صباح يوم العاشر من نيسان عام 1974 مرّ شبان ثلاثة، كان الشاعر اللبناني طلال حيدر قد اعتاد رؤيتهم صباح مساء كل يوم من على شرفة منزله، يحيونه ويمضون من دون معرفة بينه وبينهم. وعد نفسه أن يفاتحهم عن سبب دخولهم تلك الغابة في الصباح.
وعلى غير العادة لم يعد هؤلاء الشبان، فأبدى الشاعر قلقه من عدم عودتهم مساء ذاك اليوم الربيعي. وفي صبيحة اليوم التالي فوجئ بأنهم ليسوا سوى فدائيين نفذوا عملية جريئة في فلسطين المحتلة.
ففي 11 أبريل 1974 اقتحمت مجموعة من 3 من مقاتلي الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة مستعمرة "كريات شمونة" شمالي فلسطين المحتلة بالقرب من قرية الخالصة الفلسطينية قضاء صفد، وسيطرت على مدرسة وبناية تتكون من 15 شقة واحتجزت عدداً من الرهائن بعد معركة مع قوة صهيونية.
والفدائيون هم:
ياسين موسى فزاع الموزاني، العراق، مواليد عام 1954- قائد المجموعة.
منير المغربي، فلسطيني، من مواليد عام 1954.
أحمد الشيـخ محمود، من حلب- سورية، مواليد عام 1954.
تقدم الفدائيون بمطلبهم:
1. إطلاق سراح 100 أسير فلسطيني مقابل إطلاق الرهائن المحتجزين، وعلى رأسهم كوزو اوكوموتو، فدائي ياباني اشترك في عملية مطار اللد، وعدد من الفدائيات الفلسطينيات، والفدائيين الجرحى والمصابين وبعض الأسرى حسب أقدميتهم في الأسر منذ العام 1966.
2. ترحيل الأسرى إلى أقرب بلد عربي مجاور.
3. أن يتم ذلك خلال 6 ساعات.
ووزعوا منشورات باللغتين العربية والعبرية جاء فيها: "لا يمكن لنا أبداً أن نقبل بتواجدكم الاستعماري الاستيطاني، وإننا نحب السلام ونحارب من أجله... أمامكم خياران: إما الرحيل وإما الموت، فارحلوا لنعيش بسلام".
رفضت سلطات الاحتلال مطالب الفدائيين، وعززت قواتها في المستعمرة، وشنّت هجوماً على المبنى الذي يحتجز فيه الرهائن. ودارت معركة عنيفة بينهم وقوات العدو. نفذ الفدائيون إنذارهم وقاموا بتفجير المبنى بعد أن زرعوا العبوات الناسفة في أماكن مختلفة منه.
انتهت العملية باستشهاد الفدائيين الثلاثة، ومقتل 18 صهيونياً وجرح 15 آخرين، إضافة إلى الخسائر المادية.
يومها قرر الشاعر طلال حيدر أن ينظم فيهم قصيدة شعرية عنوانها "وحدن بيبقوا متل زهر البيلسان"، غنتها المطربة الكبيرة السيدة فيروز، وارتبطت تلك الأغنية بتلك العملية الجريئة.
* نقلا عن : لا ميديا