّ موضعٍ
لأرنوكَ سقفًا للسّماءِ الأخيرةِ
وطرتُ بلا ماءٍ على خيلِ ريشةٍ
وفي حمئي المسنونِ تُملي رقيمتي
ببابكَ مسكينُ المسافاتِ واقفٌ
وخطوُ اليتامى دونَ دربٍ فسيحةِ
أسيرُ ولاقيتُ الأسيرَ قصائدًا
قصيدته مثلي مضتْ كالأسيرةِ
تمرأى بوجهي العتقُ قرصًا منحتَهُ،
ببردةِ عتقٍ أنتَ تطوي خطيئتي
لأدخُلَني حقلًا من الشّعرِ أينعتْ
سنابلُهُ إذْ أنتَ تروي حديقتي
وللماءِ أصلابٌ فأبناءُ زمزمٍ
تجلّوا غديرًا فيهِ تمضي سفينتي
فأسري بمجدافي وجدتُكَ ضِفّتي
وشاطئَ عفوٍ فيهِ تُرْسِي قصيدتي